عادت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مرة أخرى لتأكيد تشبثها باعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء، في وقت يبقى فيه موقف واشنطن بخصوص فتح قنصلية بمدينة الداخلة (ثاني كبريات حواضر الصحراء) غامضاً.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الثلاثاء، إنّ اعتراف بلاده بالسيادة المغربية على الصحراء لم يتغير، وإنّ الإدارة الأميركية الحالية لم تتراجع عن القرار الذي اتخذته إدارة ترامب بهذا الخصوص.
وقال ميلر، في مؤتمر صحافي رداً على سؤال عما إذا كانت إدارة بايدن تعتبر الصحراء جزءاً من المغرب: "من الواضح أن الولايات المتحدة اتخذت هذه الخطوة في ديسمبر/كانون الأول من عام 2020، ولم تتغير".
وتابع: "أود أن أقول إنّ السياسة التي تم الإعلان عنها في ديسمبر/كانون الأول 2020، لم تتغير. وسأقول في نفس الوقت إننا نؤيد بالكامل المبعوث الشخصي للأمم المتحدة للأمين العام ستيفان دي ميستورا، وهو يكثف جهوده للتوصل إلى حلّ سياسي دائم ومقبول للصحراء الغربية".
وفي المؤتمر الصحافي ذاته، رد ميلر على سؤال آخر حول افتتاح قنصلية الولايات المتحدة في الصحراء بالقول: "سأعود إليك بشأن بناء القنصلية. أنا لم أتابعها".
وخلال الفترة السابقة، توالت عدة إشارات تؤكد عدم تراجع إدارة بايدن عن المرسوم الرئاسي الذي اعترف بموجبه ترامب بسيادة المغرب على الصحراء، أبرزها اعتماد خريطة المغرب بما يشمل منطقة الصحراء، وتنظيم مناورات عسكرية "الأسد الأفريقي" لأول مرة في منطقة المحبس الصحراوية غير البعيدة عن مخيمات تندوف، وكذلك تأييد المبادرة المغربية بتمتيع الصحراء بحكم ذاتي.
ورغم أنّ هذه الإشارات تدل على أنّ موقف الإدارة الأميركية لم يتغير من سيادة المغرب على الصحراء، إلا أنّ مصير تعهد إدارة بايدن بفتح قنصلية بمدينة الداخلة (وظيفتها بالأساس هي اقتصادية، من أجل تشجيع الاستثمارات الأميركية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية) مازال غامضاً حتى هذه اللحظة.
ويرى رئيس "المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية" ونائب رئيس لجنة الخارجية بمجلس المستشارين سابقاً، نبيل الأندلوسي، أنّ "تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية على أنّ بلاده ثابتة على موقفها بشأن الاعتراف بمغربية الصحراء، وأنّ هذا الموقف لم يتغير رغم تغير الإدارة من ترامب إلى بايدن، هو موقف إيجابي بالنسبة للمغرب، ويعزز من جدية المقترح المغربي بخصوص مشروع الحكم الذاتي الذي تقدمه الرباط، والتأييد الدولي الذي يحظى به، في انتظار تتويج هذا الاعتراف بخطوة فتح قنصلية بالداخلة".
وأضاف الأندلوسي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الثابت هو أن الإدارة الأميركية تتلكأ في تنفيذ هذه الخطوة، رغم أنها أحد مضامين الاتفاق الثلاثي (الموقع في نهاية 2020 بين واشنطن والرباط وتل أبيب)، مرجحة على ما يبدو التريث، لاعتبارات غير معلنة إلى هذه اللحظة".
واعتبر المتحدث أنّ "تنفيذ ما تبقى من مضامين الاتفاق الثلاثي، وخاصة فتح قنصلية بالداخلة، مرتبطة بأسباب هذا التريث"، متسائلاً: "هل الأمر يتعلق بتريث دون خلفيات، أم له دوافع أخرى لم تعلن بعد؟ وهذا ما لم يتضح بشكل جلي إلى حدود الآن".