قال أحد مشايخ قبيلة الترابين، لـ"العربي الجديد"، إن قادة في الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة المصرية، قدموا وعوداً بأنه سيتم الإفراج عن عدد من أبناء سيناء، قبيل حلول شهر رمضان (أواخر شهر مارس/آذار الحالي).
يأتي هذا في ظل تحسن الوضع الأمني بشكل غير مسبوق في محافظة شمال سيناء، بعد عقد كامل من المعارك بين تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، وقوات الأمن المصرية، قبل أن يشارك فيها أبناء القبائل، من خلال معاونتهم الجادة لقوات الجيش، والتي أفضت إلى طرد التنظيم من كافة مراكز وقرى مدن شمال سيناء في غضون أشهر قليلة خلال العام الماضي.
وبحسب الشيخ القبلي، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، فإنه يجري التنسيق بين الجهات الأمنية والعسكرية والحكومية لإنهاء ملفات المعتقلين احتياطياً على ذمة قضايا غير مدعومة بالدلائل على ارتكاب هؤلاء المدنيين أية جرائم تستوجب المحاكمة.
وأشار إلى أن المئات من أبناء قرى ومدن محافظة شمال سيناء لا يزالون رهن الاعتقال الاحتياطي، أو الإخفاء القسري، بعد أن جرى اعتقالهم خلال حملات لقوات الجيش والشرطة في شمال سيناء خلال سنوات مكافحة الإرهاب، أو على كمائن الجيش ومعديات قناة السويس، أثناء مرورهم من وإلى المحافظة.
لا يزال المئات من شمال سيناء رهن الاعتقال الاحتياطي
وأوضح الشيخ القبلي أن عددا من أبناء سيناء معتقلون في سجن العازولي في محافظة الإسماعيلية، وآخرين موزعون على سجون في المحافظات المصرية المختلفة، على ذمة قضايا صادرة عن جهاز الأمن الوطني والمخابرات الحربية، وبالتالي يحتاج الإفراج عنهم إلى دراسة الملفات بين الجهات الأمنية المختلفة، سواء التابعة لوزارة الدفاع أو وزارة الداخلية.
توجه واضح لإنصاف أهالي سيناء
واعتبر أنه في كلتا الحالتين، فإن هناك توجه واضح إلى إنصاف أهالي سيناء، في ظل تكرار الحديث عن ملف المعتقلين والمفقودين والمختفين قسرياً، ما دفع القادة العسكريين والأمنيين، الذين هم على اتصال مباشر مع مشايخ وأهالي سيناء، إلى تحريك الملف على أرفع المستويات، ما أدى لتحقيق نتائج إيجابية، ستظهر إلى العلن خلال الأسابيع المقبلة.
وتمكن أهالي سيناء، من خلال رموزهم ومشايخهم، من إعلاء صوتهم في عدة مستويات قيادية في الجهات الأمنية والعسكرية، بناءً على الإنجازات التي تمكنوا من تحقيقها، والفاتورة الباهظة التي دفعوها على مدار السنوات العشر الماضية، وتضاعفت العام الماضي.
كما قدم الأهالي عشرات المطالب إلى القيادات التي هي على تواصل مباشر معهم، تعلقت بقضايا الأزمات الحياتية والاقتصادية، وملفات الاعتقال والاختفاء القسري، والتعويضات المالية، وتسجيل عوائل القتلى والجرحى ضمن كشوفات "شهداء مكافحة الإرهاب".
وعلى إثر ذلك، استطاع الأهالي انتزاع العديد من المطالب خلال الأشهر الماضية. ومن ضمن المطالب التي تم تحقيقها، فتح محطات الوقود، وإزالة عشرات الكمائن على الطرق، وإلغاء التنسيق على البضائع الواردة للمحافظة، والسماح بالوصول إلى مناطق وقرى كانت مغلقة بشكل كامل، وكذلك التحرك على الطرقات على مدار اليوم، بدلاً من تحديد ساعات للإغلاق وحظر التجوال. يشار إلى أن شمال سيناء منطقة عسكرية مغلقة، تتبع مباشرة إلى وزير الدفاع، بقرار جمهوري، ويفرض فيها قانون الطوارئ بكل تفاصيله.
الاستجابة لمطالب الأهالي
وتعقيباً على ذلك، رجح باحث في شؤون سيناء، لـ"العربي الجديد"، أنّ القيادات الأمنية والعسكرية تفضل الاستجابة لجزء واسع من مطالب أهالي سيناء، المرسلة بواسطة المشايخ والنواب والرموز وقادة المجموعات العسكرية، حفاظاً على العلاقة القائمة معهم، وحالة الثقة التي بنيت خلال المعارك التي شاركت فيها القوى النظامية والمجموعات القبلية، جنباً إلى جنب في مواجهة "داعش" خلال السنوات الماضية، وهو السر في نجاح الحملات العسكرية الأخيرة في طرد التنظيم. واعتبر أن القيادة المصرية تعي جيداً أن أي انتكاسة في العلاقة مع القبائل، قد تعود بالسلب المطلق على الحالة الأمنية في سيناء.
تمكن أهالي سيناء، من خلال رموزهم ومشايخهم، من إعلاء صوتهم
كما لم يغب عن مشايخ القبائل المطالبة بإلغاء عشرات الأحكام القضائية الصادرة بحق أبناء المجموعات القبلية المساندة لقوات الجيش، وكانوا هاربين من الأجهزة التنفيذية للدولة، ببقائهم في مناطق لا تتواجد فيها قوات شرطة، بينما وجدوا في المشاركة بموجة مكافحة الإرهاب مصدر أمان للتحرك خارج سيناء بحرية، في ظل البطاقات الأمنية التي تمنحهم سهولة الحركة دون إعاقة، فيما باتت الأحكام القضائية حبيسة الأدراج.