تعرّض دونالد ترامب لضربات قضائية واحدة تلو الأخرى في ظل اتهامه بالاعتداء جنسياً على كاتبة، ودفعه أموالاً لنجمة أفلام إباحية، ولكن لم يتضح بعد إلى أي مدى يمكن أن يكلّفه ذلك بأوساط الناخبات في مسعاه لبلوغ البيت الأبيض مجدداً.
وقلل ترامب، المرشّح الجمهوري الأبرز لانتخابات 2024، في وقت متأخر الأربعاء الماضي، من إمكانية أن يدفع قرار هيئة المحلفين في نيويورك تحميله مسؤولية الاعتداء على الكاتبة السابقة في مجلة "إيل"، إي. جين كارول، النساء للعزوف عن التصويت له.
وقال ترامب، لدى ظهوره في مقابلة مع "سي إن إن"، تم بثّها على الهواء مباشرة، "كلا، لا أعتقد ذلك"، مضيفاً في إطار حديثه عن كارول "لا أعرف هذه المرأة، لم ألتق بها قط. ولا فكرة لدي عمن تكون".
وبموجب الحكم الصادر في القضية المدنية، ألزم ترامب بدفع تعويض قدره خمسة ملايين دولار، فيما لا يزال الرئيس السابق يواجه عواقب قانونية لسلسلة اتهامات بالاعتداء الجنسي، تعود إلى عقود، ونفاها كلها.
وجاء ذلك بعد شهر من إصراره على براءته من 34 تهمة في قضية جنائية اتُّهم فيها بتزوير سجلات تجارية، في إطار حملة عام 2016، لإسكات ممثلة الأفلام الإباحية، ستورمي دانيالز، التي تزعم أنها أقامت علاقة مع ترامب قبل سنوات.
وتستبعد الخبيرة السياسية، ديبي والش، أن تغيّر هزيمة ترامب أمام كارول الآراء في أوساط قاعدته الانتخابية، إذ إن الموالين له بقوا إلى جانبه طوال سنوات رغم الجدل بشأن ملفات جنسية تُسقط عادة العديد من السياسيين.
وتضيف والش، التي تتولى إدارة مركز النساء والسياسة التابع لجامعة "روتغرز"، "أعتقد أن الأمر يمكن أن يؤثر إذا كان مرشّحاً في انتخابات عامة".
ويتعيّن على ترامب (76 عاماً) جذب تأييد واسع النطاق والتوجّه إلى فئات أخرى غير أتباعه التقليديين من البيض، وأصحاب الياقات الزرقاء، من أجل استعادة الرئاسة.
وتُعد النساء من بين الشرائح التي سيحتاج على الأرجح لكسب تأييدها، حيث فاز الرئيس الحالي جو بايدن بأصوات 55 في المئة من الناخبات عام 2020 مقارنة بـ44 في المئة لترامب، بحسب دراسة لمركز "بيو للأبحاث" صدرت في حزيران/يونيو 2021.
ويُستبعد أن تشجّع مسؤولية ترامب عن الاعتداء الجنسي والتشهير، بعدما وصف كارول بأنها "مخادعة تماماً" إثر اتهامها العلني له، النساء على التصويت له، بحسب والش.
وقالت والش إن "أحد الأمور التي تسبب بها ترامب للحزب الجمهوري كانت خسارة قاعدة الحزب الجمهوري لبعض النساء البيضاوات ذوات التعليم الجامعي، اللواتي كن جزءاً يمكن الاعتماد عليه".
مستقلون
ولكن الاتهامات والتسجيل الصوتي فشلت في تقويض مساعي ترامب للفوز بالرئاسة حينذاك ونجح في هزيمة هيلاري كلينتون. وبعد يوم على تنصيبه، خرجت ملايين النساء في مسيرات في واشنطن وغيرها للتعبير عن معارضتهن للرئيس الـ 45 للولايات المتحدة.
ومُني ترامب مذاك بثلاث هزائم انتخابية خلال أربع سنوات: في انتخابات منتصف الولاية الرئاسية عام 2018 عندما سيطر الديمقراطيون على مجلس النواب، وخسارته في 2020 أمام بايدن، وانتخابات منتصف الولاية العام الماضي أيضاً عندما وعد بموجة جمهورية حمراء في الكونغرس لم تتجسد قط.
وفي انتخابات عام 2020، اختار معظم الناخبين المستقلين بايدن، وهو اتّجاه سيتعيّن على الجمهوريين تغييره لاستعادة البيت الأبيض في 2024.
وتهدد سلسلة القضايا التي يواجهها ترامب، والتي تشمل تحقيقات في مساعيه لقلب نتيجة انتخابات 2020 وطريقة تعامله مع وثائق سرّية، بدفع الناخبين الذين لم يحسموا مواقفهم للعزوف عن التصويت له. كما توفر ذخيرة لمنافسيه الساعين للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لهزيمة الرئيس الحالي جو بايدن.
وجاء في افتتاحية صحيفة "نيويورك بوست" الصفراء المحافظة، الثلاثاء الماضي، "سيكون للخصوم الجمهوريين الحق في الإشارة إلى أنه كيفما التفت ترامب، تلاحقه عاصفة من الاتهامات البغيضة".
ولم يصدر أي تعليق بعد من خصوم ترامب الأبرز مثل حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، ومندوبة واشنطن السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي.
لكن بعض الشخصيات لم يترددوا في التحدّث علناً، مثل الحاكم السابق لولاية أركنسا، آسا هاتشينسون، الذي قال إنه يجب التعامل "بجدّية" مع الحكم الصادر في قضية كارول، وخصوصاً أنه يعد "دليلاً آخر على سلوك دونالد ترامب الذي لا يمكن الدفاع عنه".
(فرانس برس)