المرابطات والمرابطون يتحدون العقوبات الإسرائيلية

17 يناير 2016
تهمة المرابطات والمرابطين الدفاع عن الأقصى (محمود حمص/فرانس برس)
+ الخط -
لا يوفر الاحتلال الإسرائيلي أي وسيلة للتضيق وملاحقة المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى، متعمداً تضييق الخناق عليهم وملاحقتهم عبر سلسلة من الإجراءات العقابية تستهدف حرمانهم من حقوقهم الأساسية، وذلك على غرار العقوبة الجديدة التي أسقطت فيها سلطات الاحتلال الحقوق الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية عن مجموعة من المرابطات والمرابطين في المسجد الأقصى. وهو ما شكل صدمة لزملائهم وللناشطين الحقوقيين، الذين اعتبروها قصاصاً من المرابطين والمرابطات في محاولة لإبعادهم عن المسجد، مؤكدين أن العقوبة "غير قانونية ويمكن الطعن فيها".

جاء قرار الاحتلال الجديد، كعقاب للمرابطين والمرابطات ممّن صُنّفوا ضمن "اللائحة السوداء"، والتي يسميها المقدسيون "اللائحة الذهبية"، نتيجة تصدّيهم للمستوطنين ولجنود الاحتلال الإسرائيلي في الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى. وطالب القرار عدداً من المرابطات، بالتوقف عمّا سمّته سلطات الاحتلال "المشاغبَات وإثارة المشاكل في الأقصى ومحيطه" في حال أردن استرجاع تلك الحقوق.

أولى المرابطات اللواتي تلقيّن العقوبة، هي المقدسية خديجة خويص، التي فوجئت قبل أيام بإيقاف التأمين الصحي الخاص بها، بعدما كانت متوجّهة لتلقي العلاج في المركز الصحي. تقول خديجة لـ"العربي الجديد"، إنّ "الموظف في المركز الصحي المسجّلة فيه أبلغها، من دون سابق إنذار، بإسقاط حقها وحق أبنائها الخمسة في تلقي العلاج وسائر الحقوق الصحية والاجتماعية المكفولة قانونياً. وطلب منها مراجعة مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية". تؤكد خويص أنّها راجعت المؤسسة، الشهر الماضي، ولم يكن هناك أيّ إشكالية في ما يتعلق بإقامتها".

بدورها، تعرّضت المواطنة المقدسية، هنادي الحلواني، وهي أم لأربعة أبناء، للموقف نفسه، إذ تم إشعارها من موظفي مركز التأمين الصحي، حيث تتلقى وأبناؤها العلاج، بأنه "تم إسقاط حق العلاج والتأمين الصحي عنها وعن أبنائها"، في حين كانت مؤسسة التأمين الوطني قد قطعت مخصصات ضمان الدخل عن المرابطة، عايدة الصيداوي، منذ ثلاثة أشهر. وتعرضت للعقوبة نفسها المرابطتان سحر النتشة ونجود أمطير، فيما تم حرمان ثلاثة مرابطين آخرين هم أكرم الشرفا، وأبو خالد العباسي، وسفيان جاد الله من حقهم في العلاج والتأمين الصحي.

بالنسبة للمرابطات، حيث اللائحة تزيد عن ستين مرابطة، لن تغير إجراءات الاحتلال من صمودهن وإصرارهن على البقاء. وهذا ما تؤكده كل من عايدة الصيداوي والمسنّة أم طارق الهشلمون. وهو الموقف نفسه الذي يردده المرابطون من رجال القدس أيضاً، في حديثهم لـ"العربي الجديد، ومنهم: الشرفا والعباسي وجاد الله، الذين لن يتفاجأوا بعد ذلك في حال نفيهم من الاحتلال عن مدينتهم على غرار ما جرى مع نواب القدس.

تتحفظ المحامية، نسرين عليان، من جمعية "حقوق المواطن في إسرائيل"، على التعقيب على الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة ضد المرابطات والمرابطين، مكتفية بالقول لـ"العربي الجديد"، "لا يمكنني التعمّق في التفاصيل من دون معرفة الأسباب التي استندت إليها السلطات الإسرائيلية في قرارها. وتستدرك حديثها قائلة، "يوجد بند في قانون التأمين الوطني يسمح بإسقاط الحقوق عن كل مجرم، إذا ما تمت إدانته بارتكاب جرم ما. لكن إذا لم تكن هناك لائحة اتهام، فبناءً على ماذا تم إسقاط حقوق هؤلاء المرابطين والمرابطات؟"، مشيرة إلى أنّه "بالإمكان تقديم اعتراض على هذه القرارات".

اقرأ أيضاً: مرابطات عن الأقصى حوّلن "القائمة السوداء" إلى "ذهبية"

سلسلة عقوبات

اللافت في هذه الإجراءات العقابية ضد المرابطات والمرابطين، أنّها تستهدف للمرة الأولى مواطنين فلسطينيين تُهمتهم الدفاع عن الأقصى وعن حقهم في الصلاة فيه، ورفضهم إجراءات الاحتلال التهويدية في المدينة. عقوبات تضاف إلى سلسلة عقوبات إضافية ضد هؤلاء المرابطين، كانت قد اتخذت سابقاً ولا تزال سارية المفعول، مثل الإبعاد عن القدس القديمة والأقصى، والسجن والغرامة والاعتداء بالضرب والسحل، والمنع من السفر.

في هذا السياق، يقول مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، زياد الحموري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "سلطات الاحتلال فرضت شتى أنواع العقوبات على المرابطات باستثناء إبعادهن عن القدس، كما فعلت مع ناشطين شبان أُبعدوا إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، بعد انتزاعهم من أسرهم وعائلاتهم".

إسقاط حق الإقامة

بيْد أنّ الإجراءات الجديدة ضد هؤلاء المرابطين الأكثر خطورة وتأثيراً على المدى البعيد، كما يقول الحموري، تلك التي تفضي في النهاية إلى إسقاط حق الإقامة عنهم. هو إجراء تكرّر سابقاً مع نواب القدس في المجلس التشريعي الفلسطيني. ومن غير المستبعد أن تُوجّه إليهم تهمة الانتماء إلى "تنظيم إرهابي" بعد الإعلان عن مجموعة "المرابطون" بأنها تنظيم "غير قانوني".

ويقدّر الحموري أعداد المقدسيين الذين فقدوا حق الإقامة وأُسقطت عنهم كامل حقوقهم الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية منذ شرعت سلطات الاحتلال بتطبيق هذه السياسة مطلع التسعينيات، بنحو 20 ألف مقدسي، وبأعداد تتراوح سنوياً ما بين 800 و1000 مواطن. علماً أن ذروة هذه الإجراءات، سُجّلت في السنوات الثلاث الماضية، وبدأت ترتفع بشكل ملحوظ بعد هبّة القدس، التي أعقبت استشهاد الفتى محمد أبو خضير في العام 2014.

ورفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماساً تقدّمت به كل من جمعية حقوق المواطن ومركز الدفاع عن الفرد، "هموكيد"، تطالبان فيه بـ"وقف سياسة سحب الإقامات (الهويات) من سكان القدس الشرقية الفلسطينيين"، ومنحهم مكانة "مقيمين محميّين" من منطلق التمييز بين مكانتهم التي ترتكز على كونهم السكان الأصليين للمدينة، وبين مكانة الأجانب الذين هاجروا إلى البلاد وحصلوا على تصاريح إقامة دائمة.

وتعتبر وزارة الداخلية الإسرائيلية أنّ الانتقال للعيش خارج القدس وفي باقي أنحاء الضفة الغربية أو قطاع غزة بمثابة الانتقال للعيش "خارج البلاد". وذلك، على الرغم من اعتراف إسرائيل باتفاقيات (أوسلو) بكون المقدسيين جزءاً لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني في هذه الأراضي. وبهذه الطريقة، فقد كثير من الفلسطينيين مكانتهم القانونية على الرغم من أنّهم لا يزالون يسكنون على بعد أمتار عدة من بيوتهم.

وتزايدت سياسة سحب الإقامات من سكان القدس بشكل كبير منذ عام 2006، كجزء من سياسة موجّهة تهدف لتقليص عدد السكان الفلسطينيين في القدس المحتلة، إذ سحبت الداخلية الإسرائيلية هوية 1.363 فلسطينياً مقدسياً. في حين ارتفع العدد ليكسر الرقم القياسي عام 2008، ووصل إلى 4.577. وبلغ عدد الهويات المسحوبة ما بين 2006 و2008، نصف عدد الهويات المسحوبة منذ بدء تلك السياسة في العام 1967 لغاية اليوم.

اقرأ أيضاً: نساء الانتفاضة... مناضلات كاملات العضوية رغم الاحتلال وضغط المجتمع

دلالات