تتالت ردود أفعال قوى سياسية وناشطين مصريين على المبادرة التي أطلقها المرشح الرئاسي الخاسر، حمدين صباحي، تحت عنوان، "صناعة البديل". وهي مبادرة لتجميع القوى الوطنية المدنية، لإيجاد بديل وطرح حلول للمشاكل التي تعاني منها مصر، ومن ضمنها العدالة الاجتماعية، بعد فشل النظام الحالي في إنجاز أي تقدم من أهداف ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
ويروّج صباحي وعدد من الشخصيات العامة وأحزاب التيار الديمقراطي، لفكرة تشكيل كيان معارض للنظام الحالي بهدف طرح بديل عنه، خصوصاً مع تفكّك معسكر 30 يونيو، وتراجع شعبية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ضوء الأزمات الاقتصادية، وتراجع أوضاع حقوق الإنسان، والاعتقالات العشوائية، والتنكيل بالمعارضين.
وعلى الرغم من عدم ذكر نصّ المبادرة التي خرجت في صورة بيان من دون تنظيم مؤتمر صحافي، على الدعوة لإسقاط السيسي صراحة، يدعو مضمونه إلى ذلك، من خلال توحيد جهود كل الأحزاب والشخصيات المعارضة للرجل. ويؤكد صباحي أنه جزء من المبادرة وليس قائداً لها. لكن تصدره المشهد، يؤكد أنه يدير الأمور. وقال صباحي في إحدى المناسبات العامة، أخيراً، إنه يسعى من خلال المبادرة لتوفير بديل حقيقي للنظام الحالي، حتى إذا قامت موجة ثورية جديدة، يكون البديل حاضراً، وكانت تلك أزمة 25 يناير و30 يونيو، على حدّ تعبيره.
وفجّرت دعوة صباحي جدلاً بعد إعلانه عن إطلاق تشكيل سياسي تحت اسم "اللجنة التحضيرية لتوحيد القوى المدنية"، إذ بادر عدد من الأحزاب المملوكة لرجال أعمال مصريين بشن حملة ضارية عليها، واصفين الدعوة بـ"الهدّامة". وكان في مقدمة هؤلاء، حزب "مستقبل وطن"، صاحب ثاني أكبر هيئة برلمانية في مجلس النواب، والمقدرة بـ51 نائباً. ويقوم بتمويل هذا الحزب، رجل الأعمال المقرب من أجهزة الدولة السيادية، أحمد أبو هشيمة.
وتأتي الدعوة في وقت قالت فيه مصادر في التحالف الجديد الذي يشكله صباحي، ويضم وزير القوى العاملة السابق، كمال أبو عيطة، إنّه يسعى لتحويله إلى حزب يمثل المعارضة المصرية، في الفترة المقبلة، على أن تتم دعوة أحزاب ثورة 25 يناير للانضمام إليه. وتضمّنت دعوة صباحي التي أطلقها، 7 بنود أهمها؛ "توحيد القوى المدنية لخلق بديل مدني، والحفاظ على الوطنية المصرية، وتحقيق أهداف ثورتَي 25 يناير و30 يونيو، والتمسك بتطبيق مواد الدستور التي تحمي حقوق الأفراد، وتفعيل إجراءات العدالة الاجتماعية، وتنشيط عمل المنظمات النقابية".
اقرأ أيضاً مصر: التحقيق ببلاغ يتهم حمدين صباحي بمحاولة قلب النظام
في هذا السياق، يقول أحد قيادات حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الذي يفكر جديّاً في الانضمام لتحالف صباحي، إنّ "التصور الذي طُرح علينا قريب من تصور جبهة الإنقاذ التي تشكّلت أيام الرئيس المعزول محمد مرسي". فيما قال صباحي، في تصريحات صحافية، إن "المبادرة ليست جديدة بل هي محصلة حوار طويل يهدف أساساً إلى تنظيم القوى السياسية الوطنية الديمقراطية المدنية، المؤمنة بثورة 25 يناير".
وأضاف صباحي أن الهدف من المبادرة هو تقوية الأحزاب والقوى المدنية، لافتاً إلى أن الخطوة الأولى ستكون باندماج حزبَي التيار الشعبي والكرامة. وأوضح أنّ مبادرتهم "ستعمل على تقديم بدائل سياسية واقتصادية شاملة وستُطرح على الشعب. وإذا أرادت الحكومة أن تأخذ بها فلتأخذ"، على حدّ قوله. وحول ما إذا كانوا يسعون لدعم بديل يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال صباحي "لا يعنينا من يكون على رأس السلطة، ولا نسعى لها، لكن كل ما يهمنا هو تحقيق آمال الشعب".
من جانبه، قال القيادي في جبهة طريق الثورة "ثوار"، رامي شعث، في تصريحات صحافية، إن "المبادرة التي طرحها صباحي ليست الأولى. لكن هذه المرة، الاختلاف جذري في حديثه لتوحيد جميع القوى المدنية والثورية الراغبة في التغيير بجميع أشكاله الحقيقية لخلق بديل متكامل بعد فشل النظام الحالي".
وأضاف شعث أنّه على الرغم من طرح صباحي للحديث عن توحيد الصف، فإنّ "هذه المبادرة ستفشل"، وذلك بسبب دعوة صباحي للقوى التي ترى أن 30 يونيو هي "ثورة" بناء على ما ورد في صياغته الأخيرة للمبادرة. وهو ما ترفضه قطاعات كبيرة من الشخصيات السياسية التي عادت إلى معارضة النظام بعد تأييدها له، نتيجة رؤيتهم أن النظام السياسي الحالي استغل 30 يونيو للسطو على السلطة. لذلك لم توافق تلك القوى على دعوة صباحي للحوار المجتمعي أو تدشين كيان يعترف بـ"30 يونيو" كثورة حقيقية، على حدّ تعبيره. وأوضح شعث أنّ صباحي عرض عليه المبادرة قبل طرحها بأسبوعين تقريباً، لكنه حذره من الحديث بشأن عدم ربط صياغة المبادرة بـ30 يونيو، لكنه لم يستجب لتلك النصائح.
بدوره، قال القيادي في حركة "الاشتراكيون الثوريون"، محمود عزت إنّ المبادرة التي أطلقها صباحي غير واضحة المعالم أو الأهداف، مشيراً إلى أن الموقف السياسي لصباحي من النظام الحالي غير معروف أو واضح للجميع. الكل يسأل عمّا إذا كان هدف المبادرة معارضة النظام أم موالاته. وتساءل عزت، في تصريحات صحافية، عمّا إذا كان طرح البديل ضد النظام العسكري وطرح بديل لرئاسة الجمهورية أم من القوى السياسية والثورية، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم يتم عرض المبادرة عليه أو دعوتهم للمشاركة فيها، مؤكداً أنه في حال دعوتهم سيكون القرار لقيادات الحركة.
اقرأ أيضاً: ذهب عكاشة وجاء حمدين