تكشف مصادر سياسية عراقية مُطّلعة في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن تصاعد حدة الخلافات بين المرجع الديني في العراق علي السيستاني والمرشد الإيراني علي خامنئي، على خلفية عدد من الملفات المتعلقة بالعراق، من بينها إدارة مليشيا "الحشد الشعبي" وأوراق الإصلاح التي أعلنها رئيس الحكومة حيدر العبادي، فضلاً عن الضغط على الحكومة للتدخل الروسي بالعراق. وتفيد المصادر بأن "السيستاني وجد بالإملاءات الإيرانية الأخيرة، خطراً يهدد مستقبل الطائفة الشيعية لا في العراق فحسب، بل في دول المنطقة الأخرى أيضاً".
في السياق، يُشير نائب بارز في "التحالف الوطني العراقي"، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الخلافات بين السيستاني وخامنئي، متعلقة بقضايا مفصلية ومهمة، تزداد مع إصرار المرشد الإيراني، على مواصلة الطريقة نفسها في إدارة الملف العراقي".
ويُبيّن أن "أول تلك الخلافات التي أدت إلى قطيعة بين المرجعين الدينيين، ملف مليشيا الحشد، التي أراد لها السيستاني أن تكون عراقية أكثر من كونها دينية، وهو ما لم يحصل بعد تحوّل المليشيا إلى فريق طائفي، نفّذ جرائم، لاقت استياءً واسعاً من السيستاني".
اقرأ أيضاً سيناريو إيراني بالعراق: "الحشد" تبتلع الجيش
أما الخلاف الثالث وفقاً للنائب نفسه، فيرتبط بـ"التدخل الروسي في العراق على غرار سورية، وهو ما يرفضه السيستاني، مقتنعاً بطرح العبادي في هذه النقطة، التي تعتبر أن الاستناد إلى حليف واحد قوي، أفضل من حلفاء متناحرين داخل العراق. في إشارة الى الولايات المتحدة وروسيا".
ويتابع النائب: "من الملفات البارزة، ملف إرسال إيران لمقاتلين عراقيين إلى سورية للقتال إلى جانب (الرئيس السوري بشار) الأسد، على الرغم من وجود معارك طاحنة في العراق. مع العلم أنه لا يتمّ إرسال متطوعين من إيران، باستثناء الحرس الثوري المكلّف بالمهمة منذ سنوات".
ويردف بأن "آخر إشكالية بين الطرفين، وقعت يوم الجمعة الماضي، حين رفض السيستاني لقاء موفد من قم، بحجة عدم التنسيق المسبق مع مكتب المرجع، وهو ما دفع الوفد الذي كان يحمل رسالة من مراجع دينية إلى مغادرة المكان، بعد زيارتهم ضريح الإمام علي بن أبي طالب، ثم مغادرة العراق".
ويكشف أن "السيستاني أبلغ مقرّبين منه، بأن سياسة المرشد الأعلى في إيران، تزيد من عداء الآخرين للشيعة لا في العراق فحسب، بل في باقي الدول العربية". ويتوقع النائب عن "التحالف" بأن "ينعكس هذا الوضع على الواقع قريباً جداً، إذا لم يلِن موقف خامنئي ويرضخ لمطالب السيستاني".
في موازاة ذلك، تُفيد تسريبات لوسائل إعلام محلية عراقية، بوجود مساعٍ للعبادي، مع أحزاب كردية وسنية وشيعية، لتشكيل "مجلس السياسات الاستراتيجية العراقية"، برئاسة نائب رئيس الجمهورية المُقال إياد علاوي، على أن يُستثنى منها التيار المتشدد داخل "التحالف الوطني"، كالمالكي وحزب "الفضيلة".
من جهته يرى المحلل السياسي عبد الوهاب الحسيني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الصراع السياسي بين النجف وطهران بات جلياً، فالمدرستان مختلفتان، خصوصاً بما يتعلق بموضوع ولاية الفقيه، الذي لا تؤمن به مراجع النجف، والذي يستخدمه خامنئي لتكريس نفوذه وتدخله في دول المنطقة، والعراق تحديداً". ويرى الحسيني أن "خامنئي يعتبر العراق امتداداً السلطة ولاية الفقيه، بينما يرفض السيستاني التدخل في شؤون إدارة البلاد، لأن للعراق نظام حكم، ودور المرجعية فيه، يصبّ في سياق التقويم والإصلاح".
ويتابع قائلاً إن "القوى السياسية ممثلة بالتيار الصدري، وجناح العبادي في حزب الدعوة، والقوى السنية، والأكراد، سيقفون مع السيستاني، باستثناء الجناح الموالي لإيران، المتمثل بكتلة دولة القانون بزعامة المالكي، وحزب الفضيلة، والمليشيات المسلّحة كحزب الله ــ العراق، وعصائب الحق، وأبو الفضل العباس، وحركة الأبدال، ومليشيا الخراساني، ومليشيات أخرى صغيرة". ويلفت إلى أن "بعض المراقبين يرون أن السيستاني يفكر بمصلحة الطائفة في العراق، بينما خامنئي يفكر بمصلحة إيران، وأهمية تنفيذ الأجندات ولو على حساب الآخرين".
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تدعو لتقديم أفكار بديلة لإصلاحات العبادي