وكشفت مصادر سياسية وحكومية عراقية، لـ"العربي الجديد"، أن قراراً اتخذ خلال اجتماع انفض قبل قليل بين رئيس الحكومة وقادة عسكريين وقيادات في مليشيات الحشد يقضي بتسريح 30 في المائة من عناصر "الحشد"، مبينةً أنّ "القرار جاء على خلفية الأزمة الماليّة التي تعصف في البلد، والتي أثّرت بشكل كبير على رواتب الحشد الشعبي".
وأضافت المصادر عينها أنّ "القرار سيتم تطبيقه بأسرع وقت ممكن، وأنّه سيطبّق على كافة فصائل الحشد من دون انتقائيّة أو تمييز بين الفصائل".
وأكّدت مصادر عسكرية عراقية أخرى أنّ "القرار سيشمل جميع المليشيات البالغ عددها 53 وتتلقى دعماً مالياً من بغداد وعسكرياً من طهران يشمل الأسلحة والتدريب".
ولفتت المصادر العسكرية إلى أنه "سيتم توزيع نسبة التسريح على الفصائل بالتساوي وتلتزم بتقديم أسماء المستبعدين، وتتعهد بأن يكون نشاطها في مناطق قتال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وليس في المدن الخاضعة لسيطرة الأجهزة الأمنية كالجيش والشرطة".
من جهته، أكّد الخبير السياسي محمود القيسي، أنّ "القرار جاء باتفاق مع رئيس الحكومة حيدر العبادي، وهناك شكوك حول علاقته بالأزمة الماليّة التي تضرب البلاد".
وقال القيسي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "العبادي كان قد استعان قبل فترة بواشنطن على لجم الحشد الشعبي التي أصبحت جهة تشكّل خطراً كبيراً على وجود الحكومة، فضلاً عن الانتهاكات الكبيرة التي ارتكبتها"، مبيناً أنّ "واشنطن دعمت العبادي واتفقا على قطع رواتب الحشد ليتم تفكيكه من الداخل بدون أيّ مشاكل".
وأشار إلى أنّه "بعد هذا الاتفاق لن يتمكن قادة الحشد من تحقيق أي شيء تلافياً لذلك، وأجبروا على تسريح هذه النسبة، وهي بداية لتسريح الحشد بشكل كامل".
وكان نائب في "التحالف الوطني" الحاكم في العراق قد كشف لـ"العربي الجديد"، في التاسع من الشهر الجاري، أنّ "العبادي عقد اجتماعات عدّة مع المسؤولين الأميركيين ومنهم السفير الأميركي، بعد حادثة منع الأول من دخول المقدادية، وطلب من واشنطن الدعم لاتخاذ خطوات لحل الحشد الشعبي"، وأنّه (العبادي) حصل على دعم واشنطن لتفكيك الحشد من داخله، بطرق دبلوماسيّة ابتداءً من قطع الرواتب وانتهاءً بمنعه من المشاركة في المعارك المهمة كتحرير الأنبار والموصل.
يشار إلى أنّ رئيس الحكومة حيدر العبادي كان قد اعترف خلال مؤتمر ميونخ الأسبوع الفائت، بارتكاب مليشيات "الحشد الشعبي" جرائم ضد الإنسانيّة، وأنّها أفرزت جماعات خارجة عن إطار الدولة، مطالباً بتدخّل دولي لمكافحتها.
ولطالما حاول قادة التحالف الوطني الحاكم في العراق، إخفاء الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها مليشيات "الحشد"، خصوصاً في المناطق المحرّرة، والتي ترقى إلى جرائم إبادة جماعيّة، وأدينت من قبل منظّمات دوليّة ومنها منظّمة هيومن رايتس ووتش، ويعدّ اعتراف العبادي بتلك الانتهاكات الأوّل من نوعه، ما يشير إلى تغيّر في التعاطي الحكومي مع تلك المليشيات.
اقرأ أيضاً: العراق..العبادي يعلن استعداده للتنحي عن الحكم