يشهد الملف اليمني تحركات متواصلة لإحياء الهدنة المتوقفة منذ 2 أكتوبر/ تشرين الأول، وسط غموض حيال المباحثات التي يجريها الوفد العُماني مع الحوثيين، خصوصاً مع توالي زياراته إلى العاصمة اليمنية صنعاء.
وفي السياق، ذكرت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، اليوم الأحد، أن الوفد العُماني غادر صنعاء برفقة رئيس وفد الحوثيين التفاوضي محمد عبد السلام، بعد زيارة استمرت لأيام.
وذكرت أنه خلال الزيارة التي بدأها وفد سلطنة عمان، الثلاثاء الفائت، التقى رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط، و"جرت مناقشة الجهود المبذولة التي يقوم بها الأشقاء في سلطنة عمان الشقيقة، فيما يتعلق بمسار السلام وتبادل وجهات النظر حولها".
وقال محمد عبد السلام، في تغريدة على "تويتر": "استمراراً للجهود التي يبذلها الأشقاء في سلطنة عمان، غادر الوفد الوطني إلى مسقط بعد إجراء نقاشات جادة وإيجابية حول الترتيبات الإنسانية، التي تحقق للشعب اليمني الاستقرار، وتمهد للسلام الشامل والعادل، وإنهاء العدوان والحصار".
استمرارا للجهود التي يبذلها الأشقاء في سلطنة عمان غادر الوفد الوطني إلى مسقط، بعد إجراء نقاشات جادة وإيجابية حول الترتيبات الإنسانية التي تحقق للشعب اليمني الاستقرار وتمهد للسلام الشامل والعادل وإنهاء العدوان والحصار بإذن الله تعالى .
— محمد عبدالسلام (@abdusalamsalah) January 15, 2023
وسبق للوفد العماني أن زار صنعاء في 21 ديسمبر/ كانون الأول الماضي لعقد مباحثات مع قيادات جماعة الحوثيين حول تطورات أزمة اليمن، تخللها اجتماع مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بحسب ما أكد يومها عبد السلام، مشيراً إلى أن "اللقاءات مع الوفد العماني كانت مثمرة، وقدمت تصورات للأفكار المطروحة في المفاوضات".
والزيارة الحالية هي الزيارة الرابعة منذ إعلان الهدنة الأممية في إبريل/ نيسان 2022.
وكان عبد السلام قد أكد في تصريحات، في 10 يناير/كانون الثاني الحالي، خلال استقبال الوفد العماني في مطار صنعاء، أن زيارة الوفد تأتي في هذه المرحلة استكمالاً للقاءات التي عقدت في صنعاء ومسقط، وجرى خلالها نقل الكثير من الرسائل والأخذ والرد مع الأطراف الأخرى (لم يحددها).
ويتحدث الحوثيون بخطاب هادئ عن أملهم في نجاح الوساطة العُمانية لتحقيق شروطهم، من أجل تمديد الهدنة المنتهية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وأبرزها تسليم الرواتب للموظفين في مناطق سيطرتهم.
ويسود تفاؤل في الأوساط السياسية لجماعة الحوثي بتحقيق تقدم في المفاوضات الثنائية الجارية بين السعودية والحوثيين في مسقط، بخلاف الزيارة السابقة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ أعلن الحوثيون عقب مغادرة الوفد العُماني عن سلسلة تهديدات متتالية بالتصعيد العسكري، في الوقت الذي لم ترد أي معلومات عن مسار تلك المفاوضات إلى أين وصلت.
ومن جانبه، قال القيادي الحوثي حسين العزي، في تغريدة على "تويتر" بعد مغادرة وفدهم بصحبة الوفد العماني: "نتمنى مواصلة العمل بكل إخلاص وتفان وصولاً إلى تحقيق السلام، واستعادة قيم الإخاء، مع الامتناع التام عن التأثر السلبي بالأصوات النشاز من دعاة الشر والكراهية، آملين أن نرى ثمار تلك الجهود على أرض الواقع"، على حد تعبيره.
بيمن الله ورعايته غادروا ضيوفنا الكرام وغادر وفدنا المفاوض أيضا متمنين للجميع النجاح والتوفيق ومواصلة العمل بكل إخلاص وتفاني وصولا إلى تحقيق السلام واستعادة قيم الإخاء مع الامتناع التام عن التأثر السلبي بالأصوات النشاز من دعاة الشر والكراهية آملين أن نرى ثمار تلك الجهود على أرض الواقع
— حسين العزي (@hussinalezzi5) January 15, 2023
انتظار جولات جديدة
وفي موازاة ذلك، ذكرت مصادر في الحكومة الشرعية لـ"العربي الجديد" أن "المشاورات حول تجديد الهدنة تراوح مكانها، ولا يوجد تقدم يمكن الاعتماد عليه كمنطلق جديد تُبنى عليه الهدنة، بسبب تصرفات وسلوكيات الحوثيين، رغم المساعي الإقليمية والدولية خلال الفترة الماضية، من خلال لقاءات عقدت في صنعاء وعدن والرياض ومسقط وعمّان".
ورأت المصادر نفسها أن "الجهود والمساعي انحصرت بشكل أساسي على الجهود الإنسانية لعدم وجود أي بوادر من قبل مليشيات الحوثيين المتزمتة، والتي تحاول استغلال الوضع الإنساني، من أجل تمكين نفسها وتعزيز قدراتها الاقتصادية".
وبرأي المصادر، فإن "كل شروط وأحاديث الحوثيين تغلب عليها كيفية إنقاذ وضعهم الاقتصادي، بوصفه وسيلة بقاء في مناطق سيطرتهم".
كما ذكرت المصادر أن "الشرعية أبلغت المبعوثين الغربيين والإقليميين في كل لقاءاتها بأنها لن تسمح لمليشيات تمارس الإرهاب أن تستغل الوضع الاقتصادي والإنساني المتفاقم، وأن تعمل على تمكين نفسها اقتصادياً لتهديد حياة اليمنيين وسلامة أراضي اليمن".
لكن المصادر أكدت أنها تنتظر الجولات الجديدة التي يقوم بها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ ومحادثاته مع مسقط وصنعاء، و"مدى إمكانية إحراز تقدم، من خلال إقناع المليشيات الحوثية وقف تعنتها بعدم التجاوب مع النداءات الدولية في التوجه نحو السلام وإنهاء الانقلاب، لتخفيف الأزمة الإنسانية المتصاعدة".
ولفتت إلى أنه "إذا ما فشلت هذه المساعي الجديدة، فإن لديها (الشرعية) خيارات للتخفيف من وطأة الوضع الإنساني الذي تحاول فرضه المليشيات، وقد بدأت في ذلك على شكل إجراءات تستهدف قدرات وإمكانيات الحوثيين".