تبدي دوائر شعبية مصرية في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، تخوفها من دخول مرحلة تشهد تنسيقاً وتعاوناً أمنياً مصرياً إسرائيلياً أكبر، قد تمتد تأثيراته السلبية إلى قطاع غزة، ولا يتوقف داخل الأراضي المصرية. علماً بأنّ التعاون والتنسيق قائم أساساً في مجال عمليات القصف الجوي، وتناقل المعلومات الاستخباراتية بمواجهة تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، لكن هناك خشية من أن يمتد هذا التعاون إلى أن يصبح العمل الميداني مشتركاً بين قوات الجيش المصري والجيش الإسرائيلي.
وأثار هذه التخوفات، ما كشفته مصادر متطابقة لـ"العربي الجديد"، من أنّ عسكريين إسرائيليين زاروا مدينة رفح المصرية أخيراً، وتواجدوا بمناطق قريبة من نشاط الجيش المصري في المنطقة، خصوصاً عمليات هدم الأنفاق التي كانت ممتدة من سيناء إلى قطاع غزة، وإنشاء المنطقة العازلة على طول الحدود بين مصر والقطاع، ومحاربة تنظيم "ولاية سيناء".
وقالت مصادر قبلية، وبعض العاملين في المصالح الحكومية الذين ما زال يسمح لهم بدخول مدينة رفح، إنهم شاهدوا عسكريين إسرائيليين بالزي الرسمي خلال وقوفهم مع قوات من الجيش المصري في المدينة. وبحسب المصادر نفسها فإنّ العسكريين الإسرائيليين، الذين لم يقل عددهم عن عشرة، كانوا برفقة ضباط من الجيش المصري في جولة على مناطق عمليات القوات المصرية، ومناطق قريبة من الحدود مع قطاع غزة.
للمرة الأولى يُشاهد عسكريون إسرائيليون في سيناء خلال النهار
وأوضحت المصادر "أنها المرة الأولى التي يُشاهد فيها عسكريون إسرائيليون في سيناء، وفي وضح النهار"، مؤكدةً أنّ الزيارة "تمت وسط حراسات مشددة من قبل قوات الجيش وإغلاق للمنطقة المحيطة، فيما تعرضت المنطقة التي تجوّل فيها الوفد العسكري الإسرائيلي لقصف جوي من الطيران الحربي الذي لم يتم التأكد من هويته إن كان مصرياً أو إسرائيلياً".
يشار إلى أنّ الجيش المصري كان عمد إلى هدم الأنفاق الممتدة من سيناء إلى قطاع غزة والتي كانت تستخدم خلال فترة الحصار الإسرائيلي للقطاع، في تهريب المواد الغذائية والدواء والمحروقات لمليوني فلسطيني يعيشون في غزة، في الفترة بين عامي 2008 وحتى 2013، عندما سيطر عبد الفتاح السيسي على الحكم، وأعطى التعليمات لقوات الجيش بهدم الأنفاق، وإنهاء وجودها بالكامل، بذريعة منع تهريب السلاح والمال للمقاومة الفلسطينية في غزة، وبتنسيق أمني علني مع الاحتلال الإسرائيلي. وهذا ما أكدته التصريحات الإسرائيلية في كثير من المواقف على مدار السنوات الماضية.
ولطالما أكدت مصادر قبلية وشهود عيان لـ"العربي الجديد"، أنّ طيراناً حربياً إسرائيلياً يأتي من جهة البحر أو حدود فلسطين المحتلة ويشن غارات على مدن رفح والشيخ زويد والعريش، مستهدفاً تنظيم "داعش"، وكذلك أنفاق في مدينة رفح، ومجموعات مسلحة يعتقد أنها على علاقة بدعم المقاومة في غزة من خلال المساعدة في تهريب الأسلحة والمال. كذلك، فإن الزوارق الحربية الإسرائيلية ترابط على الحدود المائية بين قطاع غزة وسيناء، لمراقبة الحدود ومنع أي عملية تهريب تتم من خلال البحر، وذلك بتنسيق ميداني مع قوات البحرية المصرية.
يعتبر مراقبون للشأن الإسرائيلي أنّ فترة ما بعد 2013، بمثابة "زمن ذهبي" بالنسبة لإسرائيل
ويعتبر مراقبون للشأن الإسرائيلي أنّ فترة ما بعد 2013، بمثابة "زمن ذهبي" بالنسبة لإسرائيل، بعدما عمد الجيش المصري إلى إضعاف خطوط إمداد المقاومة الفلسطينية من خلال سيناء. وقد تم خلال هذه الفترة إفشال عشرات المحاولات لتهريب الأسلحة والأموال، سواء من البر أو البحر، أو من خلال الأنفاق، ما ضيّق المجال على المقاومة في جلب الأسلحة والتزود بها لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي خلال الحروب المتتالية التي تعرضت لها غزة. وهذا ما أكدته تصريحات المقاومة الفلسطينية في أكثر من محفل، بقولها إن خطوط إمدادها تعرضت للضرر من خلال التنسيق الإسرائيلي مع أطراف عربية كمصر والإمارات.
وكان تقرير إسرائيلي نشر في وقت سابق عبر موقع "واللا" العبري، أكد أنه بخلاف أقوال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإنّ التعاون الأمني بين الجيشين المصري والإسرائيلي في سيناء، يرمي بشكل أساس إلى إحباط تهريب السلاح لحركة "حماس" في قطاع غزة، وليس لضرب تنظيم "داعش". ولفت التقرير إلى أنّ إسرائيل استغلت سماح نظام السيسي لها بالعمل في سيناء، وعملت بشكل مكثف على إحباط إرساليات السلاح التي تهرّب عبر الصحراء إلى "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لـ"حماس".