ويحذّر مراقبون من استمرار تعطيل القانون، الذي كان من المقرّر العمل به في ديسمبر/كانون الأول 2015، وتداعياته السلبيّة على الواقع السياسي، والأمني، والاقتصادي في البلاد. ويؤكد المراقبون أنفسهم، أنّ ضعف دور السلطة القضائية في البلاد وتسييسها، يجعل من تطبيق القانون، أمراً شبه مستحيل.
في هذا السياق، يقول مصدر سياسي مطّلع لـ"العربي الجديد"، إنّ "قانون الأحزاب الذي أقرّه البرلمان العراقي يقيّد من حرية الأحزاب ويكشف عن مصادر تمويلها، الأمر الذي يتعارض مع ما تصبو إليه بعض الأحزاب الحاكمة في البلاد". ويؤكّد المصدر السياسي، أنّ "أهداف الأحزاب دفعت بها إلى عرقلة تطبيق القانون، من خلال عدم الكشف عن مصادر تمويلها، وعن مكاتبها والمنتمين لها في كل المحافظات"، مبيّناً أنّ "تلك السريّة والتكتّم من قبل الأحزاب وضعت صعوبات كبيرة أمام تطبيق القانون".
من جهتها، تقول عضو اللجنة القانونية البرلمانية، حمدية الحسيني، إنّ "هناك صعوبات كبيرة تعترض تطبيق قانون الأحزاب". وتوضح الحسيني، خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوضع السياسي المتشنّج الذي يمر به العراق وعمليّة التكتّم على قضيّة التمويل المالي للأحزاب، يعرقل تطبيق القانون"، مؤكّدة أنّ "قضيّة التمويل والفقرات المتعلّقة به هي صلب الأزمة في تطبيق القانون".
وتشير الحسيني إلى "أهميّة تطبيق القانون الذي ينظّم عمل الأحزاب والعمل السياسي في العراق"، داعية مفوضية الانتخابات إلى أن "يكون لها دور في السيطرة على تسجيل الأحزاب".
اقرأ أيضاً: قانون الأحزاب العراقي ينتظر اختبار التطبيق
بدوره، يؤكّد رئيس لجنة النزاهة البرلمانية، طلال الزوبعي، أنّ هناك أحزاباً سياسيّة تسعى لتمويل نفسها من خلال صفقات فساد كبيرة تتعامل بها". ويقول الزوبعي في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "لجنة النزاهة البرلمانيّة تبذل جهوداً مضنية للقضاء على الفساد والمفسدين وكشفهم"، مبيّناً أنّ "اللجنة ستكشف قريباً عن شخصيات كبيرة تتكلّم عن النزاهة وهي تحمي الفاسدين".
ويرى الخبير السياسي، فراس العيثاوي، أنّ "قانون الأحزاب يحتاج إلى بلد ديمقراطي يؤمن بالرأي والرأي الآخر والتعدديّة حتى يسهل تطبيقه". ويقول العيثاوي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الواقع العراقي والتفرّد بالحكم وسيطرة الأحزاب الحاكمة على صنع القرار السياسي، وسيطرتها على اقتصاد البلد وتنظيمها مافيات كبيرة للفساد والتمويل، ودعمها للمليشيات، يفرض واقعاً لا يتماشى مع قانون الأحزاب، الأمر الذي يجعل من عرقلة تطبيقه من قبل الجهات السياسية الحاكمة أمرا طبيعيا لا مفرّ منه".
ويضيف المحلّل السياسي، أنّ "الأحزاب السياسية التي سيطرت على العراق منذ العام 2003، حظيت بدعم خارجي وتمويل كبير، حتى بنت نفسها وسيطرت على البلاد بممتلكاتها، الأمر الذي جعل منها أحزاباً إقطاعية تسرق وتنهب ولا أحد يحاسبها، لذا فهي لا تستطيع أن تقيّد نفسها بهذا القانون".
ويشير العيثاوي، إلى أنّ "العراق مقبل على انتخابات برلمانية بعد أكثر من عام واحد، ويحتاج إلى تنظيم عمل الأحزاب، معتبراً أنّ تعطيل القانون هو خرق دستوري وقانوني يجب التعامل معه من قبل السلطة القضائية". ويؤكّد، أنّ "سيطرة بعض الأحزاب الحاكمة على السلطة القضائية في البلاد، يجعل من تطبيق القانون أمراً صعباً". ويرجح المحلّل السياسي ذاته، "عدم إمكانية تطبيق قانون الأحزاب على الرغم من إقراره، وسيبقى قانوناً معلّقاً ينتظر التطبيق في بلد تحكمه مافيات سياسية".
اقرأ أيضاً العراق: تحضيرات لمشروع وطني عابر للطوائف