لم يكن قرار الولايات المتحدة زيادة عدد قواتها في شبه جزيرة سيناء المصرية، المشاركة ضمن القوات المتعددة الجنسيات لحفظ السلام الدولية، بمعزلٍ عن طبيعة الأزمة التي تشهدها سيناء. وعلى مدى أكثر من عامين، يدور صراع مسلّح بين الجيش المصري وعناصر تنظيم "ولاية سيناء"، والذي أحدث تغييراً مهمّاً في لائحة أهدافه، لينتقل من التخطيط لعمليات ضد "العدو الصهيوني"، وفقاً لبياناته الأولى، إلى "مواجهة جيش الردّة المصري"، بحسب بياناته الأخيرة.
وعلى الرغم من عدم استهداف القوات المتعددة الجنسيات في سيناء، من قبل التنظيم، إلا أنه أُصيب ستة عسكريين من تلك القوات، مطلع الشهر الحالي. وقد تمّ إنشاء القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين في إطار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، ومقرّها في سيناء.
وزرع مسلحون، يُعتقد انتماؤهم لـ"ولاية سيناء"، عبوتين ناسفتين استهدفتا آليتين عسكريتين، فأُصيب جراء الحادث أربعة أميركيين. وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، يوم الخميس، أن "الولايات المتحدة سترسل 75 جندياً أميركياً إضافياً مع عتادٍ إلى شبه جزيرة سيناء، لتعزيز أمن قوة حفظ السلام الدولية، والتي تعرّضت لهجومٍ من جانب متشددين في الأيام القليلة الماضية".
ويقول الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، في هذا الصدد لـ"العربي الجديد"، إن "مسألة إرسال قوات أميركية إضافية إلى سيناء، ضمن القوات المتعددة الجنسيات، أمر طبيعي في ظل ما تشهد من تحديات كبيرة". ويضيف سليمان أن "زيادة عدد القوات يأتي في ظل تصاعد المواجهات بين الجيش المصري والعناصر المسلحة، تحديداً بعد تعرّض القوات الدولية لاستهداف آليتين عسكريتين". ويشير إلى أن "القوات الدولية الموجودة في سيناء، ليست قتالية بالمعنى المعروف، ولكنها فقط لمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل". ويلفت إلى أن "مهمتها الأساسية تكمن في مراقبة أي خروق للاتفاقية، فضلاً عن وجود شكاوى من الطرفين، تمهيداً للتدخّل لحلّ تلك المشكلات، أما خلاف ذلك فهي ليست مسؤولية تلك القوات".
اقرأ أيضاً: المدنيون ضحايا حملة الجيش المصري في سيناء
ويستبعد سليمان فكرة "مشاركة القوات الدولية بسيناء، في العمليات على العناصر المسلحة، فهي ليست مهمتها، ولكن زيادة القوات ضرورة لتأمين أنفسهم". ويؤكد أن "الجيش المصري لا يحتاج دعماً قتالياً من دولة أو من القوات الدولية، في العمليات التي ينفذها ضد تنظيم ولاية سيناء". ويرى أن "الولايات المتحدة لن تشارك في العمليات ضد العناصر المسلّحة في سيناء، ومصر لن تقبل ذلك". وحول العملية الأخيرة التي ينفذها الجيش في سيناء، يشير سليمان، إلى أنه "من الواضح أنها عملية كبيرة، تستهدف مواجهة العناصر المسلحة، ومن الصعب الحكم عليها الآن". ويؤكد أنه من "الواضح من بيانات المتحدث العسكري المصري، أن القوات المسلحة تقوم بعملية تمشيط واسعة للمناطق المختلفة التي يحتمل تواجد بها عناصر مسلحة".
واتفق مع سليمان، الخبير العسكري، اللواء يسري قنديل، حول أن "زيادة عدد القوات الأميركية، أمر طبيعي، وحدث بشكل استثنائي، خصوصاً مع استهداف آليات عسكرية للقوات". ويقول قنديل لـ"العربي الجديد"، إن "تصريحات المتحدث باسم البنتاغون، تشير إلى أن التخطيط لإرسال تلك القوات كان قبل حادث استهداف آليتين عسكريتين في سيناء". ويضيف أن "عدد القوات الأميركية المُرسلة للمشاركة في مساعدة الجيش المصري مثلاً ليس كبيراً"، مشيراً إلى أن "زيادة وقلة عدد القوات الدولية مرتبطتان بعملية التأمين وخطورة الوضع". ويدعو قنديل الجيش المصري إلى "التعاون في حماية القوات الدولية، حتى لا تتأثر صورة مصر بالخارج، وهو ما تريده العناصر الإرهابية، محاولةً إظهار صورة مصر ضعيفة". ويؤكد أن "الجيش المصري لا يمكن أن يقبل بتواجد قوات أجنبية على أراضيه، إلا في إطار قوات حفظ السلام في سيناء، لمراقبة تنفيذ الاتفاقية مع إسرائيل".
وعملية الاعتقالات التي ينفّذها الجيش، تعيد للأذهان ما نفذه وزير الداخلية السابق حبيب العادلي خلال فترة الرئيس المخلوع حسني مبارك، بعد تفجيرات طابا ودهب وشرم الشيخ، من التنكيل بأهالي سيناء، واعتقال الأبرياء، في حملات مماثلة. وبحسب مصادر قبلية، وصل عدد قتلى الجيش من المدنيين خلال الحملة الأخيرة، إلى 15 شخصاً تقريباً، فضلاً عن أضعاف العدد من المصابين. كذلك اعتقلت قوات الجيش العشرات من الأهالي، تحديداً من الشباب، بدعوى أنهم مطلوبون أمنياً. وبثّت إحدى الصفحات المهتمة برصد انتهاكات الجيش في سيناء، صوراً من داخل أحد مقرات الجيش في سيناء، لعدد من الأشخاص، معصوبي الأعين ومكبّلي الأيدي من الخلف. كذلك داهم الجيش تجمّعاً سكنياً لفلسطينيين مقيمين بالقرب من منطقة جسر الوادي بالعريش، واعتقل عدداً منهم.
اقرأ أيضاً مصر: تشكيك بجدوى القناة المائية لعزل سيناء عن غزة