آخر هؤلاء، كان اللواء محسن مخلوف، قائد الفرقة الحادية عشرة، التي تتواجد قيادتها الأساسية في ريف حمص، وهي فرقة مدرعات كبرى بسورية، يتركز جلّ عملها بالمنطقة الوسطى في البلاد، واعتمد النظام عليها، كذراع بطشِ بحق معارضيه خصوصاً في مدينة حمص.
وتتقاطع المعلومات عند أن مخلوف، الذي تربطه قرابة عائلية مع الرئيس السوري بشار الأسد، قد قُتل الأسبوع الماضي، قُرب مدينة تدمر، الخاضعة لسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ونَعَته صفحات ومواقع مؤيدة على الإنترنت، وذكرت أنه "كان على رأس العمليات الحربية في تدمر حين انفجرت عبوة ناسفة بموكبه أدت لمصرعه، مع ضباط وجنود آخرين كانوا برفقته".
وينحدر مخلوف الذي شارك بعمليات عسكرية في أرياف دمشق وحماه وإدلب، من قرية بستان الباشا، الواقعة على بُعد 20 كيلومتراً جنوبي اللاذقية، حيث تمّ تشييع جثمانه هناك في 17 يوليو/تموز الحالي، بعد نحو ستة أسابيع على تعيينه قائداً للفرقة الحادية عشرة (مدرعات).
وكان مخلوف، وهو من كبار الضباط الموثوقين في دائرة صناعة القرارات العسكرية بالنظام، من القيادات الكبيرة في درعا، عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، ويُتهم من قبل النشطاء هناك، بأنه أحد قادة حملات القمع والمداهمات العسكرية في المحافظة منذ أبريل/نيسان 2011 وما بعده.
كمذلك فقد النظام واحداً من أهم خبرائه الأمنيين القدامى، وهو اللواء المتقاعد محمد ناصيف، الذي وُلد في منطقة مصياف في العام 1937، وتوفي بحسب وكالة الأنباء السورية "سانا" إثر مرض عضال، في 28 يونيو/حزيران الماضي.
اقرأ أيضاً: مهزلة التدريب الأميركي للمعارضة السورية يرويها ضابط منسحب
وأمضى ناصيف نحو 50 سنة بخدمة النظام، متنقلاً بين مختلف القطع العسكرية والأمنية، حتى وصوله عام 1999 لمنصب المعاون الأول لمدير إدارة المخابرات العامة، قبل تقاعده، وتعيينه لاحقاً معاوناً لنائب رئيس الجمهورية، الذي بقي فيه لحين إعلان وفاته.
وقبل ذلك بنحو شهرين، قُتل عدد كبير من ضباط النظام (بينهم لواء ونحو 20 ضابطا برتبتي عميد وعقيد) أثناء محاولتهم الفرار من الحصار الذي فرضه مقاتلو "جيش الفتح" على مستشفى جسر الشغور بريف إدلب الغربي، أواخر أبريل/نيسان الماضي.
وشُيّع لاحقاً في محافظة طرطوس، قائد القوات الخاصة في قوات النظام، اللواء محيي الدين منصور، الذي يُعتقد أنه قُتل متأثراً بجراحٍ أُصيب بها على ما يبدو قرب جسر الشغور، التي سيطرت عليها المعارضة، في 25 أبريل الماضي.
وفي الفترة نفسها تماماً (24 أبريل الماضي) أعلنت دمشق رسمياً، وفاة رئيس شعبة الأمن السياسي السابق، اللواء رستم غزالي عن عمر ناهز 62 سنة، قضى معظمها في خدمة النظام، في مختلف المناصب العسكرية والأمنية. وكان غزالي يُعتبر من أرفع الضباط الأمنيين، والموثوقين من قبل النظام، الذي اعتمد عليه بشكل رئيسي أثناء تواجد قواته في لبنان سابقاً.
وجاءت وفاة غزالي في مستشفى الشامي بدمشق، بعد أن تواردت قبل ذلك بأيام، معلومات عن تعرّضه للضرب، على يد مرافقي رئيس شعبة الأمن العسكري رفيق شحادة، إثر نشوب خلاف حاد بينهما، أدى لاحقاً لإقالة شحادة من منصبه.
وفي مارس/آذار 2014، قُتلت أول شخصية عسكرية رفيعة المستوى من آل الأسد، خلال الثورة السورية، وهو هلال الأسد قائد مليشيا الدفاع الوطني باللاذقية، ونعاه الإعلام الرسمي على أنه قضى بإحدى معارك الساحل. وسبق مقتل الأسد، الإعلان عن مقتل اللواء جامع جامع بعد إطلاق النار عليه في دير الزور، حيث كان رئيساً للاستخبارات العسكرية هناك، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2013.
وكانت الأنباء قد تضاربت في حينه عن ملابسات مقتله، ومنها أن الرجل قُضي عليه في حي الرشدية، الذي كان يشهد بالفعل اشتباكات بين قوات النظام والمعارضة حينها، بينما ذكر الإعلام الرسمي في ذلك الوقت أن جامع قُتل "أثناء تأديته واجبه في محاربة الإرهابيين في دير الزور". ولا يُستبعد أن يكون قد تعرّض للتصفية، على غرار وزير الداخلية السابق غازي كنعان، كونه أحد الضباط الكبار، الذين عملوا في لبنان سنوات طويلة، وقد يكون لاغتيال أو "انتحار" كنعان، صلة بمقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في فبراير/شباط سنة 2005.
وفي سياق مقتل الضباط الموثوقين بعد أن اعتمد عليهم النظام عسكرياً بشكل كبير خلال الثورة، يمكن الحديث عن العقيد علي نظير خزام، وهو ضابط ينحدر من مدينة القرداحة مسقط رأس الأسد، وكان يخدم في قوات الحرس الجمهوري ذائعة الصيت، والتي تأتي على رأس قائمة التشكيلات التي يعتمد عليها النظام.
وكان خزام، وهو مقرّب من ماهر شقيق الرئيس السوري، قد ظهر مرات عدة خلال عمليات عسكرية في مختلف المناطق، ويُعتبر من القيادات الهامة في معارك حمص، كما يُطلق عليه بعض المؤيدين "أسد بابا عمرو" في إشارة إلى مشاركته الفاعلة في معارك الحي الحمصي، الذي يُعتبر من أوائل المناطق التي أشهرت السلاح بوجه النظام. وقُتل خزام، الذي حظي بشعبية كبيرة في أوساط المؤيدين منذ بداية الثورة ضد نظام الأسد، في إحدى المعارك مع المعارضة في أكتوبر/تشرين الأول سنة 2012.
وتبقى الأسماء التي قُتلت خلال ما يُعرف بـ"تفجير خلية الأزمة"، في 18 يوليو/تموز 2012، الأبرز بين تلك التي فقدها النظام منذ بداية الثورة. وأُقرّ في حينها، بمقتل آصف شوكت زوج أخت بشار الأسد، الذي شغل سابقاً مناصب عدة أبرزها مدير الاستخبارات العسكرية، وآخرها نائب وزير الدفاع داوود راجحة، والذي لقي مصرعه أيضاً بذات الحادثة، بالإضافة لرئيس مكتب الأمن القومي هشام اختيار، ومعاون نائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية والعسكرية حسن توركماني.
اقرأ أيضاً: "الرؤى المبشّرة بسقوط النظام"