يواجه استمرار وقف إطلاق النار الهشّ في سورية ألغاماً ميدانية وسياسية عديدة، مع استئناف النظام السوري عملياته العسكرية، إضافة إلى تهديد إيران بعودة عملياتها، وحديث فصائل في المعارضة المسلحة عن أن النسخة التي وقّعتها لاتفاق الهدنة مختلفة عن النسخة التي وقّع عليها النظام، لتجعل كل هذه العوامل استمرار الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ ليل الخميس الجمعة، صعباً جداً، فيما أكدت المعارضة التزامها بوقف النار محمّلة النظام مسؤولية أي تعطيل له.
هذه التطورات سبقت جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة قرار قدّمته روسيا لتبنّي اتفاق وقف إطلاق النار في سورية، في الوقت الذي كانت فيه إيران محور مشاورات مع حلفائها، إذ أفاد الكرملين في بيان بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني اتفقا في اتصال هاتفي أمس على مواصلة التنسيق في محاولة لإنهاء الأزمة السورية، وعلى أهمية اتفاق وقف إطلاق النار الجديد في سورية.
كما استقبلت طهران وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، والذي التقى عدداً من المسؤولين الإيرانيين أبرزهم روحاني، الذي أكد ترحيب بلاده بوقف إطلاق النار في سورية. وحاولت طهران تقديم هذا الوقف كانتصار للنظام، إذ قال أمين مجلس الأمن القومي الإيراني الأعلى علي شمخاني، والذي التقى المعلم، إن قبول المعارضة السورية بقرار وقف إطلاق النار "جاء بعد تحقيق النظام لانتصارات ميدانية وخصوصاً بعد تقدمه في حلب". فيما كان مسؤول العلاقات العامة في الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف، يقول إنه لا يمكن الحديث في الوقت الراهن عن مستقبل العمليات الميدانية التكتيكية لما سماه "محور المقاومة" في سورية، إلا أن قيام هذا المحور بعملياته في أي مكان من هذا البلد مستقبلاً أمر محتمل.
جاء ذلك قبل ساعات من مناقشة مشروع قرار في مجلس الأمن لتأييد اتفاق الهدنة الروسي-التركي، ودعم الاجتماع الذي سيعقد في أستانة "بين الحكومة السورية وممثلين عن المعارضة، باعتباره جزءاً مهماً من العملية السياسية بقيادة سورية وبتسهيل من الأمم المتحدة"، مع تأكيده أنه "ما من حل دائم للأزمة الراهنة في سورية إلا من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سوريّة، تستند إلى بيان جنيف المؤرخ في 30 يونيو/حزيران 2012، والذي أيده القرار 2118، وعلى قراراته 2254 و2268 وبيانات المجموعة الدولية لدعم سورية ذات الصلة".
لكن جهود تثبيت وقف إطلاق النار، تصطدم بعقبات كثيرة، أبرزها استئناف قوات النظام السوري و"حزب الله" اللبناني منذ فجر أمس السبت، قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في وادي بردى، مع محاولات اقتحامٍ جديدة. وأوضحت "الهيئة الإعلامية في وادي بردى" أن اشتباكات بالرشاشات الثقيلة والمتوسطة دارت بين المعارضة المسلحة وقوات النظام المدعومة من حزب الله، على محور قرية الحسينية وقرية دير قانون، حيث تحاول قوات النظام اقتحام منطقة الوادي، وتزامنت الاشتباكات مع إطلاق صواريخ من قوات النظام على الحقول الزراعية في قرية دير مقرن وقرية عين الفيجة. كما استأنف النظام عملياته العسكرية في مناطق ريف دمشق، إذ شهدت الغوطة الشرقية محاولات تقدّم جديدة لقوات النظام على جبهات دوما، وكذلك على محوري بلدتي الميدعاني والبحارية. كذلك قصفت قوات النظام مناطق عدة في محافظة درعا جنوبي البلاد أمس.
وفيما شمل قصف قوات النظام أمس أيضاً أربع نقاط للمعارضة في ريفي حلب الجنوبي والشمالي، وكذلك مدينتي اللطامنة وكفرزيتا شمالي حماة، فإن "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أصدرت تقريرها حول الـ24 ساعة الأولى من بدء سريان الاتفاق، مؤكدة أن الخروقات بلغت "ما لا يقل عن 28 خرقاً في اليوم الأول بعد اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار، جميعها من قبل النظام السوري-الإيراني". وأوضحت الشبكة في تقريرها الذي صدر أمس، أن الخروقات حصلت في خمس محافظات، مشيرة إلى أن محافظة حماة شهدت 6 خروقات، وحمص 4، وريف دمشق 5، وإدلب 6.
وحذّر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في بيان أمس، "من النتائج التي قد تترتب على الحملة العدوانية التي تنفذها مليشيات إيران وحزب الله وبشار الأسد ضد مدن وبلدات منطقة وادي بردى"، داعياً "الأطراف الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار لمنع أي انتهاك أو خرق لاتفاق الهدنة الشاملة"، مشيراً إلى أن "هذه الهجمة تُعتبر خرقاً واضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير".
اقــرأ أيضاً
كذلك برز أمس عامل لا يقل خطورة من الخروقات الميدانية، على مسار عملية الحل التي من المفروض أن تبدأ من وقف إطلاق النار، ليتبعها خلال شهر، تشكيل كل من النظام والمعارضة وفديهما إلى مفاوضات أستانة. إذ قالت "الفصائل الموقعة على اتفاق الهدنة"، في بيان لها، إنها فوجئت أن "النسخة التي وقّع عليها النظام مختلفة عن نسخة الفصائل الثورية". البيان الموقع من 11 فصيلاً، ذكر أن "الاتفاقية الموقعة من طرفنا مع الحكومة الروسية نصّت بوضوح على أن النظام سيقوم بتوقيع وثيقة مماثلة لها، لنتفاجأ بأن النسخة التي وقع عليها النظام مختلفة عن نسخة الفصائل الثورية في عدة مواطن، كما حُذفت منها نقاط رئيسية وجوهرية غير قابلة للتفاوض".
وذكر البيان، بناء على ذلك، ست نقاط، أكدت الفصائل الموقعة عليه، التزامها "منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ بوقف إطلاق النار، رغم انتهاكات متكررة كان أكثرها وقاحة محاولات النظام المستمرة مع حزب الله اقتحام وادي بردى"، معلنة أن "استمرار النظام في خروقاته يجعل الاتفاق لاغياً"، مع توجيه دعوة لـ"الطرف الروسي الذي وقع الاتفاقية كضامنٍ للنظام وحلفائه أن يتحمل مسؤولياته".
ورفضت الفصائل في البيان "أي استثناء داخل اتفاق الهدنة"، معتبرة "وجود الاستثناءات إخلالاً بما تم الاتفاق عليه"، مع تأكيدها الالتزام "الكامل بوقف إطلاق النار، وفق هدنة شاملة لا تستثني أي منطقة، أو فصيل يتواجد ضمن مناطق المعارضة"، وأنها "معنية فقط بما تم التوقيع عليه من قبلنا، وأي اتفاق لم نوقّع عليه لسنا معنيين به على الإطلاق"، داعية "مجلس الأمن إلى التمهل في تبني الاتفاق الذي تم بيننا وبين الحكومة الروسية، ريثما تلتزم روسيا بتعهداتها، وتحقق التزامها بضبط النظام وحلفائه".
من جهته، قال زكريا ملاحفجي، مسؤول المكتب السياسي في "تجمع فاستقم"، أحد فصائل الجيش الحر الموقّعة على البيان، إن "هناك اختلافات جوهرية في نص الاتفاق، بين الذي طُرح للمعارضة ووقّعت عليه، وبين ما تبين لاحقاً أنه سُلم للنظام، وهذا ما دفع المعارضة لإصدار بيانٍ توضح فيه ملابسات ما يجري"، مشيراً إلى أن المعارضة من جهتها "توثق حالياً الخروقات التي يرتكبها النظام، وقد أرسلنا للأتراك والروس هذه الخروقات المستمرة، على أمل أن يتم ضبطها من قبل الروس الضامنين من جهتهم لقوات النظام والمليشيات المتحالفة معه". وأضاف ملاحفي في حديث مع "العربي الجديد"، أن "فصائل المعارضة ملتزمة فقط بما وقّعت عليه، ونحن حالياً نقيم المعطيات بإطارها العام، وننتظر توضيحات حول النقاط المختلفة الصياغة بين النص الذي وقعنا عليه والنص الذي قُدّم للنظام السوري"، مؤكداً أن "استمرار الخروقات سيؤدي حتماً لفشل الهدنة".
وكانت قد انتشرت في وسائل إعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، الوثيقة التي وقّعت عليها فصائل في المعارضة السورية المسلحة في أنقرة، لتظهر بعد ذلك وثيقةٌ يُعتقد أنها التي قُدّمت من الروس للنظام، مُذيلة بتوقيع اللواء شوقي أحمد يوسف "نائب رئيس هيئة العميات في الجيش السوري"، وتحوي تبايناً في نقاط عدة عن تلك التي قُدمت للمعارضة.
وفيما كانت الفصائل المسلحة الـ11 قد شددت في بيانها على أن موافقة المعارضة كانت على وقف إطلاق النار "شامل لا يستثني أي منطقة أو فصيل ثوري في سورية"، فإن تصريحات عديدة من الجانب الآخر خالفت هذا الأمر، أبرزها للسفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، والذي قال إن الاتفاق يستثني "جبهة فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً). وهي نقطة جوهرية بالنسبة للمعارضة، لأن استبعاد "فتح الشام" من الاتفاق، يعني أن بإمكان النظام وحلفائه، استهداف أي منطقة تسيطر عليها المعارضة بحجة وجود الجبهة فيها.
كما أن اختلافات أخرى سُجلت بين الوثيقتين المختلفتين ببعض النقاط، والموقّعتين من قبل المعارضة والنظام، خصوصاً في ما يتعلق بأبعاد صياغة العبارات. إذ أشارت الورقة التي وقّعتها المعارضة إلى أن الفصائل الموقّعة "تؤيد نظام وقف الإعمال القتالية الذي أعلن عنه في سورية بتاريخ 30 ديسمبر/كانون الأول وتنضم إليه"، فيما تحدثت الورقة التي وُقعت من النظام عن أن "الحكومة السورية" هي "التي أعلنت نظام وقف إطلاق النار"، وهو ما يُفسَر على أن النظام بادر من جهته بوقف إطلاق النار، والتحقت المعارضة بذلك، وليس اتفاقاً مشتركاً، جرى التوصل إليه بين الجانبين برعاية تركية روسية.
ولم تتوقف التباينات في النصين على ذلك، إذ إن المعارضة شددت على أن العملية السياسية يجب أن تستند إلى بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254، فيما ذكرت ورقة النظام أنه لا بد من العملية السياسية في سورية "مسترشدين بالقرار 2254 لمجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة"، وتستبعد هذه الصيغة أي استناد إلى مقررات جنيف.
كذلك سُجّلت تباينات أخرى بين الورقتين، إذ فسّر النظام من جهته العملية بمجملها كـ"تسوية"، فيما اعتبرت المعارضة أن المسار المنطلق من وقف إطلاق النار، ومن ثم تشكيل وفدي التفاوض، هو مسار "الحل السياسي" بمشاركة مباشرة من الضامنين (روسيا وتركيا).
وعلّق سفير الائتلاف الوطني السوري في روما بسام العمادي، على اختلاف الورقتين الموقّعتين من النظام والمعارضة، بالقول إن روسيا "خدعت" المعارضة المسلحة في اتفاق وقف إطلاق النار. وأوضح العمادي عبر صفحته في "فيسبوك"، أن الورقة التي وقّعها النظام "تقول إنه إعلان لوقف إطلاق النار وليس اتفاقاً، بما يعني أن نظام الأسد هو الطرف الأساس والمبادر بوقف إطلاق النار، وأن الفصائل الثورية انضمت إليه كتابع". وأوضح بأن "ورقة أنقرة" تشير إلى أن "الحكومة" ستشكل وفداً وأن هذا الوفد "سيبدأ بالعمل المشترك مع الطرف المعارض"، مضيفاً أن "العمل المشترك هنا لا يعني تفاوضاً، بل تعاوناً مع وفد الحكومة لوضع خارطة طريق من أجل تسوية الأزمة السياسية الداخلية في سورية، أي أن ما يجري، استناداً إلى الورقة هو أزمة سياسية داخلية، وليس ثورة تستلزم تغييراً شاملاً للنظام". وأضاف أن ورقة الاتفاق مليئة بـ"الأفخاخ، والعبارات الخاطئة، وغير المقبولة"، بهدف "إظهار الخداع والاستهتار الروسي بالثورة والثوار".
اقــرأ أيضاً
جاء ذلك قبل ساعات من مناقشة مشروع قرار في مجلس الأمن لتأييد اتفاق الهدنة الروسي-التركي، ودعم الاجتماع الذي سيعقد في أستانة "بين الحكومة السورية وممثلين عن المعارضة، باعتباره جزءاً مهماً من العملية السياسية بقيادة سورية وبتسهيل من الأمم المتحدة"، مع تأكيده أنه "ما من حل دائم للأزمة الراهنة في سورية إلا من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سوريّة، تستند إلى بيان جنيف المؤرخ في 30 يونيو/حزيران 2012، والذي أيده القرار 2118، وعلى قراراته 2254 و2268 وبيانات المجموعة الدولية لدعم سورية ذات الصلة".
لكن جهود تثبيت وقف إطلاق النار، تصطدم بعقبات كثيرة، أبرزها استئناف قوات النظام السوري و"حزب الله" اللبناني منذ فجر أمس السبت، قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في وادي بردى، مع محاولات اقتحامٍ جديدة. وأوضحت "الهيئة الإعلامية في وادي بردى" أن اشتباكات بالرشاشات الثقيلة والمتوسطة دارت بين المعارضة المسلحة وقوات النظام المدعومة من حزب الله، على محور قرية الحسينية وقرية دير قانون، حيث تحاول قوات النظام اقتحام منطقة الوادي، وتزامنت الاشتباكات مع إطلاق صواريخ من قوات النظام على الحقول الزراعية في قرية دير مقرن وقرية عين الفيجة. كما استأنف النظام عملياته العسكرية في مناطق ريف دمشق، إذ شهدت الغوطة الشرقية محاولات تقدّم جديدة لقوات النظام على جبهات دوما، وكذلك على محوري بلدتي الميدعاني والبحارية. كذلك قصفت قوات النظام مناطق عدة في محافظة درعا جنوبي البلاد أمس.
وفيما شمل قصف قوات النظام أمس أيضاً أربع نقاط للمعارضة في ريفي حلب الجنوبي والشمالي، وكذلك مدينتي اللطامنة وكفرزيتا شمالي حماة، فإن "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أصدرت تقريرها حول الـ24 ساعة الأولى من بدء سريان الاتفاق، مؤكدة أن الخروقات بلغت "ما لا يقل عن 28 خرقاً في اليوم الأول بعد اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار، جميعها من قبل النظام السوري-الإيراني". وأوضحت الشبكة في تقريرها الذي صدر أمس، أن الخروقات حصلت في خمس محافظات، مشيرة إلى أن محافظة حماة شهدت 6 خروقات، وحمص 4، وريف دمشق 5، وإدلب 6.
وحذّر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في بيان أمس، "من النتائج التي قد تترتب على الحملة العدوانية التي تنفذها مليشيات إيران وحزب الله وبشار الأسد ضد مدن وبلدات منطقة وادي بردى"، داعياً "الأطراف الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار لمنع أي انتهاك أو خرق لاتفاق الهدنة الشاملة"، مشيراً إلى أن "هذه الهجمة تُعتبر خرقاً واضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير".
كذلك برز أمس عامل لا يقل خطورة من الخروقات الميدانية، على مسار عملية الحل التي من المفروض أن تبدأ من وقف إطلاق النار، ليتبعها خلال شهر، تشكيل كل من النظام والمعارضة وفديهما إلى مفاوضات أستانة. إذ قالت "الفصائل الموقعة على اتفاق الهدنة"، في بيان لها، إنها فوجئت أن "النسخة التي وقّع عليها النظام مختلفة عن نسخة الفصائل الثورية". البيان الموقع من 11 فصيلاً، ذكر أن "الاتفاقية الموقعة من طرفنا مع الحكومة الروسية نصّت بوضوح على أن النظام سيقوم بتوقيع وثيقة مماثلة لها، لنتفاجأ بأن النسخة التي وقع عليها النظام مختلفة عن نسخة الفصائل الثورية في عدة مواطن، كما حُذفت منها نقاط رئيسية وجوهرية غير قابلة للتفاوض".
وذكر البيان، بناء على ذلك، ست نقاط، أكدت الفصائل الموقعة عليه، التزامها "منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ بوقف إطلاق النار، رغم انتهاكات متكررة كان أكثرها وقاحة محاولات النظام المستمرة مع حزب الله اقتحام وادي بردى"، معلنة أن "استمرار النظام في خروقاته يجعل الاتفاق لاغياً"، مع توجيه دعوة لـ"الطرف الروسي الذي وقع الاتفاقية كضامنٍ للنظام وحلفائه أن يتحمل مسؤولياته".
ورفضت الفصائل في البيان "أي استثناء داخل اتفاق الهدنة"، معتبرة "وجود الاستثناءات إخلالاً بما تم الاتفاق عليه"، مع تأكيدها الالتزام "الكامل بوقف إطلاق النار، وفق هدنة شاملة لا تستثني أي منطقة، أو فصيل يتواجد ضمن مناطق المعارضة"، وأنها "معنية فقط بما تم التوقيع عليه من قبلنا، وأي اتفاق لم نوقّع عليه لسنا معنيين به على الإطلاق"، داعية "مجلس الأمن إلى التمهل في تبني الاتفاق الذي تم بيننا وبين الحكومة الروسية، ريثما تلتزم روسيا بتعهداتها، وتحقق التزامها بضبط النظام وحلفائه".
من جهته، قال زكريا ملاحفجي، مسؤول المكتب السياسي في "تجمع فاستقم"، أحد فصائل الجيش الحر الموقّعة على البيان، إن "هناك اختلافات جوهرية في نص الاتفاق، بين الذي طُرح للمعارضة ووقّعت عليه، وبين ما تبين لاحقاً أنه سُلم للنظام، وهذا ما دفع المعارضة لإصدار بيانٍ توضح فيه ملابسات ما يجري"، مشيراً إلى أن المعارضة من جهتها "توثق حالياً الخروقات التي يرتكبها النظام، وقد أرسلنا للأتراك والروس هذه الخروقات المستمرة، على أمل أن يتم ضبطها من قبل الروس الضامنين من جهتهم لقوات النظام والمليشيات المتحالفة معه". وأضاف ملاحفي في حديث مع "العربي الجديد"، أن "فصائل المعارضة ملتزمة فقط بما وقّعت عليه، ونحن حالياً نقيم المعطيات بإطارها العام، وننتظر توضيحات حول النقاط المختلفة الصياغة بين النص الذي وقعنا عليه والنص الذي قُدّم للنظام السوري"، مؤكداً أن "استمرار الخروقات سيؤدي حتماً لفشل الهدنة".
وكانت قد انتشرت في وسائل إعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، الوثيقة التي وقّعت عليها فصائل في المعارضة السورية المسلحة في أنقرة، لتظهر بعد ذلك وثيقةٌ يُعتقد أنها التي قُدّمت من الروس للنظام، مُذيلة بتوقيع اللواء شوقي أحمد يوسف "نائب رئيس هيئة العميات في الجيش السوري"، وتحوي تبايناً في نقاط عدة عن تلك التي قُدمت للمعارضة.
وفيما كانت الفصائل المسلحة الـ11 قد شددت في بيانها على أن موافقة المعارضة كانت على وقف إطلاق النار "شامل لا يستثني أي منطقة أو فصيل ثوري في سورية"، فإن تصريحات عديدة من الجانب الآخر خالفت هذا الأمر، أبرزها للسفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، والذي قال إن الاتفاق يستثني "جبهة فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً). وهي نقطة جوهرية بالنسبة للمعارضة، لأن استبعاد "فتح الشام" من الاتفاق، يعني أن بإمكان النظام وحلفائه، استهداف أي منطقة تسيطر عليها المعارضة بحجة وجود الجبهة فيها.
ولم تتوقف التباينات في النصين على ذلك، إذ إن المعارضة شددت على أن العملية السياسية يجب أن تستند إلى بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254، فيما ذكرت ورقة النظام أنه لا بد من العملية السياسية في سورية "مسترشدين بالقرار 2254 لمجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة"، وتستبعد هذه الصيغة أي استناد إلى مقررات جنيف.
كذلك سُجّلت تباينات أخرى بين الورقتين، إذ فسّر النظام من جهته العملية بمجملها كـ"تسوية"، فيما اعتبرت المعارضة أن المسار المنطلق من وقف إطلاق النار، ومن ثم تشكيل وفدي التفاوض، هو مسار "الحل السياسي" بمشاركة مباشرة من الضامنين (روسيا وتركيا).
وعلّق سفير الائتلاف الوطني السوري في روما بسام العمادي، على اختلاف الورقتين الموقّعتين من النظام والمعارضة، بالقول إن روسيا "خدعت" المعارضة المسلحة في اتفاق وقف إطلاق النار. وأوضح العمادي عبر صفحته في "فيسبوك"، أن الورقة التي وقّعها النظام "تقول إنه إعلان لوقف إطلاق النار وليس اتفاقاً، بما يعني أن نظام الأسد هو الطرف الأساس والمبادر بوقف إطلاق النار، وأن الفصائل الثورية انضمت إليه كتابع". وأوضح بأن "ورقة أنقرة" تشير إلى أن "الحكومة" ستشكل وفداً وأن هذا الوفد "سيبدأ بالعمل المشترك مع الطرف المعارض"، مضيفاً أن "العمل المشترك هنا لا يعني تفاوضاً، بل تعاوناً مع وفد الحكومة لوضع خارطة طريق من أجل تسوية الأزمة السياسية الداخلية في سورية، أي أن ما يجري، استناداً إلى الورقة هو أزمة سياسية داخلية، وليس ثورة تستلزم تغييراً شاملاً للنظام". وأضاف أن ورقة الاتفاق مليئة بـ"الأفخاخ، والعبارات الخاطئة، وغير المقبولة"، بهدف "إظهار الخداع والاستهتار الروسي بالثورة والثوار".