تتجه الجزائر إلى تعليق التعاون مع إسبانيا في ملف الهجرة السرية، كجزء من تطورات وتداعيات الأزمة الدبلوماسية المفاجئة بين البلدين منذ شهر، على خلفية تغيير مدريد موقفها بشكل مفاجئ حيال قضية الصحراء.
ونشرت وسائل الإعلام الإسبانية، قبل يومين، تقارير عن وقف الجزائر لعمليات استلام المهاجرين، وأكدت مطالبة مركز احتجاز المهاجرين في الجزيرة الخضراء جنوبي إسبانيا بالإفراج الفوري عن 15 مهاجرا غير نظاميين يحملون الجنسية الجزائرية، كانوا وصلوا إلى سواحل ألميريا عبر قوارب في 13 فبراير/شباط الماضي، وبرر المركز طلبه "بقرار الجزائر أن توقف إلى أجل غير مسمى استلام المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى إسبانيا نتيجة الموقف السياسي لإسبانيا من نزاع الصحراء الغربية".
وأضاف بيان المركز الإسباني أنه "لا يجب أن يستمرّ تحت أي ظرف من الظروف حرمان المهاجرين المتواجدين في المركز من حريتهم في هذه المرافق، إذ إن الغرض من اعتقالهم ونقلهم إلى المركز هو إعادة الترحيل إلى البلد الأصلي، وما دامت الجزائر ترفض ترحيلهم إليها فإنه لا يوجد مبرر قانوني للحفاظ على اعتقال هؤلاء الأشخاص في المراكز"، إضافة إلى أن وزارة النقل الجزائرية ترفض في الوقت الحالي أيضا توسيع الرحلات الجوية مع إسبانيا، في ما بعد الجائحة، ما يعني عدم توفر أماكن في رحلات للترحيل.
وفيما ترفض السلطات الجزائرية التعليق على هذه المعلومات، يبدو واضحًا أن القرار الجزائري يندرج ضمن تدابير سياسية اتخذتها البلاد بعد الأزمة السياسية الطارئة مع مدريد، إذ كان الأمين العام لوزارة الخارجية شكيب قايد قد أعلن، الإثنين الماضي في العاصمة الايطالية روما، أن الجزائر ستراجع جميع الاتفاقات مع إسبانيا.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الإسباني المتخصص في العلاقات الإسبانية المغاربية، ريكاردو غونزاليس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه كان يتوقع قرارا من الحكومة الجزائرية في اتجاه عدم التعاون في مجال الهجرة السرية، كجزء من الضغط الجزائري على مدريد، على الرغم من أنه قرار قد لا يغير كثيرا من طبيعة الخيار الإسباني ، مضيفا "إلى وقت قريب كانت إسبانيا تعتقد أن الجزائر ليست جاهزة لممارسة ضغوط قوية خاصة في ملفات الهجرة، بالذات إذا عرفنا أن المغرب وظف نفس الضغوط في الملف ذاته على إسبانيا".
وإضافة إلى قرار تعليق استقبال المهاجرين غير النظاميين من إسبانيا، والذين يعدون بالمئات ويقبعون في مراكز ترحيل مؤقتة، فإن السلطات الجزائرية اتخذت أيضا قرارا آخر يخص إجراء مراجعة لأسعار الغاز المصدر إلى إسبانيا، إذ كان المدير العام لشركة المحروقات الجزائرية "سوناطراك" توفيق حكار قد أكد، الخميس الماضي، لوكالة الأنباء الجزائرية، أنه لا يستبعد إمكانية مراجعة حساب لأسعار الغاز مع إسبانيا، موضحا: "منذ بداية الأزمة في أوكرانيا، انفجرت أسعار الغاز والبترول. وقد قررت الجزائر الإبقاء على الأسعار التعاقدية الملائمة نسبيا مع جميع زبائنها. لكن لا يستبعد إجراء عملية مراجعة حساب للأسعار مع زبوننا الإسباني"، إذ تزود الجزائر إسبانيا من خلال خط أنابيب الغاز الوحيد البحري بحوالي 8000 مليون متر مكعب.