وفي الوقت الذي لوّحت فيه جبهة البوليساريو بخيار حمل السلاح من جديد في وجه المغرب، من خلال تصريحات منسوبة إلى بعض قيادييها، تساءل مراقبون عن مدى احتمال وقوع حرب بين المغرب والجزائر بسبب قضية الصحراء، كونها تُعدّ أكبر العوامل المسبّبة للنزاع بين الجارتين، إذ تتهم الرباط الجزائر بدعم البوليساريو للمطالبة بالانفصال.
وكان المغرب والجزائر قد دخلا في صراع مسلح في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1963، سُمّيت بحرب الرمال، وذلك بعد فترة قصيرة من استقلال الجزائر، وشهدت مناطق تندوف و"حاسي بيضا" تلك الحرب التي لم تدم سوى أيام، وتوقفت المعارك في 5 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، بعد وساطة جامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الأفريقية. وقررت الجزائر إغلاق الحدود البرية مع المغرب في عام 1994، وما زال القرار سارياً حتى اليوم، وذلك على خلفية تفجيرات طاولت فندق "أطلس أسني" في مدينة مراكش جنوبي المغرب، ما دفع السلطات المغربية حينها إلى فرض تأشيرة على الجزائريين، لترد الجزائر بإغلاق الحدود التي لم تفتح سوى مرة واحدة وبشكل استثنائي عام 2009 أيام التضامن مع غزة.
اقرأ أيضاً: التراشق المغربي ــ الجزائري: فصل متجدّد من أزمة مزمنة
ويظهر التصعيد السياسي بين البلدين جليّاً من خلال الاتهامات المتبادلة كل مرة بينهما، فالرباط تتهم الجزائر بتحريض الانفصاليين ضد وحدة أراضيها، وخوضها معركة بالوكالة ضد المملكة، فيما الجزائر تتهم المغرب باحتلال الصحراء، وتصدير المخدرات إليها لتدمير شبابها. ولكن على الرغم من مظاهر التصعيد والاحتقان والتلويح بالحرب، خصوصاً من جبهة البوليساريو، فإن محللين يستبعدون اندلاع صراع مسلح بين هذه الأطراف، نظراً لعدة ظروف جيوسياسية ودولية تمنع وقوع حرب بين المغرب وجارتها الشرقية، أو بينها وبين البوليساريو.
ويرى وزير الدولة المغربي السابق، محمد اليازغي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحديث عن حرب بين المغرب والجزائر، أو بين المغرب وجبهة البوليساريو، "لا يراعي منطق تحوّل الظروف السياسية في المنظومة الدولية، فالحروب العسكرية المباشرة لم يعد لها جدوى ولا وجود". ويعتبر اليازغي أن "اندلاع الحرب بين المغرب والبوليساريو، مهما كان سبب انطلاق شرارتها، لن يسمح به السياق الدولي الراهن، لأنه يخالف مقررات مجلس الأمن الدولي الذي أشرف على وقف إطلاق النار في السادس من سبتمبر/أيلول 1991".
ويشدد على أن "الحرب في الصحراء لن تقع بصورة مباشرة، لسبب آخر يتعلق بالوضع في الميدان هناك، فالجدار الأمني العازل الذي شيّدته المملكة في الصحراء خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وضع نهاية لأية محاولة لإثارة المعارك العسكرية بين المغرب ومليشيات البوليساريو".
والجدار العازل هو حائط أنشأه الجيش المغربي في المنطقة الشرقية للصحراء، والتي تُعدّ منطقة عازلة وفق المغرب والأمم المتحدة، لكن جبهة البوليساريو تعتبرها "أراضي محررة"، وهو جدار بأدوار دفاعية بالأساس، طوله حوالى ألفين و360 كيلومتراً، وارتفاعه يزيد عن 6 أمتار، ومزود بكاميرات، ومحمي بجدار ألغام، وهو أُنشئ لمنع مناوشات جبهة البوليساريو.
ويتهم المغرب الجزائر بأنها تدفع البوليساريو سراً وعلناً إلى مواجهة المغرب، وعرقلة أية حلول ممكنة لنزاع الصحراء الذي دام سنوات طويلة، كما يحمّلها مسؤولية رفض البوليساريو لطرح الحكم الذاتي الذي اقترحته الرباط في الأمم المتحدة كحل لمشكلة الصحراء، بينما تتمسّك الجزائر ومعها الجبهة بإجراء استفتاء يشارك فيه الصحراويون لإقرار مصيرهم بيدهم.
اقرأ أيضاً: الجزائر تصف تصريحات المغرب حول "تندوف" بـ"غير الملائمة"