أعلن مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماعه، اليوم، برئاسة، شريف إسماعيل، موافقته على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، الموقعة بالقاهرة في 18 أبريل/نيسان 2016، وعلى إحالتها لمجلس النواب، وذلك طبقاً للإجراءات الدستورية المعمول بها في هذا الشأن.
وأوضح بيان للحكومة أنه تم العرض على مجلس الوزراء بعد استكمال كل الترتيبات والإجراءات مع كل الأطراف اللازمة للعرض.
وذكر مجلس الوزراء، أنه تلقى عدداً من طلبات الإحاطة بشأن عدم إرسال اتفاقية تعيين الحدود البحرية إلى مجلس النواب وفقاً لنصوص الدستور.
ووفقاً لمصادر حكومية موثوقة، فإن رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، عقد اجتماعاً، الإثنين الماضي، مع كل من وزراء العدل والشؤون القانونية والتعاون الدولي وممثل لهيئة قضايا الدولة (وكيل الحكومة أمام المحاكم) شهد استعراض الموقف القانوني للقضية، انتظاراً لصدور حكمين مهمين بشأنها؛ الأول من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، السبت المقبل، والثاني في 16 يناير/كانون الثاني المقبل من المحكمة الإدارية العليا.
ورجح الحضور صدور حكم من "الأمور المستعجلة" بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في يونيو/حزيران الماضي ببطلان التنازل عن الجزيرتين، وذلك على الرغم من سابقة صدور العديد من الأحكام القضائية التي تحظر على محكمة الأمور المستعجلة التعرض لأحكام القضاء الإداري بإيقاف التنفيذ، لما في ذلك من مخالفة واضحة للدستور.
وتوضح المصادر أنه بناء على هذا الترجيح، ناقش الاجتماع 3 خطط رئيسية؛ أولها، وهو ما تم استباق تنفيذه، أن تتعامل الحكومة مع حكم الأمور المستعجلة كحكم واجب النفاذ بذاته، وأنه أوقف الحكم بمصرية الجزيرتين، وتبادر الحكومة مباشرة لتقديم مشروع الاتفاقية الموقعة مع السعودية بشأن تعيين الحدود البحرية إلى مجلس النواب، لمناقشتها وإقرارها مباشرة من خلال تعليمات من الدائرة المخابراتية-الرقابية التي يديرها، اللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي وتتحكم في الأكثرية النيابية المسماة "دعم مصر".
ومن فوائد هذه الخطة، أن مجلس النواب إذا وافق على الاتفاقية وأقرها بقانون، فسوف يكون محظوراً على محكمة القضاء الإداري أو الإدارية العليا المضي قدماً في نظر القضية، سواء في صورة الطعن المتداول حالياً أو أي دعاوى جديدة، لأن الهيئة القضائية المختصة بمراقبة القوانين هي المحكمة الدستورية العليا، والتي تعتبر في مصر جزءاً أساسياً من السلطة الحاكمة، وهي معروفة ببطء نظر الدعاوى، مما قد يؤدي لتعطيل القضية لشهور أو سنوات.
ويراهن أصحاب هذه الخطة على أن تتأكد السعودية من جدية مصر في تنفيذ الاتفاق بإقراره في البرلمان، وفي الوقت نفسه إتاحة فرصة جديدة للتفاوض السياسي حول باقي الموضوعات محل الخلاف بين القاهرة والرياض، وعلى رأسها الدور المصري في اليمن وسورية وعلاقة السيسي بقوى الإسلام السياسي وكيفية إنفاق المساعدات المالية التي وصلت أو من المقرر وصولها، ومدى إمكانية استئناف إمداد مصر بالبترول السعودي تطبيقاً للاتفاق الثنائي بين البلدين والمعطّل عملياً منذ أكتوبر تشرين أول الماضي.
وكانت تعليمات قد صدرت لنواب ائتلاف الأغلبية بمجلس النواب، دعم مصر، المحسوب على الدائرة الاستخباراتية - الرقابية للرئيس، عبدالفتاح السيسي، بفتح ملف عدم إرسال الحكومة للاتفاقية، على الرغم من توقيعها منذ عدة أشهر، بالمخالفة لنصوص الدستور.
ونصت المادة (151) من الدستور على تمثيل رئيس الجمهورية للدولة في علاقاتها الخارجية، وإبرام المعاهدات، والتصديق عليها بعد موافقة مجلس النواب، مع دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف، وما يتعلق بحقوق السيادة، وعدم جواز إبرام أي معاهدة يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة.
وتقدم عدد من نواب ائتلاف الأغلبية، بالتزامن، بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة، هذا الأسبوع، إلى رئيس البرلمان، علي عبدالعال، لمطالبة رئيس الحكومة، شريف إسماعيل، ووزير الخارجية سامح شكري، بسرعة إرسال الاتفاقية إلى مجلس النواب.
واتهم سبعة نواب في طلباتهم، الحكومة، بالتراخي لمدة تزيد عن تسعة أشهر، بشأن إرسال الاتفاقية، بما يعد سلباً لسلطات البرلمان التي حددها الدستور، وغلّ يده عن ممارسة اختصاصاته المحددة، ما وضع أعضاء البرلمان في حرج شديد أمام ناخبيهم، والرأي العام.
وحجزت المحكمة الإدارية العليا طعن هيئة قضايا الدولة، واستشكالين آخرين من نفس الجهة على حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية للحكم بجلسة 16 يناير المقبل، بعد أن أصدرت محكمة القضاء الإداري، حكماً غير نهائي ببطلان الاتفاقية، في يونيو/حزيران الماضي.