قالت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، اليوم السبت، إن عدد العراقيين الذين قاموا بتحديث بطاقاتهم الانتخابية بلغ أكثر من 15 مليوناً، من أصل ما يزيد على 25 مليوناً يحق لهم التصويت في الانتخابات التشريعية العامة، المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول العام الحالي.
ويعوّل العراقيون على الانتخابات المقبلة لإحداث تغيير يتيح حل مشكلات البلاد المزمنة، وأبرزها التردي في الملفين الأمني والاقتصادي والفساد المالي، وانتشار السلاح المنفلت، في وقت سيدير فيه العملية الانتخابية كادر جديد بمفوضية الانتخابات من قضاة مستقلين، تم اختيارهم بدلاً من الإدارة السابقة، استجابة لمطالب المتظاهرين العراقيين، عقب موجة الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في مدن عدة وسط البلاد وجنوبها، فضلاً عن العاصمة بغداد.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا للانتخابات في العراق جمانة غلاي لـ"العربي الجديد"، إن "المفوضية نجحت في تسجيل 15 مليون بطاقة بايومترية (بطاقات ذكية تعتمد بصمة الإبهام) للمواطنين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات المقبلة".
وأضافت غلاي أنّ "هذا الرقم لم يتحقق خلال هذا العام، بل نتيجة جهود لسنوات ماضية، ولدينا الأوراق التي تؤكد وصولنا إلى هذا الرقم، وتمكنا خلال الأشهر الماضية من تحديث أكثر من مليون بطاقة لناخبين من المواليد الجدد والنازحين الذين فقدوا بطاقاتهم"، مؤكدة أن "مجموع الناخبين العراقيين يبلغ حوالي 25 مليوناً، ما يعني أن 10 ملايين عراقي لم يسجلوا بياناتهم ولم يحصلوا على بطاقات انتخابية، ولذلك نأمل أن يتوجه العراقيون إلى تسجيل بياناتهم والمشاركة في الانتخابات كونها السبيل الوحيد للتغيير في البلاد".
يأتي ذلك بعد يومين من إعلان المفوضية عن اعتماد أجهزة تسريع نتائج الانتخابات، كما تمت الموافقة على اختيار شركة بريطانية لفحص أجهزة الاقتراع الخاصة بالانتخابات.
ووفقاً لبيان صدر عن المفوضية، فإنه تم اختيار شركة PWC البريطانية الفاحصة لأجهزة الاقتراع والأجهزة الملحقة بها والبرمجيات المستخدمة والوسط الناقل وجهاز الإرسال وسيرفرات إعلان النتائج".
والخميس، دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مفوضية الانتخابات إلى حسم موضوع شمول عراقيي الخارج، والبالغ عددهم أكثر من 5 ملايين، بالانتخابات، أو تحديد الدول الأكثر وجوداً لعراقيين فيها لفتح مراكز اقتراع هناك، بحسب بيان صدر عن مكتب رئيس الحكومة.
وتعليقاً على الأرقام الجديدة لعدد العراقيين الذين حدّثوا بياناتهم الانتخابية؛ أشار رئيس مركز التفكير السياسي في العراق إحسان الشمري إلى أن "عملية الإقبال التي تجرى حالياً على تحديث بطاقات الناخبين هي رغبة جماهيرية للمشاركة في الانتخابات، وأن هناك توجهاً عاماً يُشير إلى أن الانتخابات هي مساحة للتغيير، كما أن الأرقام التي تعلنها مفوضية الانتخابات جاءت بسبب ربط عملية استلام رواتب الموظفين بتحديث البطاقات وهو ما دفع إلى زيادة الأعداد، إضافة إلى الحملات التحشيدية التي تمارسها الأحزاب التقليدية على جماهيرها، فضلاً عن حماس جماهير الأحزاب الجديدة، التي ظهرت عقب التظاهرات".
وأوضح في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "هذا الأمر لا يحذف الوجود المعارض للانتخابات أو إجراء تحديث لبطاقات الناخبين، وذلك بسبب تجربة انتخابات 2018 السيئة، والتي كانت انتخابات شكلية وأدت في النهاية إلى انهيار الثقة بالنظام السياسي وظهور جيل من العراقيين المؤمنين بالحراك الجماهيري والثوري".
في المقابل، اعتبر عضو البرلمان العراقي باسم خشان الأرقام التي تعلنها المفوضية بأنها "قد يتخللها بعض عدم الدقة، وربما تكون جزءاً من عملية دفع هذه الأرقام من أجل تحفيز المواطنين على تحديث بياناتهم الانتخابية"، وأضاف خشان لـ"العربي الجديد" أنه "من الصعب الآن تحديد ما إذا ستكون الانتخابات ناجحة أو فاشلة، لأن الأمر يرتبط بعدة عوامل، من بينها توزيع المراكز الانتخابية ومحطات الاقتراع، إضافة إلى معايير فنية وأخرى مرتبطة بالمزاج الشعبي العام".
وتكشف آخر الإحصاءات الرسمية وغير النهائية عن ولادة أكثر من 400 حزب وكيان سياسي تقدمت بطلبات تسجيل لخوض الانتخابات المقبلة، تم منح 230 منها إجازة رسمية تمكنها من المشاركة في الاقتراع.
ومنتصف الأسبوع الحالي كشفت وثائق عن وجود تلاعب بأسماء آلاف الناخبين العراقيين من أهالي مدينة جرف الصخر، شمالي محافظة بابل (80 كيلومتراً جنوب بغداد)، والتي يسيطر عليها خليط من مليشيات مسلحة حليفة لإيران تمنع أهلها من العودة إليها منذ ما يزيد عن خمس سنوات، حيث يتم نقل الناخبين من دائرة جرف الصخر الانتخابية إلى دوائر انتخابية أخرى ضمن مناطق نزوحهم، من بينها محافظة السليمانية، ضمن إقليم كردستان العراق، ويقدرون بنحو أربعة آلاف شخص، الأمر الذي يدعم شكوك التلاعب المبكرة بالانتخابات وأرقامها في المستقبل.