تنطلق، اليوم الخميس، مسيرة محاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، إذ ستقدّم دولة فلسطين بلاغاً إلى مكتب المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، يحتوي على ثلاثة ملفات، بهدف تمكين المدعية العامة من الاقتناع بقيام إسرائيل بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كخطوة أولى تمهّد للإسراع في إطلاق تحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل.
وقال عضو اللجنة التنفيذية، مصطفى البرغوثي، في مؤتمر عُقد في مقر منظمة التحرير الفلسطينية أمس: "ما سنقدّمه غداً (اليوم) هو بداية لرفع الحصانة عن إسرائيل أمام القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، لمحاسبتها على جرائمها، ومنعها من الإفلات من العقاب"، مضيفاً "أنها المرة الأولى منذ 67 عاماً، نرفع الحصانة أمام القانون الإنساني الدولي عن إسرائيل، وعن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني".
وأكد أن "هدفنا إثبات وقوع جرائم جسيمة بما يكفي لفتح تحقيق في الأراضي الفلسطينية، وما سنقدّمه ليس كل ما لدينا، فما زال لدينا آلاف الوثائق التي تدين الاحتلال"، مشدداً على أن "الفلسطينيين يذهبون موحّدين لتقديم البلاغ للجنائية الدولية، فصائل وقوى وطنية ومؤسسات ونقابات".
وكان البرغوثي يتحدث نيابة عن اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف المحكمة الجنائية الدولية، إذ سيقوم وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، والفريق الفني التابع للجنة، بإيداع البلاغ لدى المدعية العامة في مقر المحكمة في لاهاي اليوم.
ويضم البلاغ ثلاثة ملفات، هي: الاستيطان المستمر كجريمة حرب متواصلة منذ عام 1967، والحملة الإجرامية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة التي بدأت في يونيو/حزيران 2014 واستمرت في يوليو/تموز عبر العدوان على قطاع غزة، وملف الأسرى الفلسطينيين وما يتعرضون له في المعتقلات الإسرائيلية.
وأوضح البرغوثي أن "البلاغ يحتوي على أربعة عناصر أساسية: أولها تغطية للمدعية العامة يؤكد جاهزية فلسطين للتعاون بما يسمح بفتح التحقيق، ويؤكد وقوع جرائم مرتكبة من إسرائيل تقع ضمن اختصاص المحكمة، وثلاثة عناصر أخرى مع الوثائق المتعلقة بها هي: الاستيطان، والحملة الإسرائيلية العسكرية على الضفة الغربية والعدوان على قطاع غزة، والأسرى".
اقرأ أيضاً: الإدانة الأممية للاحتلال تُخرج حكام تل أبيب عن طورهم
وشدد على "أن البلاغ سيؤكد شمولية الانتهاكات الإسرائيلية، التي جاءت نتيجة سياسة مسبقة منهجية وواسعة النطاق، وتمثّل جرائم جسيمة، وتوفر إثباتات عناصر جريمة الحرب، وجريمة ضد الإنسانية، وستبرز الوثائق مسؤولية المستويات العليا السياسية والاقتصادية والعسكرية، وخصوصاً ما يتعلق بالاعتداءات على المدنيين"، معلناً أن "اللجنة قررت أن المعطيات التي ستقدّمها تكفي لكي تقرر المحكمة البدء في التحقيق بجرائم الحرب الإسرائيلية".
واستبعد البرغوثي ألا يتم فتح تحقيق من قِبل المدعية العامة بالحالة الفلسطينية، معتبراً أنه "في حال لم تقرر المدعية العامة فتح تحقيق بعد تقديمنا البلاغ، لسبب أو لآخر، سنعود لتقديم إحالة للملفات مرة أخرى، ونطالب المحكمة بالتحقيق في الجرائم الإسرائيلية ثانية".
وأكد التزام الجانب الفلسطيني بالقانون الدولي وقوانين حقوق الإنسان، قائلاً: "نحن على استعداد تام للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وهناك مفاجآت تنتظر إسرائيل تتعلق بمحاسبتها على جرائمها في العديد من الدول، وسنكشفها في وقت لاحق". وحول إمكانية منع إسرائيل وفد المحكمة الجنائية من الوصول إلى الأراضي الفلسطينية، كما فعلت مع وفد مجلس حقوق الإنسان سابقاً، قال: "إن تجرأت إسرائيل ومنعت وفد المحكمة من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية، ستتسبب لنفسها في فضيحة أكبر حينها".
وكان رئيس اللجنة الوطنية، صائب عريقات، قد أكد في تصريحات صحافية أمس، أن "الملفات الثلاثة تتعلّق بالاستيطان والأسرى والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهي حصيلة إجابتنا على أسئلة واستفسارات قدمتها لنا الجنائية". وأشار عريقات "إلى أن اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف الجنائية الدولية مهمتها التعاون مع كل الفصائل الفلسطينية الأعضاء في اللجنة، ومع كل مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والصحافيين والمحامين ومع الأجهزة الأمنية، واللجنة الفنية المشكّلة من مئات القانونيين من الداخل والخارج، إضافة إلى لجنة دولية تعاقدنا معها لمراجعة الملفات".
وأضاف موضحاً الخطوات التالية: "سيطلب المدعي العام في المحكمة من مجلس القضاء الإفادة فيما إذا كانت هناك أدلة تسمح بفتح قضايا أم لا"، معرباً عن أمله في تحقق ذلك بأسرع وقت، لافتاً إلى أن "المحكمة سيدة نفسها، وستقرر مدة التحقيق وجمع المعلومات".
اقرأ أيضاً: شبح "الجنائية" يرعب جنود الاحتلال: كبش فداء السياسيين!