"ولاية سيناء" يسرق المواطنين بعد ضربات الجيش المصري

06 يناير 2021
سيطر الجيش المصري على قرى جديدة بسيناء (فرانس برس)
+ الخط -

أدت الحملات العسكرية المتلاحقة للجيش المصري ضد تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لـ"داعش"، في مدن محافظة شمال سيناء شرقي البلاد، إلى تضييق الخناق عليه بشكل غير مسبوق، من خلال قطع طرق الإمداد بين مناطق تواجده، خصوصاً في مدينتي الشيخ زويد وبئر العبد. ما دفع التنظيم إلى الاتجاه نحو سرقة المواطنين ومصالحهم التجارية، لتلبية احتياجات أفراده المعيشية. وسُجلت عدة عمليات سرقة ونهب خلال الأيام القليلة الماضية، شملت محالاً تجارية وتموينية ومزرعة لتربية الدواجن، فيما فشلت محاولات أخرى، بسبب تنبه الأهالي إلى تحرك أفراد التنظيم.


سرق "ولاية سيناء" منازل ومصالح مواطنين ومحالاً تجارية

وفي التفاصيل، أفادت مصادر قبلية "العربي الجديد"، بأن عمليات الجيش المصري التي بدأت الشهر الماضي، أدت إلى استعادة عدد من القرى في نطاق مدينة بئر العبد، وكذلك منع تحرك "ولاية سيناء" في عشرات القرى والأحياء في مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد. وهذا الفعل لم يحصل قبل ذلك طيلة سنوات الصراع بين الجيش والتنظيم. وتسبّبت العمليات العسكرية في قطع الإمدادات بين نقاط تمركز التنظيم في تلك المناطق، وإجباره على البحث عن بدائل، كان أبرزها سرقة المواطنين، سواء البيوت أو المحال التجارية والمصالح الاقتصادية. وتسود حالة من القلق في أوساط المواطنين في المناطق القريبة من تواجد التنظيم، من تعرضهم للخطر أثناء تصديهم لمحاولات التنظيم نهب المحال التجارية خلال الفترة المقبلة في حال استمرار حصار الجيش.

وأضافت المصادر ذاتها أنه سجل خلال الأيام الماضية، سرقة "ولاية سيناء" محالا تجارية جنوبي مدينة الشيخ زويد، مستغلاً الحالة الجوية المتمثلة بانتشار الضباب، فيما نجحت بعض المجموعات من التنظيم في نهب مواد تموينية في قرية الكوثر، وأفشل المواطنون بعضاً بمعاونة المسلحين المحسوبين على المجموعات القبلية المساندة للجيش. في المقابل، سرق عناصر التنظيم مزرعة لتربية الدواجن في قرية التلول، في نطاق مدينة بئر العبد، وخطف العاملين فيها، ونقلهم إلى جهة غير معلومة، برفقة مئات الدواجن والأعلاف التي كانت بداخل المزرعة. ولم تتمكن قوات الجيش والشرطة من تعقب الفاعلين أو الإمساك بهم، علماً أن الكمية المسروقة كافية لإطعام عناصر "ولاية سيناء" أسابيع عدة في مناطق تواجده ببئر العبد، وكذلك أطراف مدينة العريش والشيخ زويد، في حال تمكن من نقلها واختراق إجراءات الجيش في قطع امدادات التنظيم.

وكانت مصادر عسكرية في شمال سيناء، قد نشرت عبر صفحات المقرّبين منها على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لعدد من عناصر التنظيم الذين قُتلوا الأسبوع الماضي، خلال محاولتهم تهريب المواد التموينية للمجموعات المحاصرة في قريتي التومة والمقاطعة جنوبي رفح والشيخ زويد. وفي موازاة ذلك، لا تفارق الطائرات من دون طيار سماء مدن شمال سيناء، لمراقبة حركة "ولاية سيناء"، في ظل تحرك الحملات البرية على الأرض، لاستكمال السيطرة على القرى والمناطق التي لا تزال تحت قبضته. وكان الجيش قد سيطر على عدد من القرى مثل فاطر وتفاحة وقصرويت والهميصة وغيرها من قرى نطاق بئر العبد، لتضاف إلى قرى رابعة وقاطية واقطية والجناين والمريح.


غيّر الجيش المصري من استراتيجيات عمله في شمال سيناء

في السياق، ذكر باحث في شؤون سيناء، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن النتائج الملموسة على أرض الواقع، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الجيش المصري غيّر من استراتيجيات عمله في شمال سيناء خلال الفترة القريبة الماضية. وهذا ما أدى إلى الإضرار بقوة تنظيم "داعش"، وإبقائه في حال دفاع عن النفس بدلاً من الهجوم، بالتزامن مع فقدانه لمساحات واسعة كانت تقع تحت سيطرته منذ بداية عام 2020. ولفت إلى أن التنظيم لم ينفذ أي هجوم نوعي منذ فترة طويلة بخلاف هجوم معسكر رابعة في شهر يوليو الماضي، علماً أن قوات الجيش عمدت إلى تقطيع الأوصال بين المدن والطرق التي يسلكها التنظيم في الظهير الصحراوي للمدن. وأشار إلى أن هذا الوضع أثّر بشكل حقيقي على تماسك قوة التنظيم، وأدى إلى نقص واضح في الإمدادات بين نقاط التمركز، ما أفضى إلى انسحابه من قرى كان يسيطر عليها لأشهر طويلة، وكذلك سعيه للحصول على الإمدادات ولو الغذائية على الأقل من خلال سرقة المواطنين ومحالهم التجارية.

وأضاف الباحث أنه في حال استمر الجيش في عمله بهذه الطريقة، فإن المزيد من الإنجازات الميدانية ستتحقق خلال الفترة المقبلة، وهذا لا يمنع بالتأكيد استمرار تسجيل خسائر بشرية ومادية في صفوف الجيش، في ظل تصدي التنظيم للحملات العسكرية المستمرة في عدة مناطق. وشدّد على أن الجيش بات ملزماً بحماية المواطنين أكثر من أي وقت مضى، والحفاظ على ممتلكاتهم، وعدم تركهم فريسة سهلة للتنظيم لسرقتهم وفعل أي شيء في مقابل حصوله على الغذاء اللازم لعناصره. بالتالي يتوقع المراقبون استمرار تسجيل حالات السرقة والنهب للمحال التجارية والمزارع وخلافه، في ظل تواصل عمليات الجيش في مدن عدة بالمحافظة. تُجدر الإشارة إلى أن الحالة المسيطرة على المشهد في الوقت الحالي قد لا تدوم طويلاً، نظراً إلى ارتباطها بعدة عوامل ميدانية وجغرافية، وأخرى تتعلق بطبيعة عمل التنظيم وقدرته على التكيف مع كافة الظروف، وهذا ما ثبت في دول عدة كالعراق وسورية.

المساهمون