كشفت منصة "نحن نسجل" الحقوقية، اليوم الإثنين، تنفيذ وزارة الداخلية المصرية حكماً بإعدام 17 متهماً شنقاً، في القضية رقم 12749 لسنة 2013 (جنايات الجيزة)، والمعروفة إعلامياً بقضية "اقتحام قسم شرطة كرداسة".
وأفادت المنصة بأن مصلحة السجون أبلغت ذوي الضحايا بتنفيذ حكم الإعدام تمهيداً لاستلام جثامينهم، مشددة على أن أوراق تلك القضية افتقدت إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة، والتي تعود إلى 19 سبتمبر/أيلول 2013، إثر اقتحام قوات من الشرطة والجيش مدينة كرداسة، لضبط عدد من المتهمين في "قضايا عنف".
وأسفرت العملية عن مقتل لواء الشرطة نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة حينها، وإصابة تسعة عناصر من الجيش والشرطة، في حين اتهمت النيابة العامة 23 شخصاً، بينهم 12 حضورياً بقتل فراج، والشروع في قتل شرطيين، وحيازة أسلحة، وهي تهم نفاها جميعاً المتهمون.
وبينما، ادعت مواقع إعلامية مقربة من المخابرات المصرية، أن تنفيذ حكم الإعدام تم بحق، تسعة محكومين؛ أفادت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، منظمة مجتمع مدني مصرية، بأسماء المنفذ بحقهم حكم الإعدام في القضية، وهم: عبدالرحيم عبدالحليم عبدالله جبريل، ووليد سعيد أبوعميرة أبوغرارة، ومحمد رزق أبوالسعود نعامة، وأشرف السيد رزق العقباوي، وأحمد عويس حسين حمودة" أحمد يوسف"، وعصام عبدالمعطي أبوعميرة تكش، وأحمد عبدالنبي سلامة فضل، وبدر عبدالنبي محمود جمعة زقزوق، وقطب السيد قطب الضبع، وعمرو محمد السيد سلمان "عمرو الجوكس"، وعزت سعيد محمد العطار، وعلي السيد علي القناوي، وعزت سعيد محمد العطاروي، ومحمد عامر يوسف الصعيدي، وأحمد عبدالسلام أحمد عبدالمعطي العياط، وعرفات عبداللطيف محمودة، ومصطفى السيد محمد يوسف القرفش.
من جهته، قال الحقوقي هيثم أبو خليل في تغريدة له على موقع "تويتر": "تنفيذ حكم الإعدام فجر اليوم في 17 من الأبرياء في قضية كرداسة دفعة واحدة، بعد تأهيل الشعب بمشاهد مسلسل الاختيار"، مستطرداً بأن "أحد الضحايا الذين أعدموا يعاني من شلل أطفال، وهو المتهم عمرو محمد السيد سلمان، الذي اقتحمت قوات الأمن منزله للقبض على شقيقه، واعتقاله بدلاً منه".
وأضاف أبو خليل: "عبد الفتاح السيسي أعدم 17 بريئاً في قضية مسيسة بالكامل، من أجل ترضية وزارة الداخلية، التي تعتزم فرم المصريين بعد انتهاء الملء الثاني من سد النهضة الإثيوبي"، مشيراً إلى أن شاهد الإثبات في القضية هو شاهد النفي، إذ سجل شهادته لتبرئة الشيخ عبد الرحيم جبريل، وعلى الرغم من ذلك أعدم الأخير في فجر رمضان".
وأوضح أن جبريل يبلغ من العمر 81 عاماً، وهو أحد أبطال الجيش المصري، حيث شارك في حروب اليمن و1967 و1973، ومعتقل من مركز كرداسة منذ 30 سبتمبر/ أيلول 2013، وذلك داخل سجن 430 بوادي النطرون.
وفتحت القضية في أغسطس/آب من العام 2013 عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قضت بالإعدام شنقًا لـ20 متهماً في إعادة محاكمتهم في القضية، والتي أسفرت عن مقتل 14 من أفراد وضباط مركز شرطة المدينة.
ويبدو أن هناك رابط قوي بين تنفيذ حكم الإعدام اليوم، والتزامن مع عرض مسلسل "الاختيار 2" الذي يعرض وجهة نظر النظام في مذبحة رابعة العدوية، خاصة أن القانون المصري، يمنع تنفيذ أحكام الإعدام في المناسبات الدينية.
وتوسع القضاء المصري في إصدار أحكام إعدام المعارضين منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، والتي وصفت من قبل جهات أممية بأنها "أحكام إعدام جماعية، وتفتقد لضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة الأساسية".
وفسرت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، منظمة مجتمع مدني، في وقت سابق هذا التوسع في إصدار أحكام الإعدام، بأنه راجع إلى بدء العمل بدوائر الإرهاب، المشكلة في ديسمبر/كانون الأول 2013، وفقاً لقرار محكمة الاستئناف القاضي بتشكيل دوائر بعينها مكونة من قضاة بعينهم. وقد وأصدرت هذه الدوائر أكبر عدد من أحكام الإعدام منذ إنشائها، مقارنة بالمحاكم الأخرى في الفترة نفسها.
وتستمر السلطات القضائية والتنفيذية في مصر بتطبيق عقوبة الإعدام بشكل متزايد، سواء كعقوبة على بعض الجرائم الجنائية، أو جرائم الإرهاب، رغم المطالبات الحقوقية المستمرة بالتوقف الفوري عن تنفيذ هذه الأحكام، واستبدال عقوبة الإعدام بأخرى غير سالبة للحياة.
يذكر أن محكمة النقض المصرية قد رفضت الطعن المقدم من 135 من المعتقلين السياسيين، على أحكام الإعدامات والسجن الصادرة بحقهم (حضورياً) في قضية "أحداث كرداسة". وأيدت المحكمة أحكام الإعدام والسجن لتصبح أحكاماً نهائية باتة لا طعن عليها.
وكانت هيئة الدفاع عن المعتقلين قد دفعت ببراءة موكليها تأسيساً على بطلان إجراءات المحاكمة، لوضع المعتقلين في قفص زجاجي عازل للصوت يحول دون اتصال الدفاع بموكليه، وبطلان تحقيقات النيابة العامة لمخالفتها نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية، التي أوجبت على النيابة إحضار محامٍ لحضور التحقيق مع المعتقلين، وهو ما لم يحدث.
كما دفعت بانتفاء أركان جريمة التجمهر في حق المعتقلين، وانقطاع صلة المعتقلين بالواقعة محل الاتهام، مشددة على أنه لا يوجد شاهد واحد أكد رؤية المعتقلين في مكان الواقعة، أو دليل واحد يؤكد تواجدهم على مسرح الأحداث غير التحريات التي اتهمتهم بالتحريض على الأحداث، وتواجد بعضهم فيها.