كشف الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد" اليوم الأحد، أن الأحزاب الديمقراطية (الجمهوري والتكتل والتيار الديمقراطي) التي دعت منذ أيام للحوار ستعرض، بداية من هذا الأسبوع، ورقة عمل على المنظمات الوطنية والمدنية بتونس.
وقال الشابي إن "الحوار ليس معروضا على القوى الديمقراطية فقط، التي يمكن لها أن تتحالف وتتجمع معا، ولكن الحوار وطني وجامع أو لا يكون، والأزمة تقتضي جلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار للبحث عن حل والتوافق على الحد الأدنى المشترك، وهو متاح وموجود".
وأفاد بأن "تونس تحتاج اليوم قوة سياسية تدفع وتهيئ ظروف ومتطلبات الحوار، وأيضا فرضه، خاصة أن الرئيس قيس سعيّد يرفضه"، مبينا أن "الداخل والخارج يضغطان من أجل الاستقرار، وهو ضغط إيجابي، فتونس في وضع إقليمي ولها نسيج من العلاقات الدولية، وعندما تتضافر هذه الجهود سنصل إلى نتيجة".
ويرى الشابي أنه "لا بد من خطوة نوعية للخروج من حالة التقييم للمشهد نحو وضع خطوات ملموسة لفرض الحوار كأجندة وطنية"، مؤكدا أنهم "سيتوجهون لاتحاد الشغل وكل المنظمات المدنية والحقوقية".
وبيّن أن "الاتحاد قد يكون هو الجهة الراعية نظرا لرمزيته ودوره ومكانته"، مضيفا أن "الطبيعة تأبى الفراغ، ولا يجب القبول بالواقع وباستمرار الوضع".
كذلك أكد أن "أولى الأولويات الآن، حكومة إنقاذ وليس حكومة الرئيس، تحظى بتأييد المجتمع والقوى وتطلق يدها بهدف منع الانهيار القادم قبل كل شيء"، مشيراً إلى أن "المبادرة ينبغي أن تكون قبل 20 مارس/ آذار القادم، أي التاريخ الذي حدده سعيّد لتقديم مخرجات استشارته الإلكترونية التي استبق الإعلان عن نتائجها منذ أيام".
وأوضح أنه "لا بد من الاستباق حتى لا يكون الموقف بمثابة رد فعل أو مواجهة أمر واقع".
الشابي: الحوار ليس خيارا إنما ضرورة
وحول ما إذا كانت الظروف السياسية قد نضجت بما فيه الكفاية لإطلاق حوار في البلاد، أوضح الشابي أن "الأزمة في تونس وصلت إلى حد معقد موضوعيا بعيدا عن الشعارات والتحاليل المخيفة، وهناك تقارير جدية صادرة عن مؤسسات دولية مهمة تنبه إلى كل هذا، ومنها ما صدر عن البنك الدولي الذي بيّن أن الأزمة خطيرة وقد تخرج عن السيطرة، وكذلك تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس، الذي أكد أن تونس من بين خمس دول في العالم مهددة بالانهيار، يضاف إليها تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي نادرا ما يتحدث عن الشأن الداخلي للدول، ولكنه قال إنه قلق على الوضع في تونس، وأخيرا تقرير مجموعة الأزمات الدولية الصادم."
وأضاف أن "أهم مراكز القرار الدولي تقول إن الوضع في تونس خطير ومقلق ويستدعي حلا عاجلا، فما بالك بالمواطنين الذين يعيشون في تونس ويشاهدون عناصر الانهيار، فالأزمة الاقتصادية والمالية لا تحتمل، والخبز مفقود في بعض المناطق، والحاجيات الأساسية مثل الدواء غير متوفرة، والمزودون في الخارج لم تعد لديهم ثقة في سداد الدولة، وأصبحوا يطالبون بالتسديد بالحاضر، والحكومة عاجزة عن إدارة الدولة".
وقال الشابي إن "الخوف اليوم هو أن يستمر هذا الوضع وتخرج الأوضاع عن السيطرة"، مؤكدا أنه "ساعتها لا المجتمع المدني ولا المنظمات ولا الأحزاب ستكون قادرة على الخروج من الأزمة".
ولفت إلى أن "هذا الوضع يمنعنا من البقاء في موقف المتفرج أو المندد، ويدفعنا نحو التحرك، خاصة أن الجهة التي من المفروض أن تدفع للحوار، رئاسة الجمهورية، ترفضه وتبقى في حالة إنكار، وبالتالي، فالحوار من دون رئيس الجمهورية ليس خيارا إنما ضرورة، فقد أعيتنا الدعوات ولكنه يرفض الحوار".
ولفت إلى أن "سعيّد لم يعد جزءاً من الأزمة فحسب، بل عمقها، وبدل أن يجمع فإنه لا يعترف لا بالتعدد ولا بالشركاء في الوطن، بل يعتبر أنه المسؤول عن البلاد وأنه يمثل الشعب، ونحن لا يمكن أن نرهن مستقبل البلاد في يد شخص لا يؤمن بالحوار".
أي دور للاتحاد العام التونسي للشغل؟
ومع تصاعد الدعوات إلى الحوار الوطني، محليا ودوليا، تتجه الأنظار بالضرورة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل، وما إذا كان مستعدا للعب هذا الدور، خصوصا أنه بقي في منطقة وسط بين سعيّد ومعارضيه، ونجح في التموقع إلى حد الآن بحيث ما زال يمكنه لعب دور الوسيط، ولكن المعضلة ترتبط بتصلب الرئيس التونسي في مواقفه وفي مدى استعداده لحوار، سيضطر إليه اضطرارا متى فقد كل أوراقه، ولكن يعتقد أن الوقت لا يزال مبكرا نسبيا بالنسبة إليه.
وفي هذا الصدد، صرح الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي نور الدين الطبوبي قائلا "لا نعطي صكا على بياض لأحد، والجميع أخطأ والحل تشاركي بالضرورة"، مضيفا في مؤتمر نقابي، أمس السبت، أن "جميع الأطراف في حاجة للقيام بمراجعات".
وفيما أكد أن "البلاد ليست لعبة"، تسائل قائلا "هل نترك البلاد تنهار؟".
ولفت الطبوبي قبل ذلك، في اجتماع بمدينة قفصة الجمعة، إلى أن "الوقت لم يعد في صالح البلاد، وعلى جميع الأطراف أن تثوب (تعود) إلى رشدها، خاصة أن لنا القدرة لتجاوز الأزمة".
وشدد على "ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد حلّ تونسي تونسي، لا يمكن لتونس الصبر أكثر لأن كل الأضواء الحمراء اشتعلت".
وأوضح الطبوبي أن "الأطراف المعنية بالحوار هي كل تلك التي تؤمن بالنظام المدني والجمهوري وبحرية التعبير وبتوازن السلط، وتقبل بالنقد الذات"، مضيفا "بهذه الطريقة لا أحد سيربح، ونحن لن نترك بلادنا تغرق، وهذا هو الاتحاد".
يذكر أن مجموعة الأزمات الدولية وضعت تونس، في تقرير لها بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني الجاري، في قائمة المراقبة لعشرة بلدان تواجه صراعات مميتة أو حالات طوارئ إنسانية أو أزمات أخرى في عام 2022.
وأكد التقرير أن "الوضع في تونس يتميز بعدم استقرار غير مسبوق، وتواجه البلاد مجموعة هائلة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية".
وأضاف التقرير أن "خريطة الطريق التي اقترحها سعيّد أثارت انتقادات من اتحاد الشغل ومعظم الأحزاب السياسية، ما دفع الجهود لتوحيد قوى المعارضة".
وأشارت المجموعة إلى أن هناك حديثا في الكونغرس الأميركي عن عدم تقديم المزيد من المساعدات المالية والعسكرية لتونس بعد ظهور نتائج التحقيقات، التي تقوم بها وزارة الخارجية الأميركية في ما يتعلق بدور الجيش في أي انتهاكات بعد 25 يوليو/ تموز، محذرة من أنه إذا قطعت واشنطن المساعدة بالفعل، فقد يكون هناك اضطراب داخل القوات المسلحة بالإضافة إلى مزيد من الاضطرابات في الشارع.