في الوقت الذي يتحضّر فيه النظام السوري لاستكمال الإجراءات الشكلية من أجل ترشيح بشار الأسد للانتخابات الرئاسية المقبلة، من خلال إعلان ذلك رسمياً في جلسة لمجلس الشعب خلال أيام، يعمل المجتمع الدولي ومنظمات من المجتمع المدني حول العالم، على إظهار الوجه الحقيقي للنظام السوري، وفضح كل جرائمه بحق السوريين، التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. ويبدو ذلك كنتيجة لتشكّل قناعة لدى المجتمع الدولي، بضرورة عدم السماح لهذا النظام بالاستمرار في لعبة الانتخابات، وتكريس حكم بشار الأسد لسبع سنوات جديدة، وضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم بحق السوريين، وعدم السماح بإفلاتهم من العقاب.
ولعل البيان الذي صدر عن وزراء خارجية 18 دولة أوروبية، الأربعاء الماضي، وحمّل النظام السوري المسؤولية الأساسية عن الجرائم التي تُرتكب في سورية، هو الموقف الأهم في هذا الإطار، كونه يحمل موقفاً سياسياً واضحاً وحازماً من معظم دول الاتحاد الأوروبي تجاه الجرائم التي يرتكبها النظام. ويضاف إلى ذلك تحميل البيان المسؤولية لداعمي النظام أيضاً بشأن تلك الجرائم، وهي المرة الأولى التي يُشار فها صراحة إلى ضرورة محاسبة الدول والكيانات التي تدعم النظام. فضلاً عن دعوة البيان للمحكمة الجنائية الدولية، من أجل التحقيق في جرائم النظام، والتذكير بأن الهدف من توثيق الجرائم يتمثل في "إفشال استراتيجية أولئك الذين يعرقلون إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال مجلس الأمن".
كذلك، يكتسب التقرير الشامل الذي أصدرته منظمات حقوقية روسية أخيراً، عن الانتهاكات الروسية في سورية وتورط موسكو في جرائم حرب، أهمية خاصة، كونه أول تقرير يصدر عن منظمات من إحدى الدول الداعمة للنظام، بالإضافة إلى شموليته وصدوره عن فريق من أهم المدافعين عن حقوق الإنسان. وتضاف إلى كل ذلك تقارير أخرى صدرت بشكل متزامن عن منظمات حقوقية، إلى جانب عدد من التصريحات على لسان مسؤولين غربيين، كلها إما تشير إلى عدم شرعية الانتخابات الرئاسية في سورية في ظلّ الوضع الراهن، أو تتحدث عن جرائم النظام وضرورة محاسبة المتورطين فيها.
ولكن على الرغم من تصاعد الموقف الدولي ضدّ ترشيح بشار الأسد، إلا أنه لم يصدر حتى الآن موقف جدي وحاسم من المجتمع الدولي، من شأنه منع الانتخابات التي يصرّ عليها النظام، أو يفرض البديل عن تلك الانتخابات، عبر تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي يتحدث عنها الجميع من دون أي نية حقيقية لتطبيقها.