وبعد عودة مشار، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى "تشكيل فوري لحكومة وحدة وطنية" في جنوب السودان.
وتعتبر عودة زعيم المعارضة على طائرة تابعة للأمم المتحدة خطوة مهمة في الجهود الدولية لدفع الحكومة والمتمردين إلى تطبيق اتفاق السلام الذي جرى توقيعه في أغسطس/ آب.
واعتبر بان عودة مشار وأداءه اليمين نائبا للرئيس "يمثلان مرحلة جديدة في تطبيق اتفاق السلام".
بدوره، طالب مجلس الأمن الدولي "جميع الفرقاء، بحزم، بسرعة تشكيل حكومة انتقالية وبالتطبيق الكامل لاتفاق السلام"، وذلك وفق ما أعلن رئيس مجلس الأمن، السفير الصيني ليو جيي، والذي أضاف: "يبقى هناك عمل كثير لإتمامه تحقيقا للسلام والاستقرار" في البلاد.
وطالب أعضاء المجلس الخمسة عشر أطراف النزاع باحترام القانون الدولي الإنساني، وتسهيل وصول المساعدات إلى السكان، وبتأمين "حرية التحرك" لعناصر بعثة الأمم المتحدة.
ودعت سفيرة الولايات المتحدة في المجلس، سامانثا باور، إلى "تشكيل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت"، وشددت على ضرورة أن تجري هذه الحكومة "إصلاحات في مجالي الاقتصاد والأمن"، متحدثة عن أهمية وضع حد للإفلات من العقاب.
واعتبرت باور أنه "لن يكون هناك سلام إلا إذا كانت هناك عدالة"، قائلة إن عودة مشار "هي أفضل حدث في جنوب السودان منذ وقت طويل"، وأن على مجلس الأمن مواصلة الضغط على المعسكرين.
أما نظيرها البريطاني، ماثيو ريكروفت، فاعتبر أن عودة مشار "لحظة في منتهى الأهمية"، حاضا الحكومة الانتقالية على "اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لإعادة وضع البلاد على المسار الصحيح".
وكرر نائب سفير جنوب السودان لدى الأمم المتحدة، جوزيف موم مالوك، أمام المجلس التأكيد على "الإرادة الحازمة لحكومة جنوب السودان لتطبيق اتفاق السلام بالكامل، رغم التأخير" الذي حصل.
وتوقع تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة "خلال يوم أو يومين بعد مشاورات مع مختلف الأطراف في البلاد".
كما قال رئيس قوات حفظ السلام الأممية في اجتماع مجلس الأمن، هيرفي لادسو، إن عودة مشار "يجب أن تفتح فصلا جديدا، والسماح ببدء انتقال حقيقي"، وفق ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وأضاف: "من المهم أن تستغل الأطراف هذه الفرصة لتظهر إصراراً حقيقياً على التقدم في عملية السلام".
وراح ضحية تلك الحرب نحو 300 ألف شخص، فضلاً عن تشريد ما يزيد على مليونين آخرين.
وفور عودته إلى جوبا، أدى مشار اليمين في القصر الرئاسي، وقال: "التزم تماماً تطبيق هذا الاتفاق بحيث تبدأ عملية المصالحة والتعافي في أسرع وقت، وليتمكن الناس من الإيمان بالبلد، والذي قاتلوا من أجله لوقت طويل".
وكان من المفترض أن يصل مشار إلى جوبا منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لكن عملية وصوله تأخرت لمرات عدة بعضها، بسبب تأخر التفاهمات في ما يتصل بتفاصيل تنفيذ الاتفاقية، والآخر بسبب عراقيل، ليصل أخيراً تحت ضغط إقليمي ودولي.
ووفقاً للاتفاقية، يفترض أن يعلن الرئيس الجنوبي عن تمرير مرسوم جمهوري يقضي بحل الحكومة الحالية، تمهيداً لإعلان الحكومة الجديدة التي ستحكم الفترة الانتقالية المقدرة بثلاثين شهراً تبدأ بإعلانها.
وقال الناطق الرسمي باسم المعارضة المسلحة وليام ازيكيل، لـ"العربي الجديد"، إن مشار ينخرط فور أدائه القسم في اجتماع ثلاثي مع الرئيس الجنوبي ونائبه جيمس واني ايقا للاتفاق على إعلان الحكومة الجديدة وخارطة المرحلة المقبلة. وأشار كذلك إلى وجود اتفاق مسبق يقضي بقيام كل من سلفاكير ومشار بإلقاء خطاب جماهيري موحد معني بالسلام في الأيام المقبلة.
ولوحظ فتور أثناء استقبال مشار بجوبا، إذ غابت الاحتفالات الشعبية المرحبة بعودة الرجل الذي خرج هاربا منها، واقتصرت على الطابع الرسمي بعدما استقبله نائب الرئيس فضلا عن قادة المعارضة المسلحة. من جهته، اكتفى مشار بإلقاء كلمة قصيرة عند عودته بالمطار أكد خلالها التزامه بالسلام والسعي لتحقيقه.
ويرى مراقبون أن الفتور الذي قابلت به الحكومة في جوبا عودة مشار ومن قبله رئيس هيئة أركانه قد يكون مؤشراً لما ستواجهه الفترة الانتقالية من تعثرات قد تضع الطرفان في مواجهات.
وبحسب إفادات مصادر بالمعارضة المسلحة، فإن تقارير أكدت وجود خطورة على حياة مشار بجوبا من قبل الأطراف الحكومية النافذة والرافضة للاتفاقية بشكلها الحالي، لا سيما قادة كبار في الجيش، وهو ما أسهم بشكل فعلي في تأخر عودة مشار، مشيرة إلى أن الطرفين يحتجان وقتا لإعادة بناء الثقة.