اقرأ أيضاً: تعثّر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي يعجّل بقمة ثلاثية أفريقية
وعلى الرغم من أن الكنيسة المصرية حرصت لدى الإعلان عن موعد الزيارة، التي تستمر 4 أيام، على التشديد أنها دينية وليست سياسية، و"الهدف منها توطيد العلاقات الكنسية والشعبية بين مصر وإثيوبيا"، بحسب ما أوضح مسؤول العلاقات بين الكنيستين المصرية والإثيوبية، الأنبا بيمن، في تصريحات صحافية سابقة، إلا أن وزير الموارد المائية المصري السابق، محمد نصر علام، أكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ زيارة البابا تواضروس الثاني، هدفها تدخل الكنيسة المصرية لدى نظيرتها الإثيوبية لحل مشكلة سد النهضة بعد فشل كافة المفاوضات بين الأطراف الثلاثة المعنية بالملف، مصر وإثيوبيا والسودان، في التوصل إلى حلول مرضية في ضوء تعنت الجانب الإثيوبي في الاستمرار في بناء السد.
وتشمل زيارة البابا تواضروس، بحسب ما أعلنه الأنبا بيمن، في حينه، "عقد لقاءات بين البابا والمسؤولين السياسيين الإثيوبيين، وفي مقدمتهم رئيس إثيوبيا مولاتو تيشومي، ورئيس الوزراء هايلي ماريام ديسالين، وذلك أسوة باللقاءات التى عقدها بطريرك إثيوبيا، أثناء زيارته لمصر مطلع العام الحالي".
ووفقاً لوزير الموارد المائية المصري السابق، فإنّ بناء إثيوبيا لسد النهضة على النيل "أظهر العجز المصري عن أداء دور مهم على الصعيد الإقليمي، في واحدة من أهم قضايا الأمن القومي وهي قضية المياه"، مشيراً إلى "أنه لا حل للتعامل مع تلك الأزمة إلا بوقف بناء السد". ولفت علام إلى أنّ مصر تسعى للاستفادة من التقارب بين الكنيستين للتوصل لحل "أزمة سد النهضة الإثيوبي" والذي تخشى تأثيره على حصتها من المياه، مشيراً إلى أن هناك زيارة مماثلة أجراها بطريرك إثيوبيا، الأنبا متياس، للقاهرة أخيراً للوصول إلى حلول لكنها فشلت. وشدد علام على أنّ الكنيسة في مصر تفضّل الحلول الرسمية لمعالجة الأزمة من خلال تشكيل لجنة من الخبراء من شأنها أن تتعامل مع المشكلة بطريقة علمية، بعيداً عن أي تأثير من قبل المؤسسة الدينية.
وأضاف الوزير السابق أن تردد اسم الكنيسة في هذه الأزمة يعدّ "جُرماً كبيراً في حق الدولة والشعب معاً"، متسائلاً "أين دور الدبلوماسية المصرية في حل تلك الأزمة والقيام بجولات داخلية وخارجية لمواجهة هذا الخطر الداهم على مصر، لكون مياه النيل من أهم مقومات الاستقرار، والانتقاص من حصة المياه سوف يؤثر على المصريين جميعاً من دون تمييز". كما شدد على أنّ ترك هذا الملف للكنيسة أو للقوى الشعبية يعدّ ظلماً لقضية محورية تهدد الأمن القومي للبلاد.
في موازاة ذلك، أكد مصدر مسؤول في وزارة الري المصرية أن الوزارة تجري "وراء سراب" في ظل استمرار إثيوبيا في بناء السد واستكمال أكثر من 70 في المائة من بنائه، مشيراً إلى أنّ "المباحثات والمشاورات التي تُجرى في عواصم الدول الثلاث ليس لها فائدة، ولا توجد كلمة سوى الفشل الذريع للتعبير عن سوء الإدارة المصرية لملف مياه النيل، واعتماد مصر على مجموعة من الخبراء والدبلوماسيين يتّسمون بعدم الذكاء تجاه دول حوض النيل".
وكان دبلوماسي مصري، مقرّب من السلطات، قد قال لـ"العربي الجديد" قبل فترة، إنّ "الرئيس عبدالفتاح السيسي تدخل منذ البداية في ملف السد، ووضع الأسس الخاصة بالتفاوض حوله، من خلال توقيعه لإطار التفاهم، الذي هو في حقيقته يكبّل عمل الدبلوماسية المصرية في تحركاتها، وينزع عنها جميع القدرات على المناورة، واستخدام أوراق الضغط".