سيف اليزل قال صراحة في تصريح سابق، "إن رئيس البرلمان سيكون من المعيّنين، وإنه لا أحد من المنتخبين يصلح لرئاسة المجلس التشريعي"، ما ينذر باختيار رأس السلطة التشريعية من قِبل رأس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية)، في سابقة تعد الثانية في تاريخ المجلس النيابي المصري.
وكان رفعت المحجوب، النائب المعيّن الذي تولّى رئاسة البرلمان عام 1984، واغتيل في العام 1990، أثناء حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك. ومع اقتراب انعقاد مجلس النواب، بدأ طرح عدد من الأسماء، على رأسها الرئيس المؤقت السابق المستشار عدلي منصور.
ولم يمنع الدستور المُعدّل في نهاية 2013، أو تعديلات قانون مجلس النواب من اختيار رئيس مجلس النواب من المعينين، إذ تنص المادة 27 من قانون مجلس النواب على "ألا يُجاوز عدد المعينين 28 عضواً، نصفهم على الأقل من النساء"، وذلك استنادا إلى نص المادة 102 من الدستور، التي "تمنح لرئيس الجمهورية حق تعيين 5 في المائة من أعضاء البرلمان".
وتظهر لعبة تبادل الأدوار جليّة بعد أن سلّم عدلي منصور السلطة إلى قائد الجيش السابق عبدالفتاح السيسي، الذي عيّنه قبلها رئيساً مؤقتاً للبلاد، عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز من العام 2013.
وبات منصور يتصدّر بورصة الترشيحات لتولي منصب رئيس مجلس النواب، بعدما نفذ كل ما طُلب منه خلال توليه منصب الرئيس المؤقت، خصوصاً أنه سيُكمل عامه السبعين نهاية الشهر الحالي، ويترك منصبه القضائي، تزامناً مع انعقاد البرلمان الجديد. منصور قال عند إدلائه بصوته في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب في دائرة مصر الجديدة (شرقي القاهرة): "إن الحديث عن رئاسة البرلمان قبل انعقاده، أمر لا يجوز، وإن الجلسة الافتتاحية والإجرائية لمجلس النواب سيتحدد من خلالها رئيس المجلس".
منصور، الذي حاز السلطة التشريعية إلى جانب التنفيذية، أصدر عدداً من التشريعات المثيرة للجدل، في مقدمتها قانون التظاهر، الذي تسبّب في سجن العشرات من النشطاء السياسيين، وشباب الحركات الاحتجاجية من رموز ثورة 25 يناير، وسار على دربه السيسي الذي أصدر قانوني الكيانات الإرهابية ومكافحة الإرهاب.
اقرأ أيضاً: ملامح البرلمان المصري العتيد: لا معارضة فعلية
وتكشف مصادر سياسية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن منصور قد وافق في وقت سابق، خلال لقائه عدداً من الشخصيات الحزبية، على تولي رئاسة المجلس التشريعي بشرط ألا يخوض الانتخابات، وأن يأتي إلى المجلس ضمن المعينين. وتوضح المصادر أن قائمة التعيينات المُنتظرة تشمل، بخلاف منصور، وزير العدل الحالي رئيس نادي القضاة السابق أحمد الزند، ونقيب المحامين سامح عاشور، وعضو لجنة الإصلاح التشريعي، صلاح فوزي، ورئيسة المجلس القومي للمرأة ميرفت التلاوي، والمستشار الديني لرئيس الجمهورية أسامة الأزهري، والمستشار القانوني لحملة الرئيس محمد بهاء الدين أبو شُقة.
ولا يرى عضو مجلس النواب عن حزب "المصريين الأحرار"، أيمن أبو العلا، أن "المعيّن نائب من الدرجة الثانية، بل يتمتع بكل حقوق النائب المنتخب"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن حزبه "لا يرى حرجاً في تولي أحد النواب المعيّنين رئاسة البرلمان، في حال توافق أعضاء المجلس على شخصه". ويعتبر أبو العلا أن الشخصية التي تتولى رئاسة البرلمان يجب أن تكون "توافقية، وتتمتع بتاريخ وخبرات واسعة"، مشيراً إلى أن "المصريين الأحرار" أعلن من قبل تأييده الكامل لاختيار منصور لرئاسة البرلمان، لكونه "الشخصية القادرة على جمع صفوف النواب تحت القبة"، حسب قوله.
في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حسن نافعة، أن ترؤس البرلمان من أحد المعينين "أمر معيب، ويعيد البلاد سنوات إلى الوراء"، مضيفاً أن هذا الأمر "سيؤدي إلى التضارب بين السلطتين، ويفتح الباب لسيطرة رئيس الجمهورية على مجلس النواب".
وشكّل موضوع الشخصيات التي سيتم اختيارها من قِبل رئيس الجمهورية للتعيين داخل مجلس النواب، محور اهتمام القوى السياسية والحزبية أخيراً، خصوصاً بعد إخفاق عدد من الأحزاب في الحصول على مقاعد داخل البرلمان خلال مرحلتي الانتخاب.
ويقول عضو الهيئة العليا لـ"الحزب المصري الديمقراطي"، المرشح الخاسر عن دائرة مدينة نصر في القاهرة، إيهاب الخراط، إن القوائم المغلقة ضمّت الفئات المهمشة، وبالتالي فإن على الرئيس تعيين ممثلين لـ"تيارات سياسية وحزبية مختلفة يحتاجها البرلمان". ويضيف الخراط في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك أحزاباً غير ممثلة بشكل كافٍ داخل البرلمان، نتيجة الأجواء التي شابت الانتخابات، وأن هذه الأحزاب "يجب أن تشملها تعيينات الرئيس، حتى لا يؤدي غيابها إلى احتقان بعض القوى الحزبية".
في السياق، يرى نائب حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، مدحت الزاهد، أن نسبة 5 في المائة التي حدّدها الدستور لعدد المعينين "لن تكون مؤثرة في قرارات البرلمان"، مضيفاً أنه يجب اختيار عدد من الشخصيات الحيادية، والمستقلة، خصوصاً أن الفئات المهمّشة كالمرأة والأقباط جرى تمييزها بشكل إيجابي من خلال القوائم.
ويُتوقع أن تعلن الرئاسة قائمة المعينين عقب النتائج النهائية للمرحلة الثانية من الانتخابات، وإعادة الانتخاب في أربع دوائر في محافظات البحيرة والإسكندرية وبني سويف، بناءً على أحكام القضاء الإداري، والتي تُجرى جولة الإعادة بها يومي 15 و16 ديسمبر/ كانون الأول الحالي.
اقرأ أيضاً: حرب بين ساويرس و"في حب مصر" لاستمالة النواب المستقلين