ويُعيد هذا الإجراء التذكير بالأجواء العنصرية التي طاولت اللاجئين السوريين، خصوصاً خلال مرحلة التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مناطق لبنانيّة مختلفة، وخلال معارك حزب الله في المناطق المحاذية للبنان. وتتزامن التحذيرات هذه المرة، مع إجراءات عدة، توضع في سياق إعادة تعزيز "عامل الخوف" اللبناني من السوريين، وذلك مع انتشار شائعات عن تفكيك سيارات مفخخة في مناطق قريبة من الضاحية الجنوبية لبيروت.
اللافت، أن بعض المدن، لم تستخدم هذا الإجراء، بل اقتصرت الإجراءات فيها على إقفال الشوارع التي يجري إحياء مراسم عاشوراء فيها، ومنع اللاجئين السوريين من دخول هذه الشوارع خلال إحياء المراسم، وتفتيش اللبنانيين الداخلين. ومن أبرز هذه المدن، مدينة صور في جنوب لبنان.
لكن اللافت في الضاحية الجنوبية هذا العام، أن منع تجوّل السوريين بعد الساعة السادسة مساء، ترافق مع جولات قام بها شبان يُفترض أنهم تابعون لجهاز أمن حزب الله، على بنايات الضاحية، وتواصلوا مع سكان الشقق، إن عبر هواتف الداخلية للبنايات أو زيارة الشقق وتوزيع أرقام هواتف على سكانها، والطلب منهم الاتصال بها إذا ما لاحظوا أي "أمر غريب" كما أبلغ عدد من سكان الضاحية "العربي الجديد".
اقرأ أيضاً: تمويل الحرب والإرهاب
كما قام من يُفترض أنهم جهاز أمن حزب الله، إذ لا يُعلنون عن أنفسهم رسمياً، بمحاولة مسح كل السيارات التي يملكها سكّان الضاحية، بينما كان يقتصر هذا الاجراء سابقاً على سكان المناطق الملاصقة للمقار العلنية الكبرى لحزب الله في الضاحية.
ومن الإجراءات الجديدة هذا العام، إجراء مسح للعاملين في مؤسسات رسمية أو شبه رسمية موجودة في الضاحية الجنوبية لبيروت، ومحاولة معرفة الانتماء الديني والسياسي للعاملين فيها. واللافت في هذا الاجراء، أنه يكسر الحصانة التي كانت موجودة للمؤسسات الرسمية.
وينتشر ليلاً عناصر أمن حزب الله عند مداخل الضاحية الجنوبية أو في المناطق التي يتم إحياء مراسم عاشوراء فيها، ليتولّى هؤلاء تفتيش الداخلين والتدقيق بأوراقهم. وينطبق هذا الأمر على شوارع بيروت الداخليّة، وقد أدى توتر بين مناصرين لقوى حزبيّة، في الشكل تبدو متحالفة، لكنها تختلف مذهبياً، إلى إطلاق النار من قبل عدد من المسلحين في منطقة برج أبي حيدر في قلب العاصمة في أول أيام عاشوراء على خلفية تعليق لافتات. ونقل عدد من سكان المنطقة لـ"العربي الجديد" استياءهم من الإجراءات الأمنية التي تقوم بها قوى حزبية وليست رسمية، ومن أشكالها إغلاق الطرقات أمام السيارات في أوقات إقامة المراسم. وتترافق هذه الإجراءات مع تجول سيارات في مختلف الشوارع، تبث مجالس عزاء أو أدعية دينية بأصوات عالية وهو ما يؤدي إلى توترات مذهبية. وتؤشّر هذه الإجراءات والتصرفات، إلى فائض قوة مترافق مع تزعزع الثقة بإمكانية انتهاء المعركة لصالح الحزب، وهو ما يفتح الباب أمام الأسئلة حول التداعيات على هذا الجمهور.
وتتزامن هذه الإجراءات، مع إرسال حزب الله لآلاف المقاتلين إلى سورية للمشاركة في معارك حماة وإدلب بحسب وسائل إعلامية قريبة من حزب الله. وهذا الأمر يحتاج لإعادة شدّ العصب ورفع المعنويات، لأنه يعني سقوط عدد جديد من القتلى في الميدان، خصوصاً أن معركة الزبداني لم تنتهِ "بنصر مبين" كما أراد الحزب، لتنضم إلى لائحة المعارك الطويلة التي فشل الحزب في حسمها منذ بداية هذا العام، من الجنوب السوري إلى القلمون وجرود عرسال والزبداني.
وسبق هذه الإجراءات تسريب كلام للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، خلال لقاء مع "قراء العزاء" عبر وسيلة إعلامية تدور في فلك حزب الله. وأهم ما جاء في كلام نصرالله في هذا اللقاء، الذي يُعتبر توجيهاً لـ"قراء العزاء"، تحميل السعودية مسؤولية كل الحروب التي جرت في المنطقة منذ حرب أفغانستان، ووصل به الأمر لتحميل السعودية مسؤولية حرب تموز 2006. وهذا يؤشّر إلى أن مراسم عاشوراء هذه السنة، ستكون محطة تعبئة مذهبية حادة.
اقرأ أيضاً: حزب الله في سورية...ما بعد الزبداني ليس كما قبلها