واشنطن تقدم 24 مدفعاً ثقيلاً إلى البشمركة.. خطوة قد تستفز حلفاء إيران في بغداد

09 اغسطس 2024
تسلمت البشمركة في أربيل 24 مدفعاً ثقيلاً من طراز "هاوتزر"، 6 أغسطس 2024 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تسليم الأسلحة المتطورة للبشمركة:** سلّمت وزارة الدفاع الأميركية دفعة جديدة من الأسلحة المتطورة للبشمركة، تضمنت 24 مدفعاً ثقيلاً من طراز "هاوتزر"، بموافقة بغداد، وشكر وزير البشمركة الحكومة الأميركية والعراقية.

- **العلاقات الأمنية والعسكرية:** تحظى البشمركة بعلاقات خاصة مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وتلقت مساعدات عسكرية مختلفة. أكد وزير البشمركة على أهمية مشروع إعادة توحيد القوات المنقسمة بين السليمانية وأربيل.

- **الاعتراضات والمواقف السياسية:** فصائل "الحشد الشعبي" وقوى سياسية حليفة لإيران اعترضت على الدعم الأميركي للبشمركة، معتبرة أن الدعم يجب أن يكون من خلال بغداد.

في خطوة قد تثير حفيظة القوى السياسية والفصائل المسلحة الحليفة لإيران في العراق، سلّمت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الثلاثاء الماضي، دفعة جديدة من الأسلحة المتطورة لقوات البشمركة الكردية المسؤولة عن أمن وحماية إقليم كردستان، شمالي العراق، والذي يتمتع بصلاحيات إدارية وأمنية واسعة بعيداً عن العاصمة بغداد منذ إقراره دستورياً عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

وتحظى العلاقات الأمنية والعسكرية بين البشمركة في أربيل وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بخصوصية تعامل تختلف عن القوات العراقية العاملة ضمن وزارتي الدفاع والداخلية ببغداد. وشارك الجانبان في مهام وعمليات داخل العراق وسورية.

وحصلت قوات البشمركة على مجموعة جديدة من المدافع الثقيلة الذكية ذات المديات البعيدة خلال حفل تسليم شارك فيه ممثلون عن الجانب الأميركي والبشمركة الكردية، دون أي تمثيل من الحكومة العراقية ببغداد. وهذه الدفعة الثانية من الأسلحة المتطورة التي تحصل عليها أربيل من الجانب الأميركي خلال أقل من عام واحد، بعد مساعدات عسكرية مختلفة منحتها واشنطن لوزارة البشمركة في نهاية أغسطس/ آب العام الماضي.

وتتمثل الدفعة الجديدة بـ24 مدفعاً ثقيلاً من طراز "هاوتزر" ذاتي الدفع، وهي أحد أقوى أسلحة المدفعية الموجودة لدى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والمستعملة في العراق وسورية منذ نهاية عام 2014 لمواجهة تنظيم "داعش"، ويصل مداها إلى أكثر من 40 كيلومتراً.

وخلال حفل تسليم المدافع الجديدة، والذي جرى في مدينة أربيل الثلاثاء الماضي، قال وزير البشمركة في حكومة إقليم كردستان شورش إسماعيل: "إنه يوم تاريخي لقوات البشمركة، لاستمرار الحكومة الأميركية وجيشها بمساعداتها المستمرة لقوات البشمركة". وأضاف أنّ "القوات الأميركية زوّدت قوات البشمركة بمجموعة من المدافع الثقيلة، وهذه الخطوة الكبيرة سترفع القدرات العسكرية لقواتنا إلى مستوى أعلى"، مقدّماً شكره للولايات المتحدة ووزارة الدفاع الأميركية على "إمدادها البشمركة بتلك الأسلحة".

غير أنّ إسماعيل أشار إلى أنّ الأسلحة الجديدة التي وصلت إلى البشمركة تمت بموافقة بغداد، حيث قدّم شكره إلى "القائد العام للقوات المسلّحة (رئيس الوزراء العراقي)، محمد شياع السوداني، ووزير الدفاع الاتحادي ثابت العباسي، لتقديمهما تسهيلات كبيرة لوصول هذه الاسلحة إلى قوات البشمركة".

وأعاد إسماعيل خلال كلمته التأكيد مجدداً على أهمية مشروع إعادة توحيد قوات البشمركة، المنقسمة بين السليمانية وأربيل، حيث تضغط واشنطن والاتحاد الأوروبي منذ سنوات على الحزبين الرئيسين في الإقليم (الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، والاتحاد الوطني الكردستاني)، المتنفذ في السليمانية، لتوحيد جناحي قوات البشمركة البالغ عددها أكثر من 180 ألف عنصر تحت إدارة وقيادة واحدة مقابل حصول الإقليم على المزيد من الدعم الأمني والعسكري.

وقال إسماعيل إنّ "هناك دعماً قوياً لإنجاز العملية (توحيد البشمركة)، من جانب رئاسة إقليم كردستان ورئاسة حكومة الإقليم، وخطوات جيدة اتُّخِذت في عملية توحيد وزارة البشمركة من الناحيتين العسكرية والإدارية"، معتبراً أن إنشاء قوة موحّدة "بات حلم كل كردي". بدوره، أكد قنصل الولايات المتحدة في أربيل مارك سترو، خلال حفل التسليم، أنّ "تزويد الولايات المتحدة هذه القوة بالأسلحة، مؤشرٌ إلى التزام واشنطن بمساعدة إقليم كردستان والبشمركة".

وخلال السنوات الماضية، صدرت عدة مواقف متشددة من فصائل "الحشد الشعبي" وقوى سياسية حليفة لإيران ضد الدعم الأميركي والغربي لقوات البشمركة، معتبرة أنها يجب أن تكون من خلال بغداد، وألا تكون الأسلحة المقدمة أقوى من تلك التي يمتلكها الجيش العراقي.

وفي وقت سابق، هاجم النائب في البرلمان العراقي عن التحالف الحاكم "الإطار التنسيقي" جاسم الموسوي الولايات المتحدة بسبب ما سمّاه تسليح قوات البشمركة في إقليم كردستان، معتبراً أنه "تدخل في الشأن الداخلي للبلاد"، وقال: "سنعمل على طرح الملف أمام الجهات السياسية العليا من أجل الخروج بموقف لرفض الاتفاق بين واشنطن والإقليم".

غير أنّ تلك الاعتراضات عادة ما تكون مرتبطة بكل أزمة سياسية بين بغداد وأربيل، وتختفي في أوقات الهدوء والتصالح، وفقاً للخبير الأمني والسياسي العراقي أحمد النعيمي، الذي قال إنّ الأسلحة المقدمة خلال الفترة الأخيرة إلى البشمركة "كلها بموافقة بغداد، وعلى خلاف السنوات السابقة بين 2014 و2019 التي كانت أربيل تحصل فيها على دعم عسكري وتسليحي مباشر من دول التحالف أو من واشنطن".

وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "هاجس وجود قوة تتفوق على الحشد الشعبي وتنافسها هو مصدر اعتراض بعض الفصائل أو الأحزاب في الفترات الماضية على مراسم تسليم أسلحة جرت سابقاً"، معتبراً أنّ قوات البشمركة "أثبتت تفوقها التنظيمي وحصولها على موثوقية من التحالف الدولي في التعاطي مع ملف تنظيم داعش سواء في العراق أو سورية".

وفي العام 2017، أوصت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بإيقاف تسليح قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان. وأصدرت اللجنة بيانات طالبت فيها قيادة العمليات العراقية المشتركة بـ"العمل على منع تزويد الأسلحة والعتاد لقوات البشمركة"، وذلك على خلفية التوتر بين القوات العراقية والبشمركة في مدينة كركوك، شمالي البلاد. ودعت اللجنة الدول التي تزود قوات البشمركة بالأسلحة والعتاد إلى "التوقف (عن ذلك) في هذه المرحلة من أجل منع استخدامها ضد الجيش والشعب العراقي".

غير أن المختص بالشأن الكردي سلام الجاف اعتبر أنّ المواقف الرافضة "جزء من مناكفات سياسية" بين الجانب القريب من إيران والأكراد في أربيل تظهر بين وقت وآخر. وأضاف الجاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ البشمركة تمكنت من حماية مدن عراقية شمالية من الإرهاب المتمثل بتنظيم "داعش" في كركوك وسنجار وحتى بمعارك طرد "داعش" من الموصل، "لذا فإنّ أي سلاح أو دعم تحصل عليه قوات البشمركة هو ضمن المنظومة العسكرية العراقية ككل"، معتبراً أنّ كل التجهيزات الحالية للبشمركة "هي دفاعية، والدليل أنه لا توجد بينها صواريخ أو طائرات أو حتى تجهيزات خارج إطار أو جغرافية الإقليم".

المساهمون