أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ورئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري، في ختام مباحثات رسمية جمعتهما مساء الأربعاء بالرباط، على مرجعية الاتفاق السياسي الموقع في عام 2015 في الصخيرات لحل الأزمة الليبية.
وكشف وزير الخارجية المغربي أن مباحثاته مع رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي كانت مناسبة للتأكيد على أن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات هو الأرضية التي لا يمكن تغيبها في البحث عن أي حل للأزمة الليبية، معتبراً أنه لا بديل لاتفاق الصخيرات الذي يمكن تطويره وتكييفه مع الواقع، باعتباره هو الذي يمنح الشرعية للمؤسسات وللمتحاورين ولكل مكون للحوار الليبي.
الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات هو الأرضية التي لا يمكن تغيبها في البحث عن أي حل للأزمة الليبية
وأوضح وزير خارجية المغرب أنه تم التأكيد، خلال لقائه بالمشري، على أن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات يجب اعتباره مرجعاً في التطورات التي لحقت بعد ذلك سواء على مستوى المبادرات المختلفة أو قرارات مجلس الأمن الدولي التي يؤيدها المغرب.
بوريطة قال إن "المغرب يدعم كل المبادرات والمجهودات التي يقوم بها الأخوة الليبيون للوصول إلى حل سلمي يضمن لليبيا وحدتها الوطنية وسيادتها ويبعدها عن التدخلات الأجنبية"، معلناً استعداد الرباط لمواصلة حيادها الإيجابي لدعم الليبيين والبحث عن حل يتوصلون إليه من خلال حوار ليبي ليبي بعيداً عن أي تدخل أجنبي.
من جهته، اعتبر المشري، خلال مؤتمر صحافي، أن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات هو الوثيقة الوحيدة التي يمكن اللجوء إليها إلى حد الآن، وأنها جزء من الإعلان الدستوري في ليبيا، كما تم التأكيد عليها كمرجعية في آخر قرار لمجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وأوضح رئيس المجلس الأعلى للدولة أنه بالاعتماد على مرجعية الصخيرات يتم العمل على تفعيل المادة 15 المتعلقة بالمناصب السيادية السبعة وكيفية الذهاب إلى الانتخابات والإجراءات المتعلقة بها.
وقال: "نعتقد أننا بدأنا نسير بمساعدة أشقائنا المغاربة في الطريق الصحيح للوصول لإنهاء المرحلة الانتقالية"، مشيراً إلى أنه "خلال جلسات الحوار الليبي بمدينة بوزنيقة المغربية أنجز المتحاورون مساحات كبيرة من المساحات التي كان فيها خلاف، وقد تم الاتفاق تقريباً على كل ما يخص المناصب السيادية ونحن الآن نبحث في كيفية تفعيل ما اتفقنا عليه وتطبيقه على أرض الواقع، ما سينهي الانقسام في المؤسسات، وسيعيد التوازن الاقتصادي والمالي في الدولة الليبية، وأيضا الأمل في الوصول إلى حلول نهائية".
ويعتبر المغرب الاتفاق السياسي الموقع عليه في الصخيرات المغربية في 2015 بإشراف المبعوث الأممي إلى ليبيا حينها مارتن كوبلر، لإنهاء الحرب الليبية، إنجازاً تاريخياً مهماً، يُحسب للدبلوماسية المغربية ولقدرتها على المحافظة على قنوات تواصل فاعلة مع كل أطراف الصراع الليبي. وترى الرباط أنها "لا تزال مرجعاً مرناً بما يكفي لإدراك الوقائع الجديدة"، وأن "تكاثر المبادرات حول الأزمة يؤدي إلى تنافر بينها".
وتأتي زيارة المشري إلى الرباط بعد أسبوعين من نجاح الجولة الثانية من جلسات الحوار الليبي بمدينة بوزنيقة بالوصول إلى تفاهمات بخصوص معايير تولي المناصب السيادية السبعة المنصوص عليها في المادة 15 من اتفاق الصخيرات. فيما كان ينتظر حضور كل من المشري ورئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح، خلال الجولة الثانية من الحوار الليبي، للتوقيع على محضر الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ختام الجولة الأولى من الحوار الليبي ببوزنيقة في 10 سبتمبر/ أيلول الحالي.
وكان تفعيل المفاوضات بين الأطراف الليبية مرة جديدة، من بوابة المغرب كما حصل عام 2015، قد فتح الباب أمام تحقيق تقدم نحو حل أزمة مستمرة منذ 9 سنوات، حيث شكلت جلسات الحوار بالمغرب، في رأي الفرقاء الليبيين أنفسهم، رصيداً يمكن البناء عليه للخروج بالبلاد إلى الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي، بعد أن أفلح الحراك الدبلوماسي المغربي على امتداد الأشهر الماضية، بإطلاق مسار بوزنيقة في 6 سبتمبر/ أيلول الماضي، وجمع أطراف الأزمة الليبية بعد فترة طويلة من عرقلة العملية السياسية.
وسمح دعم الرباط للحوار الليبي ـ الليبي، كمسار منطقي لتحقيق تقدم للخروج بتسوية نهائية للأزمة، بالتوصل إلى خريطة طريق بشأن كيفية تقاسم السلطة وتحديد معايير تولي المناصب السيادية في أفق إنهاء الانقسام المؤسساتي.