اجتماع دعم ليبيا في تونس: تمكين حكومة السرّاج أولوية

تونس
D8A6CEA0-1993-437F-8736-75AB58052F84
وليد التليلي
صحافي تونسي. مدير مكتب تونس لموقع وصحيفة "العربي الجديد".
12 ابريل 2016
E20F5551-F96D-45FF-9032-C7B14D7F29FE
+ الخط -
يقف المجتمع الدولي، الذي يشارك ممثلون عنه في الاجتماع الخاص بليبيا الذي يعقد اليوم الثلاثاء في العاصمة التونسية، أمام العديد من الأسئلة التي يطرحها الليبيون عليه، وتحديداً حول مشروعه الحقيقي في ليبيا وكيف سيغير الوضع الحالي في المنطقة، في الوقت الذي تحول فيه الملف الليبي إلى موضوع سجال عن بعد بين البيت الأبيض والكرملين.
وتتجه كل الأنظار إلى مؤتمر تونس لمعرفة ما إذا كان سيتخذ إجراءات عملية وملموسة لدعم حكومة الوفاق أو أنه سيكون مجرد واجهة خطابية، ولمعرفة ما إذا كان المجتمع الدولي سيقوم بواجبه تجاه حكومة فائز السرّاج الذي التزم تقريباً بكل المطلوب دولياً وغامر بالانتقال إلى طرابلس قبل نحو أسبوعين وبدأ في حصد إجماع شعبي هام يمكن البناء على أسسه، من دون أن يتمكن إلى الآن من تذليل كافة العقبات التي تواجهه.



وتحتضن العاصمة التونسية اليوم اجتماعاً كبيراً يضم أكثر من 15 مؤسسة مالية ومنظمة إقليمية ودولية متخصصة، و40 دولة عربية وغربية. وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أعلنت أول من أمس (الأحد)، أنها ستستضيف بالتعاون مع المملكة المتحدة، اجتماعاً يضم كبار المسؤولين الرسميين، لتمكين حكومة الوفاق الوطني من تحديد الأولويات الفورية للمساعدة الدولية. وقالت البعثة إن الاجتماع سيناقش أيضاً الاتفاق على تنسيق الدعم الدولي لحكومة السراج. وأضافت أنه من المتوقع أن تحضر هذا الاجتماع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى ممثلي البلدان التي دعمت تنمية ليبيا، أو تنوي تقديم هذا الدعم للحكومة الجديدة، وممثلي دول الجوار.
ويبدو من الغريب، شكلاً ومضموناً، أن ينظم المؤتمر من قبل الأمم المتحدة وسفارة المملكة المتحدة في ليبيا، وكأن بريطانيا هي الشريك الوحيد أو الأساسي لبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا. في المقابل، كان من المعقول والمنطقي أن تنضم تونس أو دول الجوار أو حكومة الوفاق أو الاتحاد الأوروبي إلى البعثة الأممية في تنظيم لقاء بهذا الحجم وبهذه الأهمية. لكن التنظيم بهذا الشكل يطرح أكثر من علامة استفهام، ويعكس بالتأكيد أكثر من حقيقة حول من يمسك بخيوط اللعبة الدولية في ليبيا. من جهتها، اكتفت وزارة الخارجية التونسية بالإشارة الى أن وزير الخارجية، خميّس الجهيناوي، سيشارك في الجلسة الافتتاحية، وسيجدد دعم تونس لحكومة الوفاق.
وبكل الأحوال، يشكل اجتماع اليوم رسالة قوية إلى كل الفرقاء الليبيين على تصميم المجتمع الدولي في دعم حكومة الوفاق، وإثناء بعض الرافضين عن الاستمرار في هذا الاتجاه وحسم خياراتهم بشكل سريع ونهائي، لإنهاء الجمود السياسي الذي يميز المشهد الليبي، حيث يراوح مكانه بين نفس الداعمين والمعارضين، مع تغييرات طفيفة لا يبدو أنها بدّلت في المشهد كثيراً منذ وصول السراج إلى طرابلس.



وكان السفير البريطاني، بيتر ميليت، دعا يوم الخميس الماضي، المليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس إلى الانسحاب من المناطق السكنية إلى المناطق التي تحددها لجنة الترتيبات الأمنية التابعة للمجلس الرئاسي. كما دعا الأطراف الليبية إلى تأييد حكومة الوفاق ونقل كامل السلطات إليها. وهو ما يشكل حجر الزاوية في المشهد الليبي، إذ بقي الوضع السياسي والأمني في طرابلس تقريباً كما كان عليه منذ أسابيع. اشتباكات متفرقة بين الحين والآخر، وهدوء حذر يهدد بالانفجار في أية لحظة، ورفض من المؤتمر الوطني العام وحكومة طرابلس برئاسة خليفة الغويل للتسليم بالأمر الواقع الجديد، برغم التقدم الذي أحرزته حكومة الوفاق في جمع تأييد بعض مكونات المشهد الليبي. لكن يبقى هذا الأمر غير كافٍ لبداية عملها الفعلي في تنظيم الحياة في ليبيا والتصرف كحكومة قوية حقيقية ووحيدة تتحدث باسم الليبيين.
وعلى الرغم من أنّ الوضع في طرابلس بقي على نفس تعقيده وأبقى على نفس خلافاته، إلا أنه حقق بعضاً من التقدم مقارنة بالمشهد في الشرق، حيث انتظر الليبيون بحماسة ما ستؤول إليه اجتماعات رئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح، في القاهرة، مع نائبيه محمد شعيب وأحميد حومة المختلفين معه حول منح الثقة لحكومة السراج. ولكن موقف صالح كان مخالفاً في العمق لما حملته تصريحاته في الظاهر، إذ أعلن أن المجلس سيجتمع "خلال الأسابيع المقبلة" للنظر في الإعلان الدستوري ومنح الثقة لحكومة الوفاق. وتؤشر مسألة "الأسابيع المقبلة" إلى عدم حصول اتفاق في القاهرة بضرورة التسريع في عقد هذه الجلسة البرلمانية التي يستعجلها الجميع، بمن فيهم المبعوث الأممي مارتن كوبلر، الذي يبدو متناقضاً جداً في تصريحاته حول هذه المسألة. ويحثّ كوبلر "بشدة مجلس نواب طبرق على الانعقاد فوراً من أجل التصويت على حكومة الوفاق الوطني"، ويقرّ بأن منح الثقة "حق أصيل للبرلمان"، لكنه يعود ويصرح بـ"أنه يمكن اعتماد وثيقة النواب الـ 101 الموقعين على اعتماد حكومة الوفاق".
ويرى مراقبون أن تصريحات صالح غير منطقية أمام الضغط الدولي المستعجل، وأنها فقط لحفظ ماء الوجه، لأن أحداً لا يمكنه انتظار هذا الموعد المفتوح الذي أعلنه. وفيما تم الإعلان عن اجتماع صالح بنائبيْه في البرلمان في القاهرة، لم تتسرب أية اخبار عن اللقاء الذي كان منتظراً بينه وبين فائز السرّاج ونائبه أحمد معيتيق. ويبدو أن صالح، المرابط في نفس الموقف، يراقب المشهد العام المحلي والدولي وما ستؤول إليه الأوضاع، خصوصاً في ما يتعلق بمسائل أساسية يتقدمها وضع برقة في المشهد السياسي الجديد، فضلاً عن الجيش وقائده خليفة حفتر الذي وصفه بأنه "الخط الأحمر" بحسب تعبيره سابقاً.
في غضون ذلك، يؤكد مطلعون على الشأن الليبي لـ "العربي الجديد" أنّ توقيت حوار حفتر مع جريدة الأهرام المصرية، لافت جداً، حيث جاءت التصريحات وكأنها رد على اتفاقات أو حوارات غير معلنة مع بعض الأطراف الدولية. ويعتبر المراقبون أنفسهم أنّ حفتر أكد في الحوار "ما طُلب منه" من دعم شرعية حكومة الوفاق وعدم رغبته في القيام بانقلاب، من خلال تأكيده رفض مقترح المجلس العسكري ووضع المؤسسة العسكرية تحت تصرف الدولة وليس الجهات أو الأحزاب.
وكان موقف حفتر واضحاً في هذا الاتجاه عندما قال "نحن دائما ننأى بأنفسنا كعسكريين عن الشأن السياسي، ونكرس كل اهتماماتنا على واجباتنا الوطنية تجاه شعبنا، وسنكون داعمين لأي حكومة وفاق يمنحها البرلمان الثقة، باعتباره الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي، وستكون علاقتنا بها وتعاملاتنا معها وفق ما تنص عليه القوانين النافذة، ولو أن الجيش غمس نفسه في هذه التجاذبات السياسية لما استطاع أن يطور نفسه ويلحق الهزيمة بالإرهاب"، على حد قوله. وعن مسألة إقالته بحكم الاتفاق السياسي، أكد حفتر أنه "في ما يتعلق بمسألة الإقالة فإن القانون الذي يصدره البرلمان هو الذي يحدد الجهة المخولة بذلك، ونحن نحترم القانون ونقف عنده".
وعلى الرغم من أنّ حفتر احتفظ لنفسه ببعض الأوراق بالإعلان أنه "يحارب الإرهاب، وأنه لن يصمت إذا تدهورت الأوضاع السياسية"، فإن تصريحاته مهدت بشكل كبير لإيجاد تسوية، هي بالضرورة حتمية لأية حكومة، لا يمكنها وضع هذا الجيش في قائمة الأعداء الطويلة أصلاً. 

ذات صلة

الصورة
عناصر من قوات الامن الليبية في طرابلس 26 أغسطس 2024 (محمود تركية/فرانس برس)

سياسة

قُتل عبد الرحمن ميلاد المعروف بـ"البيدجا" في مدينة الزاوية الليبية، غرب طرابلس، على يد مسلحين مجهولين، وهو مطلوب دولياً وأحد قادة المجموعات المسلحة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.