رحّبت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الجمعة، بالاتفاقية التي أبرمت حول تصدير الحبوب الأوكرانية والأسمدة من البحر الأسود للأسواق العالمية.
جاءت تصريحات السفيرة الأميركية خلال مؤتمر صحافي مصغر، عقدته في مقر البعثة الأميركية للأمم المتحدة في نيويورك، بحضور رئيس مكتب تنسيق العقوبات بوزارة الخارجية الأميركية، السفير جيمس أوبراين.
وقالت توماس غرينفيلد: "بينما ما زلنا بحاجة إلى مراجعة الاتفاقية، فإننا نرحب بها ونأمل أن تساعد على تخفيف الأزمة التي تسببت فيها روسيا. لكننا سنراقب عن كثب للتأكد من أنّ روسيا تنفذ فعلياً أي التزامات تعهدت بها".
وأضافت أنّ هذه الصفقة تعني "تسهيل تصدير 20 مليون طن من الحبوب التي احتجزتها روسيا كرهينة في البحر الأسود"، ووصفتها بالخطوة الإيجابية، لكنها استدركت "فلنكن واضحين. هناك طريق واحد لحل العديد من اضطرابات سلسلة الإمداد الغذائي التي تسبب فيها هذا الصراع وهي: أن تُنهي روسيا حربها".
وأشرف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول، عصر اليوم الجمعة، على توقيع اتفاق يسمح لأوكرانيا باستئناف شحن الحبوب من البحر الأسود إلى الأسواق العالمية، كما يسمح لروسيا بتصدير الحبوب والأسمدة.
وأضافت السفيرة الأميركية "سنواصل مساءلة روسيا حول الإجراءات الأخرى التي اتخذتها لمفاقمة أزمة الغذاء، بما في ذلك سرقة الحبوب، وتخريب وتدمير الأراضي الزراعية الأوكرانية، وصوامع الحبوب والمعدات والبنية التحتية الزراعية الحيوية".
وأكدت أنّ بلادها ستستمر بالعمل على "توسيع الطرق الأخرى (لتصدير الحبوب الأوكرانية) عبر الطرقات، والسكك الحديدية، والأنهر، لإيصال الحبوب الأوكرانية إلى السوق".
من جهته، شدد السفير جيمس أوبراين على ضرورة "حل أي مشاكل تتعلق بالحصول على الغذاء والأسمدة"، مشيراً إلى أنّ هناك عدداً من الأسباب التي أدت لحصول أزمة الغذاء العالمية، لكن الحرب الروسية على أوكرانيا فاقمتها".
وحول تبعات الحرب قال أوبراين: "يوجد حاليا قرابة 20 مليون طن من الحبوب في المخازن الأوكرانية. وفي العادة يتم تصديرها في مارس/آذار، وإبريل/نيسان، ومايو/أيار. خمسة إلى ستة ملايين طن منها تصدر إلى دول الجنوب العالمي، بأغلبيتها لمصر، ولبنان، والقرن الأفريقي، وإيران، والصين. لم يحدث أي من هذا بسبب الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية".
ولفت السفير الأميركي إلى عدم قدرة برنامج الغذاء العالمي الحصول على حوالي 2.5 مليون طن من الحبوب التي تنقصه لتقديم المساعدات، ولم يتمكن من الحصول عليها بسبب الحصار الروسي، مؤكداً "أن مقياس النجاح لتلك الاتفاقية يتعلق بوصول تلك الحبوب للمحتاجين إليها".
وتابع أوبراين متحدثاً عن تعاون الولايات المتحدة مع الدول الأوروبية لتصدير الحبوب الأوكرانية للأسواق العالمية براً عبر دول مثل رومانيا ومولدوفا إلى البحر الأسود، وعبر بولندا وسلوفاكيا كذلك، مؤكداً أنّ تلك الجهود أثمرت عن نقل 2.5 مليون طن من الحبوب الأوكرانية في يونيو/حزيران.
لكنه نبه إلى أنه "بسبب تدمير روسيا لقرابة 40 من منشآت المحاصيل والتصدير فإنّ هذا الرقم يقترب من الحد الإجمالي الذي تستطيع أوكرانيا تصديره بشكل مستمر"، مشيراً إلى التكلفة العالية لتصدير تلك الحبوب عبر الطرق البرية ناهيك عن التحديات اللوجستية.
وحول العقوبات الأميركية على روسيا، قال إنها تركز على "الحد من قدرة روسيا على زعزعة استقرار جيرانها"، مشدداً على أنّ بلاده لا تستهدف الحبوب والأسمدة الروسية، رغم أن هناك مخاوف عند شركات الشحن والتأمين من الانخراط في الموانئ الروسية، فروسيا "تهديد محتمل للنشاط التجاري"، كم قال.
وتابع أوبراين "إذا رأينا تغييراً في النهج الروسي فإننا سنرى تدفقاً كذلك للأسمدة والحبوب الروسية"، مذكراً ببيان صادر عن وزارة الخزانة الأميركية، الأسبوع الماضي، يؤكد أنّ العقوبات لا تشمل الحبوب والأسمدة وأنه يمكنها أن تصل الأسواق العالمية.
ورداً على سؤال لمراسلة "العربي الجديد" حول الدور الصيني، قال أوبراين "نود أن نراها تتصرف كقوة عظمى وتوفر المزيد من الحبوب للفقراء في جميع أنحاء العالم. الصين مشتر نشط للغاية للحبوب، وتقوم بتخزين الحبوب بكميات، هذا في الوقت الذي يدخل فيه مئات الملايين من الناس مرحلة كارثية لانعدام الأمن الغذائي"، لافتاً إلى أنّ الاتفاقية حول الحبوب والأسمدة الأوكرانية تجارية في جوهرها.
وأضاف في هذا السياق "نود أن نرى الصين تتيح جزءاً أكبر من الحبوب في مخازنها الخاصة والسماح لبرنامج الغذاء العالمي وآخرين بالحصول عليها. والشحنات الأولى التي خرجت من أوكرانيا، في إبريل/نيسان، ذهب 40% منها تقريباً إلى الصين لأنها اشترتها، وكان من الأفضل أن نرى هذه الحبوب تذهب لدول بحاجة اليها كمصر أو القرن الأفريقي مثلاً".
وهنا تدخلت توماس غرينفيلد لتقول إنّ بلادها "قدمت 3.7 مليار دولار من المساعدات لبرنامج الغذاء العالمي مقابل 3 ملايين دولار فقط قدمتها الصين للبرنامج. وإذا أرادت الصين توسيع دورها على الساحة العالمية، عليها أن تكون جزءاً من الحل وألا تضيف للمشكلة".
وحول ما إذا كانت الولايات المتحدة تعيد التفكير بالعقوبات الأميركية وطريقة فرضها وتبعاتها على الاقتصاد الأميركي، قال أوبراين "أثبتت العقوبات أنّ لها تأثيراً هائلاً على الحد من قدرة روسيا على زعزعة استقرار دول الجوار، ونحن ملتزمون بتنفيذها بشكل كامل والاستمرار في إضعاف قدرة روسيا على إثقال جيرانها بالأعباء".
ورداً على السؤال ذاته، ذكّرت توماس غرينفيلد، بأنّ "العقوبات فرضت على روسيا بسبب حربهم وهجومهم على أوكرانيا، وعندما يتوقفون عن ذلك سنراجع أي عقوبات ربما يمكننا رفعها".
وأضافت "فيما يخص تأثير العقوبات على الاقتصاد الأميركي، ليست هي التي تؤثر سلباً على الاقتصاد بل سلسلة التوريد، وارتفاع أسعار الطاقة (بسبب الحرب الروسية). والرئيس الأميركي يعمل بحرص شديد من أجل معالجة تبعات هذه الحرب على الاقتصاد الأميركي".
وأكدت السفيرة الأميركية أن الأمم المتحدة تجري مشاورات مع بلادها حول الاتفاقية في مراحل مختلفة.