قال دبلوماسي مصري سابق، عمل سابقاً في البعثة المصرية لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي، إن الإمارات تسعى لتقديم نفسها كراع لأي اتفاق بين إسرائيل وأي دولة عربية، كما تريد تقديم نفسها للغرب باعتبارها عرّاب السلام بين العالم العربي وإسرائيل، في ظل تراجع الدور المصري في هذا المجال.
وأضاف الدبلوماسي، في حديث مع "العربي الجديد"، تعليقاً على اتفاقية "الماء مقابل الكهرباء" التي وقّعها الأردن مع الاحتلال، برعاية ودعم من الإمارات، الإثنين الماضي، أن هذا يحدث في الوقت الذي يتعامل فيه "الحليف التركي" بندية، أحياناً كثيرة تغضب الغرب وإسرائيل، بينما تحتفظ إيران بموقعها كعدو لدود في المعادلة.
مصر لا تريد أن تغضب إسرائيل، لا سيما مع تحسن علاقة القاهرة بواشنطن
في السياق، استبعد دبلوماسي مصري آخر، تحدث لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، أن يكون الاتفاق الأخير الموقّع بين الأردن وإسرائيل قد أغضب الإدارة المصرية، التي أصبحت متماهية في كثير من مواقفها مع الإمارات والسعودية. وقال إنه منذ سنوات طويلة والنظام المصري يتعامل في الملفات الخارجية ليس بمنطق المصلحة العليا والأمن القومي للبلاد، ولكن بمنطق المصالح الشخصية، مشيراً إلى "اتفاق إعلان المبادئ" الموقّع عام 2015 بين إثيوبيا ومصر والسودان بشأن سد النهضة، واتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
وأضاف أن مصر "لا تريد الآن أن تغضب إسرائيل بطبيعة الحال، لا سيما مع تحسن علاقة القاهرة بواشنطن، أخيراً، مع تدخّل الأولى في ملف حفظ الأمن في قطاع غزة، وملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، وجهود الإفراج عنهم، وهي الوساطات التي جعلت الأميركيين يتغاضون عن سياسات النظام المصري في مجال حقوق الإنسان، والذي تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، قبل انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، بعدم التهاون فيه".
وأوضح أن "القاهرة لن تُقدم على خطوة منافسة إسرائيل في ما تعتبره الأخيرة سوقاً لها في الأردن في مجالات المياه والغاز والطاقة"، مشيراً إلى أن "مصر نفسها تشتري غازاً طبيعياً لا تحتاج إليه من إسرائيل، لمجرد تحسين العلاقات معها". وأضاف أنه بسبب ذلك "توجّهت مصر أخيراً إلى أسواق أخرى، كالعراق على سبيل المثال، والذي تسعى القاهرة لإقامة خط كهربائي معه يمر عبر الأردن بقدرة ألف ميغاوات، وإنشاء خط أنابيب لنقل النفط الخام من العراق إلى مصر والأردن".
وربط الدبلوماسي الإعلان الأخير بين الدول الثلاث، والخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، والتي تشترط التعاون الاقتصادي بين الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية، موضحاً أن الخطة "تستلزم وجود (تكامل اقتصادي) بين إسرائيل والعرب يستحيل معه التفكير في الحرب، لأنها سوف تضر الجميع وقتها".
وأشار إلى أن "فكرة التكامل الاقتصادي بين العرب وإسرائيل، فكرة قديمة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، الذي كان يرى أن حالة العداء بين العرب وإسرائيل لم تصل إلى حد العداء الذي كان بين الأوروبيين في الحربيين العالميتين الأولى والثانية، ومع ذلك أنشأ الأوروبيون السوق المشتركة قبل تأسيس الاتحاد الأوروبي، والتي كانت سبباً في تحقيق السلام بينهم". وأوضح أن "بيريز كان يعتبر أن حالة الحرب الدائمة ستجعل العرب نداً لإسرائيل، بينما تحقيق تكامل اقتصادي يكون لإسرائيل اليد العليا فيه هو الأفضل بالنسبة لهم".
وشكك الدبلوماسي في الأنباء التي تحدثت عن أن السعودية سعت لوقف صفقة التعاون في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحلية المياه، وأن الإمارات وإسرائيل تمكنتا من التفاوض على الصفقة بسبب إبرامهما لـ"اتفاقيات أبراهام" (اتفاقيات التطبيع) العام الماضي، بينما عدم امتلاك السعوديين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل أدى لاستبعادهم، قائلاً إن "مثل هذه الأنباء يكون هدفها في الغالب الضغط على السعودية من أجل الانخراط في علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مثل الإمارات والبحرين".
خبير مصري: إسرائيل تسعى بالتعاون مع الإمارات للسيطرة على "بيزنس" تحلية المياه في المنطقة
وكان موقع "أكسيوس" الأميركي قد نقل عن مسؤولين إسرائيليين اثنين ومصدر آخر القول إن "الحكومة السعودية ضغطت على الإمارات للتراجع عن صفقة كبيرة لتوليد الطاقة الشمسية مع إسرائيل والأردن". وذكرت المصادر الثلاثة، بحسب الموقع، أن المسؤولين السعوديين "كانوا مستائين لأنهم شعروا بأن الصفقة قوضت خطط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لقيادة المنطقة في ما يتعلق بالمناخ من خلال مبادرته الشرق الأوسط الأخضر".
وفي السياق، قال خبير مصري في الطاقة والمياه، مفضّلاً عدم نشر اسمه، إن "إسرائيل تسعى بالتعاون مع الإمارات للسيطرة على (بيزنس) تحلية المياه في المنطقة"، مضيفاً أن "جزءاً من خطة حصار مصر بأزمة سد النهضة هدفه دفعها لشراء تكنولوجيا تحلية المياه من إسرائيل والإمارات، حتى لو لم تتأثر حصة مصر من مياه النيل، وسوف تفرض عليها المياه المحلاة".