بعد وصوله المفاجئ، اليوم السبت، إلى الأراضي الإيرانية، التقى وزير خارجية العراق فؤاد حسين، ظهر اليوم، مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وعقد معه جولة مباحثات، إلى أن التقى الوزير العراقي عصراً مع الرئيس الإيراني حسن روحاني. ومن المقرر أن يلتقي حسين أيضاً، غداً الأحد، مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأميرال علي شمخاني.
ويظهر ما نشره موقع الرئاسة الإيرانية عن لقاء وزير خارجية العراق مع روحاني أنّ ثمة عناوين مهمة كانت حاضرة في مباحثات حسين مع روحاني، في مقدمتها التطورات الداخلية في العراق، وملف الوجود الأميركي فيه، والذي توليه إيران اهتماماً كبيراً وتطالب بإنهائه، وتنفيذ الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، والتي تواجه في شقها الاقتصادي عقبات أساسية، على ضوء العقوبات الأميركية الشاملة على إيران من جهة والضغوط الأميركية على بغداد من جهة ثانية.
وحول الوجود الأميركي في العراق، أكد الرئيس الإيراني أنّ بلاده "دائما تعلن عن مواقفها السياسية بشكل واضح وصريح"، معتبراً أنّ "وجود القوات المسلحة الأميركية، سواء في العراق أو أفغانستان أو دول الخليج، يضرّ بأمن المنطقة واستقرارها".
وفي السياق، أكد روحاني أنّ "السعي لإخراج أميركا من المنطقة ليس فقط واجبنا بل واجب أي دولة توجد فيها القوات الأميركية"، مشيراً في الصدد إلى قرار مجلس النواب العراقي طرد هذه القوات، والذي أقره مطلع العام الحالي بعد قيام واشنطن باغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب قائد "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس. وأضاف الرئيس الإيراني أن هذا القرار "خطوة إيجابية"، داعيا إلى تنفيذه.
وحول الشأن الداخلي العراقي، أكد روحاني أن بلاده "لم ولن تتدخل في القضايا الداخلية العراقية والعلاقات بين الفصائل العراقية"، في إشارة توحي إلى أن الوزير العراقي ربما يكون قد طرح خلال المباحثات موضوع الخلافات الداخلية مع حلفاء إيران في العراق.
وشد روحاني على أن إيران "دوما كانت وما زالت على قناعة بأن الأحزاب العراقية يجب أن تكون بينها علاقات جيدة للحفاظ على البلد وتطويره"، مؤكداً أنّ بلاده "تعتبر العراق دولة صديقة ودعمت حكومتها وشعبها في مراحل مختلفة".
وأضاف الرئيس الإيراني "إننا نرى اليوم أن الوحدة بين الشيعة والتعامل بين مختلف القوى من الشيعة والسنة والكرد في العراق مبدأ أساسي"، معلنا عن استعداد طهران للمساعدة في تحقيق الوحدة والانسجام في العراق.
وتطرق إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين "في مختلف المجالات السياسية والثقافية وخصوصا الاقتصادية"، داعيا إلى "ضرورة التسريع في تنقيذ الاتفاقيات بين الطرفين"، معربا عن أمله في أن تفضي زيارة وزير الخارجية العراقي إلى "تحرك جيد وشامل لتنفيذ هذه الاتفاقيات"، التي وقع عليها الرئيس الإيراني مع رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي في مارس/آذار الماضي أثناء زيارته لبغداد.
من جهته، شكر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إيران على "دعمها للعراق وشعبه في مختلف المراحل"، وفقا لما أورده موقع الرئاسة الإيرانية، قائلا إن أهدافه من زيارة طهران تتمثل في "التمهيد لتطبيق الاتفاقيات الثنائية، خصوصا في مجال التعاون الحدودي والنقل وتجهيز شط العرب لتعزيز التعاون التجاري".
وكشف حسين عن "تشكيل لجنة تخصصية خاصة بأمر من السيد رئيس وزراء العراق لإجراء مباحثات والتحضير لتنفيذ الاتفاقيات"، قائلا إن "أعضاء هذه اللجنة سيزورون إيران خلال الأسابيع المقبلة".
غير أن حمل وزير خارجية العراق جملة ملفات اقتصادية لزيارته إلى طهران، بدلا من المسؤولين الاقتصاديين العراقيين، يشير إلى أمرين، الأول أن هذه الملفات لم تعد ذات طابع اقتصادي بحت، وإنما أصبح لها طابع سياسي بامتياز، ما دفع بغداد إلى إيفاد وزير خارجيتها إلى طهران، والأمر الثاني أن فؤاد حسين يحمل خلال زيارته ملفات مهمة أخرى، لم يكشف عنها.
وبالإضافة إلى تنفيذ تلك الاتفاقيات، والتي على ما يبدو تحولت إلى قضية شائكة، فإن الجانب الإيراني على الأغلب سيركز خلال المباحثات مع حسين على موضوع الإفراج عن أرصدة إيرانية لدى البنك المركزي العراقي، خصوصا في الظرف الراهن الذي تواجه فيه طهران شحا كبيرا في مواردها بالعملة الصعبة.
وكان الرئيس الإيراني قد كشف في وقت سابق من الشهر الجاري أن "هناك دولا صديقة لنا لدينا أرصدة في بنوكها، لكنها ترفض تحريرها"، عازيا السبب إلى الضغوط الأميركية على هذه الدول، إذ قال روحاني إنها "أبلغتنا أن الأميركيين يمارسون ضغوطا عليها ويهددونها إذا ما أفرجت عن هذه الأموال".
وتتحدث بيانات رسمية إيرانية عن وجود 5 مليارات دولار لدى بغداد، وهي عوائد صادرات الطاقة الإيرانية إلى العراق، لكنه يرفض تسليمها بسبب الضغوط الأميركية.
وفي السياق، أجرى الطرفان مباحثات خلال الفترة الماضية، لكن تصريحات روحاني تشير إلى أنها لم تؤدِّ إلى نتيجة. علما أن العراق يمثل رئة تجارية مهمة لإيران على ضوء العقوبات الأميركية، غير أنها مستهدفة أميركيا بتشديد الخناق على طهران.