وتحشد قوات مشتركة من الجيش العراقي و"البشمركة" الكردية، والحشد الوطني (مقاتلون من عشائر الموصل)، على أطراف الموصل، خصوصاً في قضاء مخمور التابع لمحافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، سعياً لتحرير مدينة الموصل التي يسيطر عليها "داعش" منذ يونيو/حزيران 2014. ويساعد طيران التحالف الدولي القوات البرية بضربات جوية مركزة على أهداف للتنظيم داخل المدينة. لكن يتوضح من بيانات وزارة الدفاع العراقية أنّ الأيام الأخيرة لم تشهد أي تقدم للقوات العراقية، وكانت تعلن عن هروب عائلات من الموصل واستقبالهم من قبل القوات العراقية في قضاء مخمور، وتأمين مأوى لهم في مخيمات خاصة.
في المقابل، يواصل تنظيم "داعش" قصف مواقع للقوات المشتركة على أطراف الموصل، وهو ما تؤكده مصادر أمنية لـ"العربي الجديد"، بالإضافة إلى بيانات القوات العراقية و"البشمركة" الكردية. ووفقاً لقائد عسكري عراقي رفيع المستوى، فإن المرحلة الأولى كانت مخيّبة للآمال ولم تحقق أكثر من 20 في المائة منها. ويضيف الضابط العراقي من بغداد لـ"العربي الجديد" أنّه "يمكن اعتبار الخطة الحالية فشلت، لكن لا يمكن وصف المرحلة الأولى بذلك، لا نزال داخل هذه المرحلة، ونعد خططاً جديدة باستمرار".
ويعزو سبب التلكؤ إلى قوة دفاعات "داعش"، والتضاريس الجبلية، وحقول الألغام، وكثرة الانتحاريين في تلك المنطقة". ويؤكد الضابط ذاته أنّ "الحراك الحالي الوحيد من يوم 18 إبريل/نيسان الحالي لغاية اليوم يعود للطيران والمدفعية التابعة للتحالف الدولي". ويضيف أنّ "واشنطن كانت تعول كثيراً على القوات البرية وقوات تحرير الموصل التي دربتها، ولكن ثبت أن تلك القوات لا تزال بحاجة إلى مزيد من التدريب".
من جانبه، يرى النقيب العراقي محمد الجبوري أن مواصلة تنفيذ خطة تحرير الموصل تحتاج إلى وقت أطول، بالاعتماد على ما يحققه طيران التحالف من نتائج، وذلك لصعوبة توغّل القوات البرية بوجود عوائق مختلفة منها؛ الطرق الملغّمة التي تمنع تقدّم تلك القوات. ويضيف الجبوري لـ"العربي الجديد" أن عناصر "داعش" يباغتون، باستمرار، قطعات القوات العسكرية في مواقع تمركزها، بسيارات ملغّمة، أو هجمات صاروخية، لافتاً إلى "تمتع داعش بقناصين يجيدون إصابة الأهداف من مسافات بعيدة جداً"، على حدّ تعبيره.
وكانت الحكومة العراقية قد أرسلت تعزيزات عسكرية من الجيش العراقي بينها الفرقة 15، وعدد من الألوية مدعومة بدبابات ومدرعات أسلحة ثقيلة إلى معسكر مخمور (50 كيلومتراً جنوب شرق الموصل) قبل نحو شهرين. ودارت معارك أولية بين القوات العراقية وتنظيم "داعش" في عدد من القرى والأرياف التابعة للموصل، لكنها كانت مخيبة لآمال كثير من الخبراء والمراقبين، إذ تكبدت خلالها القوات العراقية خسائر كبيرة انتهت بانسحاب عدد من تشكيلاتها.
ويأتي ذلك، في الوقت الذي أكدت قوات "البشمركة"، في بيانات سابقة، خلال فترة انطلاق عملية تحرير الموصل، أنّ تنظيم "داعش" استهدف قواتها بقذائف محمّلة بغازات سامة، وهو ما أدى إلى وقوع إصابات بين صفوفها. واتهمت الولايات المتحدة التنظيم باستعمال الأسلحة الكيميائية ضد "البشمركة" في معارك بمنطقة مخمور، في أغسطس/آب الماضي. وتخشى "البشمركة" من اتساع رقعة المواقع التي يقوم "داعش" بقصفها بواسطة القذائف المحملة بالغازات الكيميائية، التي لا تزال محدودة، في ظل عدم توفر أية تجهيزات وقائية لمنع تأثيراتها. فيما تطالب قيادة الإقليم دول التحالف الدولي بتجهيز "البشمركة" ببزّات وأقنعة واقية، ولم تستجب لذلك سوى ألمانيا التي أعلنت عن استعدادها لإرسال ألف قناع.
ووجّه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أخيراً، طلباً لوزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، خلال زيارة الأخير إلى بغداد، الأسبوع الماضي، لتوفير الغطاء الجوي اللازم للقوات العراقية في معركة الموصل، وزيادة عدد المستشارين الأميركيين المشرفين على تدريب القوات العراقية. وهو ما جاء عقب تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أكد زيادة عديد قواته في العراق بنحو 200 جندي آخر، بينهم مدربون فنّيون وقوات خاصة. وبحسب مصادر عسكرية، نشرت واشنطن في العراق 3870 جندياً، لكنهم لا يشاركون في المعارك بشكل مباشر، في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة زيادة عدد جنودها إلى نحو 4 آلاف جندي لمهام قتالية وأخرى فنية.