- باتيلي التقى بخليفة حفتر وأسامة حماد، مؤكداً على ضرورة تنسيق المبادرات لتمكين إجراء الانتخابات، لكنه لم يضم حماد لمبادرة الحوار الخماسي، مما أثار نقاشات حول ضرورة توسيع المشاركين.
- النقاش حول مبادرة باتيلي يعكس تعقيدات الوضع السياسي في ليبيا، مع توقعات بأن تجلب المساعدة الأميركية الجديدة، ستيفاني خوري، تصوراً جديداً قد يساهم في توسيع دائرة المشاركين في الحوار.
لا تزال مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي الخاصة بدعوة القادة الأساسيين الخمسة للحوار تواجه التعثر منذ أن أعلنها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في الوقت الذي تبدو فيه مطالب توسيع دائرة المشاركة في الحوار السياسي الليبي تتزايد وتفرض نفسها.
وتوجه 75 حزبا سياسيا في ليبيا بخطاب الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للمطالبة بضرورة "مراجعة شاملة لآليات عمل البعثة الأممية وآلية تكليف المبعوثين والموظفين فيها"، واستنكار أداء باتيلي وتهميشه للأحزاب السياسية.
وفيما طالبت الأحزاب في خطابها، أمس الخميس، بـ"دور أساسي في أي عمل تقوم به البعثة وأن تكون طرفا مشاركا في أي عملية سياسية تهدف لحل الانسداد السياسي الحالي بليبيا"، انتقدت شكل المبادرة التي طرحها باتيلي قائلة إنها "تقتصر على تقاسم السلطة بين أطراف الصراع في غياب الدولة"، واعتبرت أن ارتكاز المبادرة "على حصر المشاركة في الأطراف المتصارعة المتصدرة للمشهد فقط"، أدى إلى "عدم نجاعتها".
وجاء خطاب الأحزاب بالتزامن مع لقاءين منفصلين عقدهما باتيلي مع رئيس مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، ورئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد، الذي يعقد اللقاء الأول مع باتيلي منذ توليه رئاسة الحكومة.
وقال باتيلي إنه بحث مع حفتر "ضرورة أن تكون جميع المبادرات منسقةً سلفاً وأن تُبنى على ما تم تحقيقه من خطوات على طريق التمكين من إجراء الانتخابات"، بحسب تدوينة على حسابه في منصة "إكس"، مضيفا أنه اتفق مع حفتر على الحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية بين جميع الجهات الفاعلة الرئيسية.
وعقب لقائه بحماد، قال باتيلي إنه جدد دعوة جميع القادة الليبيين "إلى الارتقاء لمستوى مسؤولياتهم وتوحيد جهودهم من أجل مصلحة وطنهم، بما في ذلك إدارة عملية إعادة إعمار مدينة درنة وغيرها من المناطق المتضررة من الفيضانات".
ولم يضم باتيلي حماد لمبادرة الحوار الخماسي التي أعلنها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ودعا إليها كلا من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة لحفتر، الذي سبق أن اقترح على باتيلي ضم حماد لمبادرة الحوار مقابل مشاركة الدبيبة الذي يرفض عقيلة صالح مشاركته بسبب سحب الثقة من حكومته.
وفي منتصف فبراير/شباط الماضي نفى حماد تصريحات باتيلي، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، بشأن قفل حكومته عددا من فروع المفوضية العليا للانتخابات بالمنطقة الشرقية، وأعلن رفضه التعامل مع المبعوث الأممي، معتبراً أنه بات "شخصًا غير مُرحَّب به في كل المدن والمناطق الخاضعة للسيطرة الإدارية للحكومة الليبية".
وفيما أكد حماد على استعداد حكومته "للتعامل مع من يأتي خلفا" لباتيلي، اتهم البعثة بـ"العجز عن دعم أيَّ مشروع يضمن حل المشكلة وينهي الانقسام".
وبرأي الباحث في الشأن السياسي الليبي عيسى همومه، فإن مطالب الأحزاب الـ75 "تعبير واضح عن فشل مبادرة باتيلي وليس تعثرها فقط"، وقال الباحث "أن يشكو 75 حزبا سياسيا من التهميش يعني صدقية ما احتواه خطابهم من تعمد باتيلي قصر العملية السياسية على المتنفذين في المشهد، وبمعنى آخر فباتيلي بقصد أو بغير قصد ستؤدي مبادرته لترسيخ سلطة القادة الخمسة نتيجة الحوار الذي لن يكون إلا بصفقة بينهم لتقاسم المصالح".
واعتبر همومه في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اتجاه باتيلي للقاء قادة السلطة في شرق البلاد "خطوة تعكس استشعاره فشل مبادرته ومحاولته إنقاذها".
وقال: "حتى وإن حاول باتيلي أن يعطي لاجتماعه بحماد صبغة الحديث عن الوضع الإنساني بعد كوارث الفيضانات، إلا أن لقاءه به في الواقع لا يمكن فصله عن سياق اجتماعاته المكثفة أخيرا حول مبادرته والعملية السياسية"، مشيرا إلى أن لقاءه بحفتر "مؤشر واضح إلى ذهابه للتجاوب مع مطلب سلطة شرق البلاد لإشراك حماد في طاولة الحوار الخماسي لتصبح سداسية".
ولفت همومه إلى أن لقاء باتيلي بحفتر "مؤشر آخر إلى سعيه للتجاوب مع شروط معسكر شرق البلاد، فمنشوره عقب لقائه بحفتر حول ضرورة تنسيق المبادرات يحمل قبولا ضمنيا بمخرجات اجتماع القاهرة، فهو آخر المبادرات التي شهدتها العملية السياسية".
وانتهى اجتماع القاهرة الذي انعقد في 11 من الشهر الجاري برعاية الجامعة العربية وبمشاركة عقيلة صالح وتكالة المنفي، إلى الاتفاق على تشكيل حكومة موحدة للإشراف على العملية الانتخابية، وتشكيل لجنة فنية للنظر في النقاط الخلافية بالقوانين الانتخابية التي أصدرتها لجنة 6+6، بالإضافة على الاتفاق على عقد جولة ثانية من الاجتماع بشكل عاجل لإتمام الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ.
وقال همومه إن بحث باتيلي مع حفتر مبادرة اللقاء الثلاثي في القاهرة يحمل العديد من الدلالات "أولها وأهمها أنه سعى في زيارته للشرق لإنقاذ مبادرته، وثانيها أنه يقبل بمضمون اجتماع القاهرة لكن بالتنسيق معه، أما ثالثها فيعبر عما تواجهه مبادرته من خطر الانهيار التام، ولذا توجه للحديث مع حفتر على الرغم من أن الأخير لم يشارك في الاجتماع لأنه (باتيلي) يعلم أن القرار الأساسي بيده (حفتر) لا بيد صالح ولا حماد".
وأضاف همومه "باعتقادي أن باتيلي أعطي مهلة أخيرة لإنقاذ وضعه قبل وصول مساعدته الأميركية الجديدة ستيفاني خوري التي من المرجح جدا أن تتسلم مهامه بأي طريقة وتفعّل مبادرة سياسية موسعة، ويبدو أن خطاب الأحزاب السياسية إلى الأمين العام للأمم المتحدة تضمن استشعارا لشكل التصور الذي ستحمله حقيبة خوري واتجاهه لتوسيع دائرة المشاركين في الحوار السياسي".
وفيما يقر الأكاديمي وعضو حزب التيار الليبي الحر عبد الحفيظ هدية بأن ذهاب باتيلي للقاء حماد له علاقة بجهود تحريك مبادرته، إلا أنه في المقابل يرى أن "الأفق السياسي لا شيء يلوح فيه لعودة الحياة" لمبادرة باتيلي.
وقال هدية لـ"العربي الجديد": "مجرد قبول باتيلي بشراكة حماد في الحوار وزيادة عدد المشاركين فيه إلى ست شخصيات لا يعني انتهاء العوائق، فهل سيقبل الدبيبة بوجود حماد؟ الجميع يسعون للعرقلة بوضع العصي في دولاب المبادرة بمن فيهم حفتر وعقيلة صالح عبر اشتراطهما مشاركة حماد".
وأشار هدية إلى احتمال مناقشة لقاء باتيلي بحماد تصور دمج حكومتي البلاد، "فهي أساس الخلاف المشتد حاليا وأهم خطوة الآن لتحرك مياه العملية السياسية الراكدة"، معتبرا أن "التصور الوحيد للحديث عن حوار سياسي لن يخرج عن توسيع دائرة الحوار وتعدد أطرافه لتخفيف حدة مواقف الفاعلين الأساسيين وعدم حصر الحلول في لقائهم فقط".