ومع تأخر إعلان المحققين عن أسباب سقوط الطائرة، لم يكشف التنظيم في الرسالة، التي بثّها بعنوان "نحن من أسقطها فموتوا بغيظكم"، عن "طريقة إسقاط" الطائرة، مكتفياً بالقول إن "ولاية سيناء ستُفصح عن آلية سقوط الطائرة في الوقت الذي تريده، وبالشكل الذي تراه".
وتصاعدت نبرة التشكيك حول مسؤولية التنظيم عن الحادثة، مع كشف مسؤول في شركة "متروجيت" الروسية للطيران، ألكسندر سميرنوف، يوم الاثنين، أن "الطائرة كانت في حالة تقنية ممتازة، ووحده عمل خارجي يُمكن أن يفسّر ما حصل". بينما أعلن رئيس خبراء الطيران الروس المشاركين في التحقيق فيكتور سوروتشينكو، أن "الطائرة انشطرت في الجوّ لأسباب لا تزال مجهولة، ما يبرر تناثر الحطام على مساحة 20 كيلومتراً مربعاً". وهو ما جعل فرضية "الاعتداء" مطروحة لدى الخبراء، وفقاً لما أكده شهود عيان من سيناء.
وكانت الطائرة التابعة لشركة "متروجيت"، قد تحطمت بعد 23 دقيقة من إقلاعها من منتجع شرم الشيخ، مُتجهة إلى سان بطرسبرغ الروسية، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها الـ217 وأفراد طاقمها السبعة. ومع إعلان "ولاية سيناء" مسؤوليته عن الحادثة، بات السؤال حول تواجد عناصر تابعة للتنظيم في منطقة الوسط، وشكل هذا التواجد وطبيعته. ومع اعتبار بعض الخبراء بأن منطقة الوسط تُعدّ نقطة انطلاق جديدة للتنظيم، بعد التضييق عليه في شمال سينا، يكشف شيخ قبلي لـ"العربي الجديد"، عن تواجد عناصر مسلحة في المنطقة ولكن بشكل متخفٍّ. ويؤكد الشيخ أن "عناصر مسلّحة تابعة لتنظيم ولاية سيناء، تنتشر في منطقة الوسط بشكل طبيعي". ويشير إلى أن "العناصر المسلحة منتشرة في كل مكان بسيناء، ولكنها تظهر بشكل واضح في شمال سيناء، في مدينتي رفح والشيخ زويد".
اقرأ أيضاً "كتائب 103" في الشيخ زويد: قمع للأهالي بدعم الجيش
ويلفت إلى أنه "في شمال سيناء يظهر المسلحون بشكل علني، في صورة تكتلات من خلال عروض عسكرية أو كمائن تفتيش، غير أن الوضع يختلف تماماً في وسط سيناء". وينوّه بأن "المسلحين في تلك المنطقة لا يظهرون بسلاحهم إلا عند الضرورة، وربما هذا ما حدث مع إسقاط الطائرة الروسية". ويشدّد على أن "العناصر المسلحة في منطقة الوسط غير معروفة بين الأهالي، على الرغم من أنهم يعيشون بشكل طبيعي بين الناس. وهو أسلوب يعتمد عليه التنظيم".
ومع أن الكثافة السكانية منخفضة في منطقة وسط سيناء، إلا أن الأوضاع أكثر هدوءاً من الشمال، الذي يشهد مواجهات بين المسلحين وقوات الجيش والشرطة. وحول ما إذا كانت هناك طرق جبلية وعرة بين الشمال والوسط، تُسهِّل انتقال المسلحين، يوضح الشيخ القبلي أن "الطرق موجودة منذ فترات طويلة ومعروفة، وتكمن أهميتها في مدى الاستفادة منها، والتعامل معها". ويستطرد قائلاً إن "عناصر ولاية سيناء يتخفّون ويراوغون، وهو ما يجعلهم يتحركون بحرية تامّة بين الشمال والوسط، من دون استبعاد احتمال وجود مواقع تُعتبر مراكز لبعض العناصر المسلحة". ويشدد على أن "الأوضاع في سيناء باتت خارج السيطرة تماماً، مع استمرار الانتهاكات بحق المدنيين والتوسع في عمليات القتل العشوائية، فضلاً عن الاعتقالات".
في السياق ذاته، توضح مصادر قبلية أخرى، لـ"العربي الجديد"، أن "منطقة الوسط خالية من الأمن وقوات الجيش تماماً منذ فترة طويلة، وفيها مناطق وعرة وجبال، يسهل الاختباء فيها". وتشير المصادر إلى أنه "من منطقة وسط سيناء حتى شمالها، تُعتبر منطقة نفوذ للمسلّحين، وخصوصاً أنهم على ما يبدو يعرفون الطرق جيداً، ومنها الوعر للغاية، التي يُصعب القيام بعمليات عسكرية فيها". ولم تستبعد المصادر تنفيذ التنظيم في المناطق الصحراوية الوعرة عمليات تدريب لعناصره الجديدة وتخزين الأسلحة والمعدات الثقيلة.
في المقابل، يقول الخبير العسكري، اللواء طلعت مسلم، لـ"العربي الجديد"، إن "مسألة تواجد المسلحين في منطقة الوسط، أمر وارد وطبيعي، ولكن ليس على درجة كبيرة من الأهمية". ويضيف أن "الأساس هو القضاء على الإرهاب في شمال سيناء، لأن عدد المسلحين في منطقة الوسط غير مؤثر". ويشير مسلم إلى أن "القوات المسلحة تدرك وجود عناصر تابعة للإرهابيين في الوسط، ولكن المعركة الأهم هي في الشمال، حيث تتمركز تلك العناصر، وما تمثله من خطورة على الأمن القومي المصري".
ويلفت إلى أنه "بعد القضاء على الإرهاب في الشمال، لا بد من استكمال التطهير في الوسط بكل تأكيد، حتى لا تكون نواة جديدة لتشكيل جماعة جديدة في منطقة الوسط". ويؤكد أن "التواجد الأمني ضعيف للغاية، وهو ما يصعّب عملية القضاء التام دفعة واحدة على الإرهاب في سيناء". ويذهب إلى القول إن "لجوء العناصر الإرهابية إلى الوسط، كان هرباً من ضربات الجيش الموجعة والمتواصلة، التي كبّدتهم خسائر كبيرة خلال الأشهر الماضية".
اقرأ أيضاً: حادث الطائرة الروسية يؤجل حملة تنشيط السياحة المصرية أوروبياً