الأردن و"الإخوان": الثأر والمصالحة

01 ابريل 2016
الانتخابات الداخلية للجماعة عنوان جديد للصراع (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
بشكل ممنهج ومدروس تواصل الدولة الأردنية الثأر من جماعة "الإخوان المسلمين" على خلفية دورها في الانتفاضات العربية التي طرقت أبواب المملكة بقوة قبل أن يصار إلى إحباطها من خلال مناورات سياسية حيناً والقوة الأمنية أحياناً أخرى. فالدولة لم تكتفِ بالقطع مع "الإخوان" ونزع الشرعية القانونية عن الجماعة عبر ترخيص جمعية سياسية أسسها قادة مفصولون من الجماعة لم يتمكنوا حتى الآن من وراثة الجماعة التاريخية تنظيماً وتأثيراً، ما جعلهم يتحوّلون تدريجياً إلى كيان معزول.

اليوم يبدأ فصل جديد من الصراع بين الطرفين عنوانه الانتخابات الداخلية للجماعة، وهو استحقاق دوري يجري كل أربع سنوات لاختيار قيادة جديدة للجماعة، حتماً ستؤدي إلى مغادرة القيادة الحالية التي تعتبرها الدولة "تأزيمية" لموقعها من دون عودة، بعد أن أعلن المراقب العام الحالي، همام سعيد، عزمه عدم الترشح لموقع المراقب مكتفياً بتربعه على عرش الجماعة الأردنية لدورتين متتاليتين.

لكن الدولة وعبر وزارة الداخلية قررت منع الجماعة من إجراء الانتخابات المقررة في الأسبوع الأول من أبريل/نيسان المقبل، مبررة قرارها بأن الجماعة غير قانونية، ومتكئة على اعتراض مقدّم من جمعية "الإخوان" السياسية يطالب بمنع الانتخابات، وهو الدور الوحيد الذي تُكرر الجمعية الإخوانية لعبه منذ ترخيصها والذي من خلاله يثبت أنها ما تزال موجودة.


منذ أشهر تبعث الجماعة رسائل إيجابية تحمل في طياتها رغبة في عودة المياه بينها وبين الدولة إلى مجاريها، فعدّلت نظامها الأساسي، وسجلت ملاحظات إيجابية على قانون الانتخابات، إذ تنعقد النية غير المعلنة لديها على خوض الانتخابات النيابية المقبلة بعد مقاطعة لمرتين متتاليتين، وعبّرت عن تضامنها ووقوفها في صف الدولة في مواجهة خطر الإرهاب الذي حاول أن يضرب داخل الدولة، لكنها رسائل لم تصل أو لم تتوفر الرغبة لدى الدولة في التقاطها.

أمام الدولة و"الإخوان" فرصة تاريخية لإعادة تصويب العلاقة بينهما، وهي الفرصة التي تتطلب من الدولة العودة للتعامل مع "الإخوان" كملف سياسي لا أمنيّ، بعد أن أثبت الخيار الأمني فشلة في تقزيم الجماعة القوية.