أنذرت أربع دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي مصر، اليوم الجمعة، بأنها ستحتفظ بالحق في تقديم مشروع قرار وقف الاستيطان، في حال لم توضح القاهرة ما إذا كانت تعتزم الدعوة لإجراء التصويت على مشروع القرار الذي يطالب بوقف البناء الاستيطاني.
وكان مجلس الأمن أرجأ التصويت على مشروع قرار لوقف الاستيطان الإسرائيلي، بناءً على طلب من مصر، والتي كانت وزعت مشروع القرار، قبل أن تعود لتطلب التأجيل بعد ضغوط إسرائيلية ضد المشروع، وتلميح أميركي إلى الامتناع عن التصويت.
وقال دبلوماسيون غربيون إن كلاً من "نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال أبلغت مصر بأنها إن لم توضح بحلول ساعات، ما إن كانت تعتزم الدعوة لإجراء تصويت على مشروع قرار، يطالب إسرائيل بوقف البناء الاستيطاني، فإن هذه الدول تحتفظ بحق طرح هذه الدعوة".
وكان الفلسطينيون طرفاً أيضاً في المذكرة التي قالت "هناك شعور قوي بخيبة الأمل، لعدم تصويت مجلس الأمن على النص يوم الخميس كما كان مزمعاً".
وبحسب المصادر المصرية، فإن تأجيل التصويت على مشروع القرار جاء لفتح المجال للتشاور بشكل أفضل مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن. إلا أن مصادر أخرى أشارت إلى عدم رغبة القاهرة في إغضاب الإدارة الأميركية الجديدة، وذلك بعدما أيد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استخدام الفيتو ضد مشروع القرار.
وقال دبلوماسي غربي لوكالة "رويترز"، إن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أصدر توجيهات لبعثة بلاده لدى الأمم المتحدة بتأجيل تصويت مجلس الأمن على مسودة القرار "ربما لأجل غير مسمى".
وفسرت مصادر مطلعة "توجيهات" السيسي أنها جاءت بناءً على طلب من نتنياهو، لأنه لم يكن واثقاً أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، سوف يستخدم حق النقض ضد مشروع القرار.
وأكدت مصادر دبلوماسية فلسطينية لـ"العربي الجديد" في نيويورك، أن الوفد الفلسطيني تعرض كذلك لضغوط من أجل تأجيل التصويت على مشروع القرار الذي تقدمت به مصر لوقف الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.كما صرح مسؤول إسرائيلي كبير بأن "الحكومة الإسرائيلية طلبت من الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ممارسة ضغوط، لتفادي موافقة مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار"، وذلك بعدما علمت إسرائيل أن "إدارة باراك أوباما تعتزم السماح بصدور القرار".
وأضاف المسؤول الإسرائيلي وفقاً لما نقلت وكالة "رويترز"، أن المسؤولين الإسرائيليين أجروا اتصالات "رفيعة المستوى" مع فريق ترامب الانتقالي، بعدما فشلوا في إقناع المسؤولين الأميركيين باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع التصديق على مشروع القرار، وأنهم طلبوا منه التدخل.
وأرسل ترامب بعد ذلك تغريدة يدعو فيها لاستخدام الفيتو الأميركي، وتحدث هاتفياً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي اتخذ خطوة مفاجئة، حين طلب من الوفد المصري تأجيل التصويت، الذي كان مقرراً أمس الخميس على مسودة القرار التي كان قد طرحها.
وقال المسؤول "كان هذا انتهاكاً لالتزام أساسي بحماية إسرائيل في الأمم المتحدة". وأضاف أن "إسرائيل حذرت إدارة أوباما من أنها ستتواصل مع ترامب إن قررت واشنطن المضي قدماً في الامتناع عن التصويت"، وإن "مساعدي نتنياهو فعلوا ذلك حين أدركوا أن الولايات المتحدة ماضية في طريقها".
وأوضح أن "الحكومة الإسرائيلية تقدر جهود ترامب"، وتزداد حماسة أعضاء بحكومة نتنياهو اليمينية لترامب الذي أثار الجدل عندما وعد بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. وأضاف المسؤول إنه "مع اقتراب انتهاء ولاية أوباما تشعر إسرائيل بالقلق من أن تطرح دولة أخرى مسودة القرار التي تدين الاستيطان اليهودي قبل أن يغادر الرئيس الأميركي منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني".
وتعتقد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي شاب التوتر علاقتها بأوباما أن إدارته خططت منذ فترة لمثل هذا التصويت في مجلس الأمن بالتنسيق مع الفلسطينيين، وقال المسؤول الإسرائيلي "كان هذا انتهاكاً لالتزام أساسي بحماية إسرائيل في الأمم المتحدة".
وقال مكتب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن "السيسي تحدث مع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، يوم الخميس"، وإن "المحادثات تطرقت إلى مشروع القرار المصري في مجلس الأمن الدولي بشأن الاستيطان الإسرائيلي".
وأوضح المتحدث الرئاسي، علاء يوسف إنه "تم خلال الاتصال التباحث حول الأوضاع الإقليمية وتطوراتها المتلاحقة التي تنبئ بتصاعد التحديات التي تواجه الاستقرار والسلم والأمن الدوليين لا سيما في منطقة الشرق الأوسط".
وأضاف أنه "وفي هذا الإطار تناول الاتصال مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي، إذ اتفق الرئيسان على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأميركية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كافة أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية".
وكانت الجامعة العربية قد أعلنت، مساء الخميس، أنه تقرر مواصلة المشاورات حول مشروع قرار مطروح على مجلس الأمن الدولي يطالب إسرائيل بوقف نشاطاتها الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة لضمان "تأييده"، بعدما طلبت مصر تأجيل التصويت عليه.
(العربي الجديد)