قالت مصادر مصرية خاصة إن جهاز المخابرات العامة أجرى مجموعة من الاتصالات على مدار اليومين الماضيين لاحتواء التصعيد العسكري في قطاع غزة، بعد تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي مجموعة من الضربات الجوية على أهداف في القطاع، بدعوى الرد على إطلاق البالونات الحارقة.
وأشارت المصادر، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، إلى أن القاهرة طالبت الجانبين بضرورة الوقف المؤقت لأشكال التصعيد كافة، والتصرفات المؤججة للعنف، إلى حين حسم موقف الوساطة التي قام بها الوفد الأمني المصري أخيراً، وزار خلالها القدس المحتلة ورام الله وغزة. وأضافت المصادر أن إسرائيل أبلغت الوفد الأمني المصري الذي زار غزة، بأنه لن يكون هناك تجاوب مع أي مطلب من مطالب حركة "حماس"، التي حملها الوفد لسلطة الاحتلال، قبل التوقف الفوري لما تسميه أسباب زعزعة أمن مستوطنات غلاف غزة، ووقف إطلاق البالونات الحارقة والحراك الليلي. ووفقاً للمصادر، ترفض حركة "حماس" الأمر بشكل مطلق هذه المرة، إذ تتمسك من جانبها بضرورة تنفيذ المطالب أولاً.
تخشى إسرائيل انفلات الموقف في ظل تهديد الفصائل بالرد
وقالت المصادر إن "حماس" متمسكة بتنفيذ مطالبها دفعة واحدة، في حين أن سلطات الاحتلال ما زالت تراوغ، بحيث تخرج من جولة التصعيد هذه بتنفيذ مطالبها فقط مقابل وقف الضربات الجوية. وأشارت المصادر إلى أن هناك توجهاً إسرائيلياً بتنفيذ سلسلة ضربات لأيام عدة ضد أهداف تابعة لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، لكنها تخشى من انفلات الموقف، في ظل تهديدات الفصائل بالتصعيد والرد بالمثل.
وكشفت المصادر أن صراعاً سياسياً غير معلن داخل الحكومة الإسرائيلية، يخيّم على التعامل مع الوضع في قطاع غزة حالياً، وهو ما تدركه الفصائل، وفي مقدمتها "حماس" جيداً. وأشارت المصادر إلى أن وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس بحث مع مساعديه عدداً من السيناريوهات العسكرية بشأن التعامل مع "حماس"، من بينها سيناريو يستمر لنحو 3 أسابيع من التصعيد، يُقصَف خلالها أكبر قدر ممكن من البنية التحتية لـ"حماس" و"الجهاد"، إلا أنه يخشى من رد الفعل، وإمكانية حدوث تطورات تحسم من رصيده السياسي، باعتباره سيكون المسؤول الأول، لمصلحة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
هناك استشعار مصري لرغبة إسرائيلية في التجاوب مع مطالب متعلقة بالقطاع
وأوضحت المصادر أن الخلافات السياسية داخل الحكومة الإسرائيلية تصعِّب موقف الوفد الأمني المصري، الذي يسعى بدوره للتوصل إلى اتفاق سريع لاحتواء موجة التصعيد الأخيرة. وأكدت أن الجانب المصري يدرك صعوبة موافقة إسرائيل على حزمة المطالب التي دفعت بها "حماس"، لكنه سعى أيضاً إلى إقناع تل أبيب بالموافقة على المطلب الخاص بتسهيل إقامة مشاريع البنية التحتية التي يحتاجها قطاع غزة، خصوصاً في ظل أزمة انقطاع المياه والكهرباء التي باتت تؤرق القائمين على إدارته بشكل كبير، وبات يصعب تحملها.
وأوضحت المصادر أن "هناك استشعاراً مصرياً لرغبة إسرائيلية في التجاوب مع مطالب متعلقة بالقطاع، تأتي من جانب الإمارات خلال الفترة المقبلة، وذلك لرفع أسهم محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح والمستشار الأمني لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وكذا تخفيف الضغط الشعبي على أبوظبي، وتحسين الصورة في أعقاب اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، وكذا تشجيع السعودية على الخطوة في أعقاب تراجع من جانب الرياض"، بعد ردود الفعل التي واجهت الخطوة الإماراتية، وإصرار نتنياهو على إحراج أبوظبي تارة برفض تل أبيب صفقة طائرات "أف 35" أميركية للإمارات، وكذلك إصراره على تكذيب تصريحات وليّ عهد أبوظبي محمد بن زايد بشأن ضمّ أراضي الضفة الغربية المحتلة.
وقصفت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي، صباح أمس السبت، عدة مواقع للمقاومة الفلسطينية على الحدود الشرقية جنوب قطاع غزة. واستهدفت مدفعية الاحتلال مرصداً للمقاومة قرب مخيم العودة شرقي محافظة رفح، ونقطة رصد تتبع للضبط الميداني مقابل صوفا شرق رفح. واستهدفت أيضاً مرصداً للمقاومة الفلسطينية شرق خزاعة شرقي خان يونس جنوبي قطاع غزة. وزعم جيش الاحتلال، في بيان، أنه قصف عدة أهداف لحركة "حماس" جنوبي غزة، رداً على إطلاق صاروخ من القطاع نحو "مستوطنات غلاف غزة" مساء الجمعة الماضي.
وكانت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية قد أكدت، في بيان يوم الجمعة الماضي، أنها لن تسمح للاحتلال الإسرائيلي باستمرار حصاره على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وذكرت الغرفة المشتركة، التي تضم كل الأجنحة العسكرية للمقاومة، "أنها لن تقبل باتخاذ العدو للأدوات السلمية - كالبالونات وغيرها - ذريعة لقصف مواقع المقاومة"، مؤكدة أن "المقاومة ردّت وستردّ على كل استهداف من العدو لمواقعها أو أي عدوان على أبناء الشعب الفلسطيني".