يلتقي وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، يوم غد الثلاثاء، وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في لقاء سيبحث العلاقات الثنائية والتشاور السياسي حول العديد من القضايا، في إشارة أخرى إلى وقوع انعطافة جديدة في العلاقات بين الرباط ونواكشوط، بعد أزمة صامتة ألقت بظلالها منذ وصول ولد الشيخ الغزاوني إلى سدة الحكم.
ووفق ما كشفته مصادر دبلوماسية مغربية لـ"العربي الجديد "، فإن المباحثات التي ستجمع بوريطة بولد الشيخ أحمد الثلاثاء، ستنصب بدرجة أولى على مناقشة عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، مشيرة إلى أن العلاقات مع موريتانيا "ممتازة على الصعيد السياسي، بيد أن الجوانب الاقتصادية والقطاعية تبقى بحاجة لدفع أكبر، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال إحداث اللجنة العليا المشتركة التي ستجتمع في الأشهر القادمة".
وأوضحت المصادر ذاتها أن اللجان المشتركة بين الوزارات والقطاعات المغربية الموريتانية تعمل منذ أشهر على التحضير للجنة العليا المشتركة، للدفع بعجلة التعاون الاقتصادي بين البلدين، لافتة إلى أن الأشهر القادمة ستعرف توقيع العديد من الاتفاقيات.
وتأتي زيارة وزير خارجية موريتانيا إلى الرباط بعد أسبوع على اتصال هاتفي جمعه بنظيره المغربي، عبرا خلاله عن "ارتياحهما لمستوى علاقات الأخوة والتعاون بين البلدين الشقيقين". كما أعلنا، وفق ما نقلته الوكالة الموريتانية للأنباء، عن "عزمهما خلال المباحثات على تكثيف الاتصال، والمشاورات الدائمة في كل ما من شأنه خدمة المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين".
وإلى جانب لقائه وزير الخارجية المغربي، ينتظر أن يشرف ولد الشيخ أحمد على وضع حجر الأساس للمقر الجديد الذي سيتم تشييده ليكون سفارة جديدة لموريتانيا في المغرب، في إشارة جديدة إلى تعافي العلاقات بين الجارين والرغبة بالدفع بها إلى مستويات جديدة.
وكان وزير الخارجية الموريتاني قد قام في 24 مايو/ أيار الماضي بزيارة للمغرب، أكد خلالها أن "العلاقات بين البلدين شهدت، خلال السنوات الماضية، قفزة مهمة، وهي علاقات صلبة، ونطمح لرفع مستواها وتقويتها". كما لفت إلى "وجود تنسيق جيد على المستوى السياسي وإرادة سياسية للدفع بالعلاقات"، مؤكداً ضرورة العمل على تطوير العلاقة الاقتصادية بين البلدين، عبر إحداث لجنة عليا مشتركة يترأسها وزير أول موريتانيا ونظيره المغربي.
وبحسب مراقبين، فإن المغرب يراهن على خروج نواكشوط من حيادها السلبي، وعلى تعديلها الكفة المائلة نحو الجبهة والجزائر وإدارتها قليلاً نحو الرباط، التي ترغب في "علاقات استثنائية" مع الجارة الجنوبية على أسس واقعية وعملية، يكون الجانب الاقتصادي القاطرة المحركة لها.
وشهدت العلاقات بين الجارين طيلة العقد الماضي، وحتى مع وصول الرئيس الموريتاني الجديد للسلطة، حالة من الفتور والتوتر بسبب ارتباطات "البوليساريو" بالنظام والقوى السياسية في هذا البلد.
غير أن إعلان الملك محمد السادس في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، خلال اتصال هاتفي مع ولد الشيخ الغزواني، عن استعداده لزيارة نواكشوط، رأى فيه مراقبون انعطافة جديدة في العلاقات، ومدخلاً لتقارب بين الرباط ونواكشوط سيكون له أثر إيجابي على النزاع في الصحراء، وكذا على انعكاسات التوتر الصامت بين البلدين، رغم تأكيد الجانب المغربي، منذ وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الرئاسة، على "ألا تكون العلاقة مع موريتانيا علاقة عادية، وإنما علاقة استثنائية، بحكم ما يميزها من تاريخ ووشائج إنسانية وجوار جغرافي".
وعاشت موريتانيا خلال الأشهر الماضية بعد أزمة، الكركرات، جدلاً ونقاشاً حول علاقاتها بـ"البوليساريو" نتيجة ما لحق مصالحها من أضرار، وما ترتب من انعكاسات على أسواق الاستهلاك الموريتانية المعتمدة على معبر الكركرات، الذي يعتبر حيوياً، سواء للتصدير أو الاستيراد، ليس فقط مع المغرب، وإنما مع أوروبا من جهة، وباقي بلدان غرب أفريقيا من جهة أخرى.