تتّجه تركيا إلى لعب دور الوسيط، بهدف إنهاء التوتر في المنطقة، بعد الأزمة التي اندلعت بين كل من الرياض وطهران، على الرغم من التحالف الواضح الذي يجمع كلا من تركيا والسعودية في معظم قضايا المنطقة.
وأعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، في المؤتمر السنوي للسفراء في أنقرة، اليوم الإثنين، أنّ "تركيا مستعدة للقيام بما يتطلبه الأمر، للمساعدة في إنهاء التوترات بين السعودية وإيران"، داعياً الأخيرة إلى "اتباع سياسات بناءة في المنطقة".
وطالب الطرفين بالتهدئة وإبقاء مختلف قنوات الحوار مفتوحة، قائلاً إن "المنطقة لا تحتاج إلى أي مواجهات جديدة، ولكن تحتاج إلى التوافق والتعاون، ونحن مستعدون لبذل كافة الجهود لإزالة المشاكل بين الجانبين".
وأشار جاووش أوغلو إلى أنه "ليس سرا بأن تركيا وإيران تمتلكان وجهات نظر مختلفة حول قضايا المنطقة، ولكن هذا لا يعوق الحوارات بيننا حول هذه القضايا"، مضيفا:"نحن نحثهم (الإيرانيين) على اتباع سياسات بناءة في قضايا المنطقة وبالذات في ما يخص سورية".
وحول التوتر الحاصل بين أنقرة وبغداد بخصوص التعزيزات العسكرية التي أرسلتها تركيا إلى شمال العراق في معسكر الزليكان في منطقة بعشيقة، شدد جاووش أوغلو على أن "أنقرة تحترم وحدة وسيادة الأراضي العراقية"، متهما الحكومة المركزية في العراق بـ"اتباع سياسات طائفية، الأمر الذي أنشأ عدم ثقة بين السنة والشيعة في العراق".
وأوضح أن "السنة لا يثقون بقوات الأمن العراقية، حتى أنهم يعتبرونها قوات احتلال، وهذا هو واقع الأمر. ولذلك تقوم تركيا بتدريب القوات السنية وقوات البشمركة في منطقة بعشيقة بناء على طلب محافظ الموصل وبعلم السلطات العراقية".
سورياً، دافع وزير الخارجية التركية عن سياسات بلاده ضد الرئيس السوري بشار الأسد الذي "استعمل السلاح الكيماوي وغاز الكلورين ضد شعبه"، داعياً "اللاعبين الدوليين إلى اتخاذ قرار، لأنه لم يعد هناك مكان للأسد في مستقبل سورية".
وأضاف: "قامت المعارضة السورية بانتخاب الهيئة التفاوضية ومنسقها في الاجتماعات التي حصلت في الرياض"، مشيراً إلى أن "النظام والحلقة المحيطة به يسعون إلى إطالة مدة التفاوض، وهذه تصرفات قد تضيع كل الجهود التي يتم بذلها للوصول إلى حل في سورية".
وفيما يخص الأزمة بين أنقرة وموسكو، أكد جاووش أوغلو أن "تركيا لم تكن تريد التصعيد"، داعياً الجانب الروسي إلى التحلي بالحكمة.
كذلك، أشار إلى أن "مفاوضات إصلاح العلاقات بين إسرائيل وتركيا ما زالت مستمرة، إلا أنه حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي في انتظار أن تقوم إسرائيل بتلبية الشرطين التركيين المتبقيين"، في إشارة إلى التعويضات لضحايا سفينة مرمرة وأيضا إلى فك الحصار عن قطاع غزة أو تخفيفه.
على صعيد آخر، شدد جاووش أوغلو على أن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي تحتل قائمة أجندة الخارجية التركية، معتبراً أن "العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي ينبغي أن تدار بناء على رؤية صلبة ومتماسكة وعلى المدى الطويل وليس من خلال خطط عاجلة على المدى القصير، فالجانبان يحتاجان بعضهما".
وكانت الرياض قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية والتجارية والرحلات الجوية مع طهران، بعد اقتحام محتجين السفارة السعودية في طهران، بالإضافة إلى هجوم آخر على قنصلية السعودية في مدينة مشهد الإيرانية، احتجاجاً على إعدام السعودية رجل الدين السعودي نمر النمر، مطلع الشهر الحالي.
من جهة ثانية، أعرب جاووش أوغلو، عن انزعاج تركيا من الرسائل "المناهضة للإسلام"، التي يتضمنها السباق الرئاسي في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: آفاق التهدئة والتصعيد بين الرياض وطهران... والمفاجأة التركية "السارّة"