وساطة دولية لتسوية الأزمة السياسية في كردستان العراق

18 ديسمبر 2022
قوباد الطالباني بانتخابات إقليم كردستان، سبتمبر 2018 (شوان محمد/فرانس برس)
+ الخط -

وصلت الأمور في إقليم كردستان العراق بين الحزبين الكرديين، "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني"، إلى طريق مسدود، بعد أن أعلن الفريق الوزاري التابع لـ"الاتحاد الوطني" تعليق حضوره جلسات مجلس وزراء الإقليم. ومنذ شهرين، يمتنع نائب رئيس حكومة إقليم كردستان، قوباد الطالباني، عن حضور جلسات مجلس الوزراء في الإقليم، احتجاجاً على ما سماه "تفرّد الحزب الديمقراطي الكردستاني"، بزعامة مسعود البارزاني، بزمام السلطة في كردستان.

وكشف نائب في برلمان الإقليم، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك وساطات دولية وأخرى من خلال بعثة الأمم المتحدة، لحل الخلاف القائم بين الحزبين الكرديين، خشية تطوره، خصوصاً بعد تلويح أعضاء بارزين في الاتحاد الوطني باللجوء إلى نظام الإدارة الذاتية في السليمانية بعيداً عن أربيل (عاصمة الإقليم)، كما حدث في تسعينيات القرن الماضي".

ولفت إلى أن "ممثلة بعثة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت دخلت على خط الوساطة، وأجرت سلسلة اجتماعات مع زعيم الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني بافل الطالباني".

وأوضح النائب أن "الوساطة تهدف إلى عقد اتفاق بين الحزبين لاحتواء الأزمة، يمنح بموجبه الديمقراطي الكردستاني نظيره الاتحاد الوطني صلاحيات في إدارة السلطة، خصوصاً في الملفين النفطي والأمني".

ويتهم "الاتحاد الوطني" رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني بالتفرد بالملفين الأمني والنفطي، وحصر جميع الصلاحيات بيده، وحرمان محافظة السليمانية (مركز ثقل الاتحاد الوطني) من المشاريع الخدمية والموازنة المالية.

وفي ظلّ هذا الواقع، يقاطع نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد الطالباني، شقيق بافل الطالباني الذي يتصدر المواجهة السياسية مع الحزب الحاكم في الإقليم، اجتماعات مجلس الوزراء في كردستان منذ شهرين، إذ قرر الفريق الحكومي لـ"الاتحاد الوطني"، المكوّن من 5 وزراء من أصل 18 في حكومة الإقليم، عدم المشاركة في الاجتماعات والمراسم الرسمية للحكومة الإقليمية.

وساطة دولية لتسوية الأزمة

وأجرى مجموعة من السفراء، بينهم سفيرا الولايات المتحدة ألينا رومانوسكي، وبريطانيا ستيفن هيكي، زيارة لكل من رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني ونائبه قوباد الطالباني في أربيل، بهدف تقريب وجهات النظر بين الحزبين، وإنهاء حالة التوتر التي تشهدها منطقة شمال العراق، في سياق الوساطة بين الطرفين.


ديار العقراوي: تحذيرات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول التحالف الدولي لمنع تطور الخلاف

ووفق الإعلام الرسمي للحزبين، فإن اللقاءات بين الدبلوماسيين الغربيين ومسؤولي الحزبين انصبّت حول الشأن الداخلي للحكومة في الإقليم، من دون التطرق إلى جوهر الخلافات والمسائل العالقة بين الطرفين.

وبحسب معلومات نشرها موقع "درو" المحلي الكردي، فإن "السفراء الأجانب في العراق أبلغوا مسؤولي الحزبين الكرديين بأنهم لا يستطيعون الاستمرار في تقديم الدعم والعون المالي لحكومة الإقليم، ما لم يتم حل المشاكل العالقة بينهم، لأن حججهم ستكون ضعيفة، ومن الصعب عليهم إقناع البرلمانات في بلدانهم بأهمية استمرار الدعم للإقليم في خضم هذه التوترات والخلافات".

وبحسب الموقع، فإن "رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني تحدثا للدبلوماسيين الغربيين عن أسباب الخلافات بين الحزبين، وكل حسب وجهة نظره الخاصة".

من جهته، قال القيادي في "الاتحاد الوطني الكردستاني"، ديار العقراوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات بين الطرفين قديمة ومتراكمة وليست وليدة اللحظة"، مؤكداً أن "الخلافات باتت تؤثر على الأوضاع العامة للمواطنين في إقليم كردستان، وأن المواطن هو المتضرر الأكبر".

وذكر أن "الطرف الإقليمي والدولي كان اللاعب الرئيسي في حل الخلافات بين الطرفين، ومع عودة الصراع مجدداً حول مواضيع داخلية سياسية واقتصادية وأمنية، فإن الأنظار تتجه نحو الوساطات الدولية مجدداً لمنع انزلاق الإقليم إلى أزمة أكبر". وكشف أن "هناك تحذيرات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول التحالف الدولي لمنع تطور الخلاف والوصول إلى حلول ترضي الجميع".

ولفت العقراوي إلى أن "مقاطعة جلسات حكومة إقليم كردستان من قبل الفريق الوزاري التابع للاتحاد الوطني، هو بسبب عدم الرضا عن أداء الحكومة والتفرد بالسلطة وتهميش الاتحاد الوطني، والمقاطعة ستستمر، حتى يتم التوصل إلى حلول ترضي الجميع".

واتهم "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الحاكم في أربيل بـ"التفرد في إدارة الإقليم والاستحواذ على المقدرات المالية، والتمييز بين المناطق في المشاريع الخدمية والموازنة".


بزورك محمد: الخلافات تتعلق بتقاسم الثروات والإيرادات المالية

لكن العضو البارز في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" وفاء محمد كريم، رأى أن الخلافات الداخلية التي تعصف بـ"الاتحاد الوطني"، هي السبب وراء انسحاب فريقه الوزاري من حكومة الإقليم.

وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الاتحاد الوطني لديه مشاكل وخلافات داخلية وصراع على السلطة والمناصب العليا، وهو من يدير شؤون محافظة السليمانية، ويمتنع عن تسليم عائداتها المالية لحكومة الإقليم".

وشدّد على أنه "لا يوجد أي تفرد بالسلطة حسب ادعاء الاتحاد الوطني، فلديهم وزارات مهمة، ويديرون شؤون محافظة السليمانية، كما أن منصب نائب رئيس حكومة الإقليم بيدهم، وهم الذين يمتنعون عن تسليم عائدات الغاز الطبيعي والمنافذ الحدودية، وبالتالي من الطبيعي أن تقلل حكومة الإقليم من حصة السليمانية في الموازنة المالية والمشاريع".

عملية اغتيال أججت الخلافات

وعن ذلك، قال الكاتب الكردي بزورك محمد، إن الخلافات والمشكلات القائمة بين الحزبين تتعلق بتقاسم السلطات الإدارية وتوزيع الثروات والإيرادات المالية بينهما، والتي تقوم معظمها على عائدات النفط.

وأضاف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الخلافات برزت وبلغت ذروتها عقب عملية اغتيال الضابط الأمني هاوكار الجاف في أربيل مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ أن الحزب الديمقراطي عرض أدلّة واتهم قادة أمنيين في الاتحاد الوطني بالتورط في القضية، لكن الاتحاد نفى أي ضلوع في القضية".

وأشار محمد إلى أن "هناك مبادرات للتسوية بدل التفكير في تقسيم إقليم كردستان إلى إدارتين منفصلتين، على غرار ما جرى في تسعينيات القرن الماضي، كما أن هناك وساطات دولية ومحلية لتقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع".

ولفت إلى أن "العلاقات بين الحزبين قائمة منذ سنوات على أساس المصالح المشتركة وتقاسم السلطات والوزارات والمناصب في الإقليم وبغداد، وشهدت العلاقات بين الحزبين الحاكمين توترات في مراحل عديدة، لكنها لم تصل إلى حد المواجهة المسلحة، وفي النهاية فإن مصالح الطرفين تقتضي الجلوس والتفاوض لإيجاد حلول للمشكلات والخلافات".