العراق: مليشيات "الحشد" تتحكم بمفاصل وزارتَي الدفاع والداخلية

10 أكتوبر 2016
العبادي عاجز عن كبح جماح المليشيات (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي تستعد فيه القوات العراقية، لخوض معركة استعادة السيطرة على محافظة الموصل شمالي العراق، باتت مليشيات "الحشد الشعبي" تتحكم فعلياً بوزارتي الدفاع والداخلية الشاغرتين، وعيّنت ضباطاً من قادة فصائلها على رأس الدوائر المهمة في الوزارتين، وهي خطوة اعتبر سياسيون أنها تمثّل تحايلاً على الرفض المحلي والدولي لاشتراك المليشيات في المعركة المرتقبة. وقال عضو في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية لـ"العربي الجديد"، إن اللجنة المكلفة بالرقابة على الوزارات والمؤسسات الأمنية رصدت تجاوزات كبيرة من قبل مليشيات "الحشد"، من ضمنها تعيين من يُسمون بـ"ضباط الحشد" على رأس المؤسسات الفاعلة في الوزارتين، فضلاً عن إصدار أوامر بتكليف ضباط تابعين لـ"الحشد الشعبي" بمهام قيادية قتالية. وأعرب عن خشيته من تأثير ذلك على سير معركة الموصل المرتقبة، لا سيما إذا دخل عناصر المليشيات إلى الموصل تحت غطاء الجيش العراقي والشرطة الاتحادية، كما حدث في معركة استعادة السيطرة على الفلوجة.

وأوضح العضو في اللجنة البرلمانية، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الأيام المقبلة ستشهد طرح هذه القضية أمام البرلمان، في محاولة للحد من تمدد نفوذ المليشيات داخل الأجهزة الأمنية، مؤكداً أن رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، عاجز عن كبح جماح المليشيات، في ظل حصولها على دعم كبير من الخارج عن طريق الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ومن الداخل من خلال رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

من جهته، رفض عضو تحالف القوى العراقية محمد المشهداني، السماح لضباط مدعومين من إيران ومدربين على يد قادة المليشيات، بتولي مناصب مهمة في وزارتي الدفاع والداخلية، مؤكداً في حديث لـ"العربي الجديد" أن العبادي مطالب بتعيين وزيرين مستقلين في الوزارتين الشاغرتين، لمنع أية محاولة للاستيلاء على مفاصلهما. واعتبر أن "هذه الخطوة تشير إلى تحايل واضح من فصائل الحشد الشعبي، على الضوابط التي حددتها جهات داخلية وخارجية للاشتراك في معركة الموصل"، لافتاً إلى وجود شبه إجماع على رفض مشاركة المليشيات في المعركة بسبب انتهاكاتها السابقة في بغداد وديالى وصلاح الدين والأنبار وبابل. وتساءل المشهداني: "لماذا يتأخر العبادي باختيار وزيرين جديدين للدفاع والداخلية، على الرغم من الحرب الشرسة التي تخوضها البلاد ضد تنظيم داعش"، محذراً من استنساخ تجربة "الضباط الدمج" التي ابتدعها المالكي. يشار إلى أن المالكي أصدر في العام 2008 قراراً يقضي بطرد الآلاف من ضباط الجيش العراقي السابق، بحجة انتمائهم لحزب البعث المحظور، واستبدالهم بشخصيات سياسية وحزبية منحوا رتباً فخرية ودُمجوا بالقوات المسلحة، واصطلح على تسميتهم "الضباط الدمج".


وتثير نوايا بعض المليشيات العراقية بالاشتراك في معركة استعادة السيطرة على الموصل، مخاوف التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في العراق وسورية. ودعا مبعوث الرئيس الأميركي للتحالف الدولي، بريت ماكغورك، الحكومة العراقية إلى السيطرة على الجماعات المسلحة قبل انطلاق معركة الموصل، مؤكداً توفر جميع العناصر لبدء المعركة. كما شدّد في الوقت نفسه، على ضرورة تأمين الوسائل اللازمة لاستقبال نحو مليون نازح. وجاءت تصريحات ماكغورك بعد تأكيد مليشيا "حزب الله في العراق"، أنها ستدخل الموصل قريباً، مشددة على أنها لن تسمح لأية قوة أجنبية بالاشتراك في المعركة المرتقبة. وقال المتحدث العسكري للمليشيا، جعفر الحسيني، إن عناصر "حزب الله في العراق" بدأوا عمليات تمهيدية استعداداً لمعركة الموصل، مؤكداً في مقابلة متلفزة، أنهم يحملون مسؤولية الدفاع عن العراق، و"ليس الولايات المتحدة الأميركية، ولا أية دولة أخرى".

اشتراك مليشيات "الحشد الشعبي" في معركة الموصل، لا يمكن أن يتم من دون غطاء دستوري وقانوني، بحسب المحلل السياسي فالح الشمري، الذي أكد لـ"العربي الجديد" أن قادة المليشيات يحاولون زج عناصرهم التي تدربت على القتال داخل المدن ضمن صفوف القطعات العسكرية التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية، موضحاً أن هذا الأمر لن يتم من دون منح الضباط المنتمين والموالين لـ"الحشد" مواقع أمنية مهمة في الوزارتين. وأشار الشمري إلى أن قادة المليشيات طالبوا في أكثر من مناسبة بمناصب أمنية توازي ثقلهم العسكري، مؤكداً أن هذا الأمر يفسر مطالبة مليشيا "بدر" بمنصب وزير الداخلية، وحديث مليشيات أخرى عن أحقيتها بإدارة مفاصل الجيش والشرطة.

وأكدت مصادر سياسية عراقية وجود خلاف بين فصائل المليشيات حول منصب وزير الداخلية، الذي قالت مليشيا "بدر" إنه من حصتها بموجب الاتفاق السياسي الذي تشكّلت بموجبه الحكومة الحالية، وأشارت المصادر إلى ترشيح القيادي في مليشيا "بدر"، النائب قاسم الأعرجي للمنصب. وأكد عضو البرلمان العراقي عن مليشيا "بدر" محمد ناجي، في وقت سابق، وجود خلاف بين زعيم مليشيا "بدر" هادي العامري، ونائب رئيس مليشيات "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، موضحاً في تصريح صحافي أن الخلاف نشب بعد قول "بدر" إن وزارة الداخلية تمثّل استحقاقاً انتخابياً لها. فيما قال النائب العراقي عن مليشيا "بدر" رزاق الحيدري إن تياره لن يتنازل عن حقيبة الداخلية.
ولا تزال وزارتا الدفاع والداخلية العراقيتان شاغرتين، بعد تصويت البرلمان العراقي في أغسطس/آب الماضي على إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي بتهم فساد، وتقديم وزير الداخلية محمد الغبان استقالته في يوليو/تموز الماضي، على خلفية مقتل وإصابة مئات العراقيين بتفجير الكرادة وسط بغداد.