تصبّ محاولات بعض الدول والأنظمة العربية والغربية، في التضييق على التيارات الإسلامية المعتدلة، التي لا ترى في حمل السلاح سبيلا لتحقق أهدافها أو رؤيتها، فضلا عن الوصول للحكم، في صالح التيارات الجهادية، وتحديدا تنظيم "داعش"، هكذا يلخص، دبلوماسي مصري سابق تعليقه، لـ "لعربي الجديد"، على التقرير البريطاني حول جماعة الإخوان المسلمين.
وفي هذا السياق، يبرز ظهور تكتل من بعض الدول والأنظمة في المنطقة العربية، يعادي كل التيارات الإسلامية بما فيها "السلمية"، ولا يتوقف عن اتخاذ الإجراءات لضمان عدم وصوله للحكم وعلى العكس سحقه تماما.
ولكن يحذر خبراء في الحركات الإسلامية من مغبة استمرار تلك السياسات لناحية الضغط الشديد على التيارات الإسلامية المعتدلة "السلمية"، بما قد يدفع شباب تلك الجماعات إلى اللجوء للعنف والانضمام لـ"داعش".
وبحسب الخبراء، فإن الضغط المستمر على تلك التيارات السلمية، سيؤدي حتما إلى حمل السلاح، وربما هذا ما تريد تلك الأنظمة لضمان بقائها وعدم سقوطها بثورات شعبية، تحت دعاوى مواجهة الإرهاب.
اقرأ أيضا: مواقف وردود فعل شاجبة لاتهام بريطانيا "الإخوان" بالتطرف
ولا يقتصر دور ذلك التكتل الإقليمي، ويضم مصر إلى جانب دول خليجية على رأسها الإمارات، على مواجهة تلك التيارات داخل الدول العربية، ولكن امتد ليشمل ضغوطا على المجتمع الدولي، بالاستثمارات والتلويح بتوتر العلاقات، في حالة عدم اتخاذ موقف واضح تجاه كل جماعات الإسلام السياسي.
ولم يكن تقرير لجنة فحص أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، المعروف بتقرير "جينكينز"، الذي تحدث عن وجود علاقة غامضة بين بعض أقسام جماعة الإخوان والتطرف العنيف، وكان ذلك من ناحية عقيدتهم الفكرية كشبكة، منطلقا لبعض الأفراد والجماعات الذين انخرطوا في أعمال العنف والإرهاب، بعيدا عن فكرة الضغوط على لندن لاستصدار هذا التقرير.
اقرأ أيضا: بريطانيا: "تقرير جنكينز" حول "الإخوان" يدينهم ولا يحظرهم
ويعاني التيار الإسلامي في مصر، من تضييقات شديدة وممارسات وانتهاكات من قبل أجهزة الأمن، من قتل واعتقالات وتعذيب وإهمال طبي وعدم عدالة في المحاكمات.
ويقول الخبير في الحركات الإسلامية، ناجح إبراهيم، إن مسألة التضييق على التيارات والحركات الإسلامية المعتدلة، التي لا تنتهج العنف، يصب في صالح التيار الجهادي، الذي برز دوره بعد ثورات الربيع العربي.
ويضيف إبراهيم لـ"العربي الجديد"، أن محاولة بعض الحكومات والدول تحجيم دور التيار الإسلامي عموما خطر على تلك المجتمعات، لناحية لجوء الشباب إلى العنف، مشيراً إلى
أن تعامل المجتمع الدولي مع التيارات المعتدلة بصورة سلبية، يعطي قُبلة الحياة مرة أخرى للتيارات الجهادية، ويزيد من قوتها، خاصة مع تصاعد نبرات أن الديمقراطية لن تسمح للإسلاميين للوصول للحكم.
ويؤكد أن "داعش" أكبر المستفيدين من هذه الحالة والعداء بين الأنظمة العربية والتيارات الإسلامية التي لا تنتهج العنف، وهو ما سيدفع بالشباب للانضمام لهذا التنظيم. ويعتبر أنّ هناك
مخططا إقليميا للقضاء على دور ما يعرف بـ"الإسلام السياسي"، ولكن هذا التوجه تعاني منه المنطقة حاليا، وستعاني منه خلال السنوات المقبلة.
إلى ذلك، يوضح أن جماعة الإخوان لا يمكن الحكم عليها باعتبارها تنظيما إرهابيا، حتى مع لجوء بعض الشباب للعنف، نظرا لأن البنية الفكرية لا تميل إلى ذلك أو تدعو إليه.
ويشدد على أن الأنظمة العربية هي من تصنع الإرهاب من خلال الترهيب والتعذيب والاعتقالات، لافتا إلى أن الأنظمة بدلا من احتواء الشباب، حتى مع افتراض خطأ قيادات التيار الإسلامي وعلى سبيل المثال في مصر، تلجأ إلى التنكيل والتعذيب، في مقابل "داعش" التي تعتبر الخلاص لهم.
اقرأ أيضا: القرضاوي لأبناء الحركة الإسلامية:مَن قدموا التضحيات..ينتظرون مواقف أكثر نضجاً