وفي جديد عمليات أمس، وقعت عملية طعن في محطة القطار الخفيف في حي الشيخ جراح بالقدس، نفذها صبحي إبراهيم أبو خليفة، من سكان مخيم شعفاط، شمالي القدس، أصيب خلالها مستوطن بجروح ما بين متوسطة إلى طفيفة، فيما أطلقت النار على الشاب الفلسطيني وأصيب قبل اعتقاله. ووقع الحادث في المكان عينه الذي نفّذ فيه الشاب عبد الرحمن الشلودي عملية دهس لجنود العام الماضي، في وقت أغلقت فيه قوات كبيرة من شرطة الاحتلال مكان الحادث. كما طُعنت مجنّدة قرب وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب، قبل أن تشتعل الأوضاع من جديد عقب الإعلان عن استشهاد الشاب وسام جمال فرج المنسي (20 عاماً)، من سكان مخيم شعفاط شمال القدس، بعد إصابته بعيار ناري في الصدر، في مواجهات شهدها المخيم، والإعلان عن استشهاد ثائر خضر أبو غزالة (20 عاماً)، بعد أن طعن مجندة إسرائيلية في تل أبيب وأصاب 4 إسرائيليين آخرين.
وشهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة أمس تصعيداً خطيراً بعد انضمام رئيس بلدية القدس، نير بركات إلى قائد شرطة أسدود، نوعام شاكل، بدعوة الإسرائيليين في القدس، ممّن يحملون سلاحاً مرخّصاً إلى "حمل السلاح أينما حلوا"، بحجة أن "ذلك يساعد في إحباط عمليات فلسطينية، ويساهم في تعزيز الأمن الشخصي عند الإسرائيليين".
اقرأ أيضاً: الحكومة الفلسطينية: إسرائيل تخطئ بترجمة دعوة عباس إلى الحل
وتحمل هذه الدعوة، وتكرارها في مدينتين، سواء في أسدود أم القدس، دعوات ضمنية لإطلاق الرصاص الحي باتجاه كل فلسطيني تحت ذريعة "الدفاع عن النفس"، من دون أن يكون بمقدور الفلسطينيين العزّل الدفاع عن أنفسهم. وتعيد هذه الدعوات إلى الأذهان، الدعوة التي سبق أن أطلقها في الصيف الماضي وزير الأمن الداخلي السابق، يتسحاق أهرونوفيتش، بعد عمليات الدهس التي نفّذها فلسطينيون خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في القدس. حتى أن أهرونوفيتش دعا إلى إدخال تسهيلات على شروط حمل السلاح والحصول على تراخيص لهذا الغرض.
في غضون ذلك، اعتبرت الصحف الإسرائيلية، أن "المهمة الأولى للاحتلال هو تثبيت وتكريس الأمن في القدس، والترويج لموقف الحكومة الإسرائيلية، بأن إسرائيل تتعرّض لموجة من العمليات الإرهابية". كما أوردت الصحف الإسرائيلية في هذا السياق، "قصص البطولة الإسرائيلية من مستوطنة كريات غات"، التي ادّعى فيها الإسرائيليون أنها واجهت الشهيد مجد الجندي من الخليل، الذي قتله الاحتلال في "كريات غات" بعد مزاعم عن "طعنه جندياً ومحاولة تنفيذ عملية بعد خطف سلاح الجندي".
بدوره غذّى نتنياهو هذه الدعاية، عندما أثنى على ما اعتبره "صمود الإسرائيليين"، متوعّداً بـ"الردّ على تهديد حياة الإسرائيليين، وكسر موجة الإرهاب الحالية، على غرار ما تم في السابق". ولم يتأخر نتنياهو في الرضوخ لمطالب وزراء اليمين الإسرائيلي، الذين احتجوا على منعهم من دخول المسجد الأقصى، وطالبوا بأن "تكون أوامر المنع سارية أيضاً على النواب الفلسطينيين في الداخل". واعتبر هؤلاء، بأن "النواب الفلسطينيين إلى جانب الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، برئاسة الشيخ رائد صلاح، يُشكّلون رأس الحربة في التحريض ضد إسرائيل وضد الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى".
ورد النواب الفلسطينيون في الكنيست بالإعلان عن عزمهم القيام بجولة في المسجد الأقصى، اليوم الجمعة. واعتبر رئيس "القائمة المشتركة" النائب أيمن عودة، أن "نتنياهو لا يملك صلاحية على المسجد الأقصى ولا يحق له منع أي أحد من دخوله، باعتبار أن الأوقاف الأردنية والمملكة الأردنية الهاشمية هي المسؤولة عن المسجد". لكن شرطة الاحتلال منعت النائب جمال زحالقة من دخول الأقصى، وذكر زحالقة أن "الشرطة الإسرائيلية منعته من دخول المسجد الأقصى، من دون أن تبرز أي سندٍ قانوني".
في المقابل، أعلن رئيس "الحركة الإسلامية"، الشيخ رائد صلاح، أن "حركته لا تخشى تهديدات الحكومة بإخراجها على القانون"، مؤكداً أن "الاحتلال هو الخارج على القانون". ويُشدّد صلاح على أن "الحركة الإسلامية لن تتخلّى عن دورها في الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى مهما كلف الثمن"، معتبراً أن "الشهادة في المسجد الأقصى هي غاية كل حر".
وبموازاة التصعيد وترخيص القتل الصادر عن دعوات حمل السلاح للإسرائيليين، شنّت الاستخبارات الإسرائيلية والشرطة الإسرائيلية، حملات اعتقال في صفوف ناشطين في الداخل الفلسطيني، زعم فيها الاحتلال أن "بعض الناشطين يقفون وراء الدعوات لتنظيم تظاهرات ووقفات احتجاجية غير مرخّصة". ويرى مراقبون بأن "الهدف من الاعتقالات، هو إرهاب الشباب والأهالي من المشاركة في التظاهرات التضامنية مع القدس والأقصى".
من جهته، يعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "العمليات في القدس تُغذّي نفسها"، لافتاً إلى أن "المشكلة الرئيسية التي تواجهها إسرائيل في المرحلة الحالية، تتمثل في العمليات الفردية، تحديداً مع تطوّر العمليات وفقدان الأمن الشخصي للإسرائيليين إلى داخل الخط الأخضر". ووفقاً لهرئيل، فإن "منفذي العمليات الفردية يقومون بعملياتهم بقرارهم المستقل حتى لو تبنّتهم التنظيمات والفصائل لاحقاً، وأن نجاح كل عملية من هذه العمليات يفتح الطريق أمام عملية إضافية".
ويشير إلى أن "العامل الجديد الذي دخل الصورة هذه المرة، هو عامل المستوطنين، الذين لا يتورّعون عن إطلاق النار باتجاه الفلسطينيين، ورشقهم بالحجارة في المستوطنات، وما حدث مع الفتاة الفلسطينية شروق ديات هو أكبر دليل، بعد أن أطلق مستوطن النار عليها عند باب الواد أمس، وأصابها بجراح خطيرة".
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي أيزنكوت، قد أفاد قبل يومين هو الآخر، بأن "عناصر اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذين ينفذون الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية، يعرقلون عبر هذه الاعتداءات، جيش الاحتلال ويمنعون منه تركيز نشاطه في مواجهة الفلسطينيين".
اقرأ أيضاً: آفاق تصعيد المواجهة الشعبية الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي