جددت الاشتباكات، التي شهدتها منطقة محرم بك في محافظة الإسكندرية، بين قوات الجيش والشرطة، التساؤلات حول مستقبل العلاقة بين جناحي المنظومة الأمنية في مصر، في ظل تنامي وقائع الاشتباكات بينهما عقب ثورة 25 يناير 2011.
ويرصد الجميع توتراً مكتوماً بين الطرفين، يصل في حالات كثيرة إلى حد التنابز بالرتب والألقاب. وفي حالات أقل إلى اشتباكات محدودة في أماكن عمل الطرف الثاني "جهاز الشرطة"، الذي قد يكون قسماً أومركزاً شرطياً، أو كميناً أمنياً أو مرورياً.
وتحفل حكايات المصريين بالعديد من القصص التي تشوبها المبالغة أحياناً. لكن الباحثين في الشأنين السياسي والمجتمعي، يتخوفون دائماً من أن تشهد العلاقة بين الطرفين، المعروفين بقدر عال جداً من الانضباط، توتراً أعلى من المسموح به، في ظل الحرص على التهوين من شأن الحوادث ووصفها بأنها "حوادث فردية".
ويعلق ضابط في وزارة الداخلية، رفض ذكر اسمه، على تلك الوقائع قائلاً "إنه عادةً ما يكون سبب شرارتها الأولى ضباط القوات المسلحة الذين، بحسب الضابط، يتعالون على أفراد وضباط الشرطة في كل مناسبة". ويشير إلى أنّ "ضباط الجيش، عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، يرون أنهم هم من قاموا بإنقاذ الداخلية من أن يفتك بها المتظاهرون، وأنهم هم من قاموا بحماية السجون وأقسام الشرطة، ولولاهم لسقطت الوزارة تماماً".
ويرى الضابط أنّ "معظم الوقائع يكون أبطالها ضباطاً شباباً من الطرفين، حيث يكون كل منهم متحمساً لوزارته، في وقت يرفض فيه أفراد وضباط الشرطة نظرة ضباط الجيش إليهم".
كما أرجع تنامي تلك الوقائع، إلى "ضعف شخصية وزراء الداخلية الذين جاءوا عقب وزير الداخلية في عهد مبارك، حبيب العادلي، المسجون حالياً".
ويعكس رصد بعض الوقائع والأحداث الشهيرة مفاتيح مهمة في محاولة تفكيك أسباب التوتر بين الطرفين. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، استوقف ضابط شرطة، في كمين كلية الشرطة في منطقة التجمع الخامس في القاهرة الجديدة، ضابطاً في القوات المسلحة، وطالبه بإظهار رخصة القيادة الخاصة به بشكل غير لائق، قبل أن يتطور الأمر إلى مشادة انتهت باصطحاب ضابط الجيش إلى قسم شرطة القاهرة الجديدة ثان. ليعلم بعدها زملاء ضابط الجيش بالواقعة، فيتجمع نحو 700 ضابط من القوات المسلحة لتحرير زميلهم، والهجوم على القسم وتحطيمه. وأحدثوا إصابات بالغة بمجندي الشرطة، وحطموا السيارات التابعة لوزارة الداخلية التي كانت موجودة في المكان.
وبعد أن شهد محيط القسم أحداثاً مؤسفة ومخالفات بالجملة للقانون، حضر اللواء أركان حرب، توحيد توفيق، قائد المنطقة المركزية العسكرية، بصحبة اللواء إبراهيم الدماطي، رئيس الشرطة العسكرية، وتمكنا من السيطرة على ضباطهما لتنتهي الواقعة من دون معاقبة أي من المتسببين فيها.
بدورها، كانت محافظة بورسعيد شاهدة على واقعة جديدة في مسلسل الشد والجذب بين قوات الشرطة والجيش، عندما وقعت اشتباكات عنيفة تبادل فيها الطرفان إطلاق النار، بعدما تدخلت قوات الجيش، التي كانت مكلفة بتأمين مديرية أمن بورسعيد، لمنع هجوم قوات الأمن المركزي على متظاهرين من أهالي سجناء مذبحة بورسعيد. وهو ما أدى إلى مقتل مجند، وإصابة عقيد بالجيش.
ودخلت قوات الجيش مبنى ديوان محافظة بورسعيد لمهاجمة قوات الشرطة المختبئة داخله، واستعانت القوات المسلحة بعدد من العربات والمدرعات المصفحة لحصار مبنى المحافظة وتطويق كافة الشوارع والطرق المؤدية إليه، في محاولة للسيطرة على الموقف. وتجاوز عدد المصابين المئات.
أما في الثاني من مارس/ آذار2014، فقد شهدت محافظة الجيزة مصادمات عنيفة بين عناصر من الجيش كانت مكلفة بتأمين قسم شرطة إمبابة وأفراد الشرطة في القسم، استخدم فيها الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع من قبل الطرفين، بعدما قام أمينا شرطة بالقسم بالاعتداء على أحد عساكر الجيش، الذي رفض قيام أمين الشرطة بوضع دراجة نارية أمام مدرعة للجيش مكلفة بتأمين القسم. وهو ما دفع زملاء المجند وقائده إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي تجاه قسم الشرطة، ومحاصرة من بداخله من أفراد وزارة الداخلية، قبل أن تنتهي الواقعة بتدخل القيادات العليا من الطرفين.