يأمل عراقيون بأن تفتح معركة الموصل من جديد ملف تسليم المدينة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي طُوي عن الأنظار وتمت تسويته رغم إدانة عدد من المسؤولين. وينتظر مسؤولون كرد الفرصة السانحة لجر المتورطين في هذا الملف إلى القضاء، مؤكدين أنّهم بانتظار الأسرار التي ستتكشف خلال معركة الموصل لإعادة تفعيل لجنة التحقيق بسقوط المدينة.
وقال القيادي الكردي في حزب البارزاني، محما خليل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القطعات العراقية والبشمركة والأهالي قدّموا خسائر كبيرة بسبب سقوط مدينة الموصل وما أعقبها من معارك عنيفة"، مبينا أنّ "دماء الشهداء لا يمكن تعويضها، وأنّ المسؤولين عن سقوط الموصل يجب أن ينالوا جزاءهم العادل وفقا للقانون".
وأضاف أنّ أدلة جديدة ستكشفها معركة الموصل عن أسرار سقوط المدينة وتسليمها لـ"داعش"، مؤكداً أنّ "رئيس الحكومة السابق نوري المالكي هو السبب المباشر والرئيس بهذا الموضوع، وأنّه من غير الممكن أن يبقى من دون محاسبة".
ودعا إلى "إعادة تفعيل عمل اللجنة التحقيقية المكلفة بالتحقيق بسقوط الموصل، والتي سبق أن وصلت إلى أدلة تدين المتسببين، لكن تم إيقاف عمل هذه اللجنة"، وشدّد بالقول إنّ "الأسرار الجديدة التي ستكشف في الموصل ستدعم عمل اللجنة، وتضيف إليها أدلة جديدة تدفع باتجاه محاسبة المقصرين".
من جهته، كشف نائب في لجنة الأمن البرلمانية، رفض الكشف عن هويته، أنّ "رئيس اللجنة حاكم الزاملي تعرض إلى ضغوط وابتزاز من قبل المالكي خلال وبعد نتائج التحقيق بشأن سقوط الموصل".
وقال النائب، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "عمل اللجنة كان عملاً مهنياً وبحيادية تامة، وإنّ الحقائق التي توصلنا لها، والتي حمّلت المالكي الجزء الأكبر من المسؤولية مدعمة بالأدلة والوثائق، لكنّ المالكي ابتز الزاملي، وهدّده بكشف ملفات قديمة له عندما كان (الزاملي) قيادياً في جيش المهدي، وضلوعه بانتهاكات وجرائم ضمن هذا الجيش".
وأضاف أنّ "هذه الضغوط والتهديدات أجبرت الزاملي على الانصياع إلى المالكي، وغض الطرف عن الملف التحقيقي الذي يجب أن يأخذ مجراه القانوني، ويجب محاسبة كل من تورط بسقوط المدينة"، مشيرا إلى أنّ "هذا الملف من الممكن أن يعاد فتحه من جديد، في حال تلقت اللجنة طلباً رسمياً من رئاسة البرلمان ليتم استمرار عملها، وتدعيمه بالوثائق والأدلة الجديدة التي قد تُكشف بعد معركة الموصل".
وأكد "أهمية أن يكون القضاء حيادياً، وأن يأخذ دوره الفعلي في هذه القضية المهمة، والتي كلفت العراق الكثير من أبنائه ومن اقتصاده، وتسببت بانهيار كبير في الجيش العراقي وسمعته".
في غضون ذلك، أكد نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، أنّ "الطامعين بأرض الموصل هم من قدّموا المساعدة والدعم لداعش وأدخلوه إلى العراق".
وقال المالكي، في كلمة له خلال استقباله شيوخ عشيرة العكيل ببغداد، إنّ "داعش ليس مقطوع الجذور، بل هو امتداد طبيعي لتنظيم القاعدة الذي كان متواجداً في العراق، وامتداد لجيش النصرة وأحرار الشام وغيرها من التنظيمات الإرهابية"، مبينا أنّ "تلك التنظيمات كانت مطية لأصحاب المصالح السياسيىة والمشاريع التوسعية في العراق".
وأكّد أنّ "هؤلاء هم من أدخلوا التنظيم إلى البلاد".
يشار إلى أنّ لجنة التحقيق في سقوط الموصل كانت قد قدمت تقريراً عن سقوط المدينة، حمّل المالكي وعددا من المسؤولين مسؤولية ذلك، لكن الملف تم غلقه منذ عدّة شهور، ولم يحاسب أي مسؤول عن ذلك.