رصدت صور لأقمار اصطناعية، تسارع الأعمال الإنشائية الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، وهو ما فسّره البعض بأن أديس أبابا، تستغل الأحداث الحاصلة في السودان، من أجل الانتهاء من أعمال البناء في السد.
وكشف أستاذ هندسة السدود المصري محمد حافظ، عبر صفحته على "فيسبوك"، أن الحكومة الإثيوبية تكثّف العمل في الإنشاءات الخاصة بسد النهضة الكبير، الذي يؤكد كل من السودان ومصر أنه يهدد حصتيهما من مياه النيل.
ونشر حافظ صورة توضح منسوب السطح الخرساني بالكتلة الغربية، وأيضاً منسوب السطح الخرساني للممر الأوسط. وقال إنه "يمكن ملاحظة أن المنسوبين تقريباً على نفس المستوى، ويمكن ملاحظة أن العمل يتم بشكل مكثف، لرفع منسوب الكتلة الغربية، ورفع الممر الأوسط".
نجلاء مرعي: الاضطراب الأمني في السودان سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المرتقب
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال حافظ إنه "لا يعتقد أن تكثيف عمليات البناء في السد، له علاقة بالأحداث الجارية في المنطقة، لأن إثيوبيا من الناحية الفنية البحتة قادرة على الوصول إلى منسوب 625 متراً، قبل أن تتطور الأوضاع في السودان".
استغلال إثيوبيا للأحداث في المنطقة
لكن الأستاذة المساعدة للعلوم السياسية، وخبيرة الشؤون الأفريقية، نجلاء مرعي، رأت خلاف ذلك، إذ قالت في حديث لـ"العربي الجديد": "بكل تأكيد الجانب الإثيوبي دوماً ما يستغل الأحداث المضطربة في بلدان المنطقة، فعندما يعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد أن الأحداث في السودان ستعوق المحادثات، رغم عدم وجودها، فهذا تضليل للرأي العام والمجتمع الدولي".
وأضافت: "لا ننسى أن إثيوبيا أعلنت عن سد النهضة بعد 40 يوماً فقط من تنحي الرئيس المصري الراحل حسني مبارك عن الحكم في 2011، ففي كل مرة تستغل إثيوبيا أحداث دول المصب".
وتابعت: "لا ننكر أن هناك تحدياً يواجه مصر والسودان الآن بخصوص مصالحهما المشتركة، فيما يتعلق بسد النهضة، خصوصاً أنه لا يمكن التعويل الآن على السودان في اتخاذ موقف موحد ومتماسك، ما سيؤدي إلى حضور إثيوبي إقليمي على حساب السودان، ويزيد من تعقيد الأمور في ملف سد النهضة، ويرفع مستويات المواجهة".
ولفتت إلى أن "الاضطراب الأمني الموجود حالياً في السودان، سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المرتقب، وهذا أيضاً سيزيد من الأعباء على الجانب المصري وتحركاته الدولية".
من جهته، قال الباحث المصري في مجال البيئة والتنمية، منسق منتدى "الحق في المياه بالمنطقة العربية"، عبد المولى إسماعيل، لـ"العربي الجديد"، إنه "مع استمرار إثيوبيا في سياسة ملء خزان السد، وعند الوصول لاكتمال الملء الرابع لسد النهضة، لن يكون أمام دولتي الممر والمصب أي بدائل للحفاظ على حقوقهما في الوصول للمياه، سوى السعي الحثيث للتفاوض مع إثيوبيا، ومحاولة إثنائها عن التصرف الأحادي، سواء فيما يتعلق بالملء، أو تبادل المعلومات، أو التعاون المشترك، مثلما نص إعلان الخرطوم في 2015، خصوصاً أن هناك أخطاراً يمكن أن يتعرض لها سد الروصيرص في الخرطوم".
إثيوبيا تتبع سياسة الأمر الواقع
وأضاف إسماعيل: "أن اتباع سياسة الأمر الواقع من قبل الطرف الإثيوبي، هو المنهج المتبع حتى الآن، خصوصاً في ظل غياب أي أفق للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لإدارة هذا الإرث الإنساني المشترك".
وأعرب عن اعتقاده أن "هذا التصرف الأحادي من دون التعاون المشترك سيجعل من منطقة حوض النيل ساحة توتر بدلاً من كونها ساحة للتعاون، وهي محاولة لفرض مزيد من الضغط على الحصص المائية لدولتي الممر والمصب في المستقبل، خصوصاً في ظل الاستمرار في الملء الرابع، من دون أي أفق في الوصول إلى اتفاق قانوني يمكن أن يضمن الحقوق المائية، وما يترتب على ذلك من مشكلات بيئية وغذائية وغيرها".
عبد المولى إسماعيل: هذا التصرف الأحادي سيجعل من منطقة حوض النيل ساحة توتر
ورأى إسماعيل أن "الاتحاد الأفريقي عاجز عن فرض أي اتفاق ملزم، ومن ثم ليس لنا أي بدائل سوى السعي الحثيث للوصول إلى اتفاق قانوني. وهذا الاتفاق القانوني في حال الوصول إليه، لن يكون كما كان في السابق، بل سيفرض شروطاً جديدة، وهذا ما يجب الحذر منه مستقبلاً".
انخفاض مخزون سد الروصيرص
وكان أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، عباس شراقي، قد كشف عن "انخفاض في مخزون سد الروصيرص بالسودان، عن مثيله في نفس الوقت من العام الماضي، بسبب قلة كميات المياه التي تصل إليه من إثيوبيا".
وقال شراقي، على صفحته في "فيسبوك"، إن "هذا الوضع من المتوقع أن يستمر حتى انتهاء التخزين الرابع في سبتمبر/أيلول المقبل، وأن السودان قد لا يفرغ سد الروصيرص كما هو معتاد كل عام استعداداً للموسم الجديد، بل قد يواجه نقصاً مائياً إذا لم تفتح إثيوبيا البوابة الثانية، أو البوابة الحالية بكامل طاقتها".
وأكد شراقي أنه "جارٍ رفع جانبي سد النهضة مع الممر الأوسط، ولا توجد بيانات دقيقة عن المستوى الحالي سوى بعض الصور غير الواضحة لجسم سد النهضة، والتي من خلالها يمكن استنتاج الارتفاع التقريبي للممر الأوسط 518 متراً، والجانبين 525 متراً. وفي جميع الأحوال من المتوقع أن يصل الممر الأوسط إلى منسوب 620 متراً فوق سطح البحر إن عاجلاً أو آجلاً، وأمام إثيوبيا عدة أشهر للانتهاء من التعلية حتى بداية سبتمبر القادم".