تتجه العلاقات العسكرية الإسرائيلية الهندية إلى الدخول في عهد جديد من "الازدهار"، بدليل ما نقله موقع "إزرائيل ديفينس" المتخصص بالمسائل العسكرية، ومفاده أن سلاح البحرية الهندي دشن أخيراً الفرقاطة Visakhapatnam القادرة على التهرب من أجهزة الرادار المختلفة، بعد تزويدها بمنظومات رادار وإنذار إسرائيلية الصنع. وبحسب الموقع، فإن الفرقاطة المذكورة ستدخل في الخدمة رسمياً في عام 2018، بينما ينتظر أن تبني الهند أربع فرقاطات إضافية تكون كلها بمنظومات دفاعية والكترونية متطورة للغاية من صنع إسرائيلي تضمن لها الاختفاء عن أجهزة الرصد والرادار، وكل ذلك تنفيذاً لمشروع انطلق في عام 2009، على أن ينتهي بناء الفرقاطات الأخرى في عام 2024.
ووفقاً للموقع الإسرائيلي، فإن الفرقاطة الهندية الجديدة تمتاز بالإضافة إلى منظومات التزود الذاتي بالطاقة الكهربائية، بوجود منظومات الرادار والإنذار الإسرائيلية ناهيك عن تسليحها بصواريخ إسرائيلية الصنع.
ويكشف تدشين هذه الفرقاطة ذات المركبات الإسرائيلية، حجم وعمق التعاون العسكري والأمني بين إسرائيل والهند، منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين في عام 1992 أواخر عهد حكومة إسرائيل برئاسة إسحاق شامير.
وبحسب مصادر إسرائيلية مختلفة ودراسات إسرائيلية منشورة، فقد عززت دولة الاحتلال، في الأعوام الأخيرة، تحديداً منذ الكشف عن الروابط الأمنية والتجارية بينها وبين الهند، من علاقاتها الأمنية مع شبه القارة الهندية لتحولها إلى أحد أهم مراكز تصدير الصناعات الإسرائيلية وخاصة العسكرية والأمنية، مع حرص تل أبيب على الاحتفاظ بعلاقاتها الاقتصادية والأمنية المميزة مع الصين، الدول العظمى المنافسة للهند في مجال السيطرة على جنوب شرق آسيا.
وبحسب تقرير لرفائيل أوفيك من "إزرائيل ديفينس"، فقد شهد شهر فبراير/شباط من العام الحالي، تعزيزاً للتعاون الأمني والسياسي بين تل أبيب ونيودلهي بلغ أوجه في الزيارة الرسمية الأولى لوزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون للهند، كما في المشاركة النشطة للشركات الإسرائيلية المصنعة للأسلحة في معرض الأسلحة السنوي الهندي في بنغالور. ويؤكد التقرير المذكور أن الهند تشكل اليوم السوق الرئيسية الأساسية للتكنولوجيا الأمنية المصنعة في إسرائيل، كما تعتبر إسرائيل ثاني أكبر مزود سلاح للهند بعد روسيا.
اقرأ أيضاً: شهيّة الهند للسلاح تضمن ازدهار الصناعات العسكريّة الإسرائيليّة
لكن العلاقات الإسرائيلية – الهندية، في مستواها الجديد، ليست مجرد علاقات عسكرية، بل تتعداها أيضاً إلى تقاطع وتقارب المصالح بين الدولتين، في ظل ما تعتبره الدولة العبرية تعاظم "خطر الإسلام المتطرف"، لذلك تسعى لبناء قواسم مشتركة عبر المقاربة بين نزاعها مع دول إسلامية مختلفة، ونسخ ذلك على النزاع التاريخي بين الهند وباكستان وتوظيفه لبناء حلف إسرائيلي هندي، خاصة بعدما اعتزلت الهند منذ عقود سياسة عدم الانحياز الذي كان يُحسب لصالح القضية الفلسطينية والقضايا العربية عموماً. وتسوق إسرائيل نفسها للهند أيضا باعتبارها الدولة "صاحبة الخبرة الأكبر والأطول في مكافحة "الإرهاب".
إلا أن هذه العلاقات تصطدم في الوقت ذاته، بمساعي إسرائيل لتخريب العلاقات الإيرانية ــ الهندية، ومحاولات الزج بإيران في عمليات ضد أهداف إسرائيلية وقعت على الأراضي الهندية. وقد أثارت هذه المحاولات، خاصة محاولة نسب اعتداء على كنيس يهودي في الهند قبل عام تقريباً إلى ضلوع إيراني، موجة انتقادات في الإعلام الهندي ضد مساعي إسرائيل لدق الأسافين بين إيران والهند، خاصة أن الهند من أكبر مستوردي الغاز الإيراني.
مع ذلك، لا يمكن تجاهل دلالات زيارة موشيه يعالون الأخيرة إلى الهند، يرافقه وفد عن أكبر الشركات الإسرائيلية. وقد أعلن يعالون خلال زيارته هذه في فبراير/شباط الماضي أن "إسرائيل مستعدة لتزويد الهند بتكنولوجيا عسكرية دفاعية لأنها تعتبرها دولة شريكة وصديقة لها". وأضاف يعالون، في حديث للإذاعة الإسرائيلية العامة، أنه يعمل على "تطوير العلاقات بين البلدين في مجال الأمن".
وتتستر إسرائيل في سياساتها الخارجية الرامية إلى تجنيد دعم سياسي واقتصادي لها، من شأنه أن يكون بديلا للدعم والتأييد الأوروبيين، ناهيك عن السوق الأوروبية المشتركة، بمقولة "القيم والمبادئ المشتركة". وتجلى ذلك خلال خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، في سبتمبر/أيلول الماضي وحرصه على إعلان واقعة لقائه مع رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي.
وكان مودي اليميني القومي، قد عزز ورفع حجم التعاون والتنسيق الأمني والسياسي مع إسرائيل بعد اعتلائه للحكم في مايو/أيار الماضي. ووقع الطرفان بعد تسلم مودي لمهامه رئيسا لوزراء الهند، سلسلة من الاتفاقيات في مجالي الدفاع والتكنولوجيا، أكدت على العلاقة التجارية والسياسية المزدهرة.
كما أبرمت صفقة الصواريخ البحرية التي ستزود بها الفرقاطة الجديدة وباقي قطع سلاح البرية الهندي. وفي أكتوبر/تشرين الأول، توصلت الهند لاتفاق بقيمة 520 مليون دولار لشراء صواريخ إسرائيلية مضادة للدبابات. واليوم تعتبر الهند أكبر مشتر للمعدات العسكرية الإسرائيلية. وبلغ حجم صفقات التبادل التجاري بين الهند وإسرائيل 3.4 مليارات دولار في عام 2014.
اقرأ أيضاً: "جهاديو" باكستان يجمعون الهند وإسرائيل