حلّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بغداد، في الذكرى الثالثة عشرة لسقوط العاصمة العراقية، وجاءت زيارته هذه المرة لإنقاذ التشكيلة الحكومة الجديدة التي قدّمها حيدر العبادي، بعدما بدت الصورة قاتمة أمام هذه التشكيلة، مع إصرار كتل سياسيّة على رفضها وعدم تمريرها في البرلمان، متّبعة كافة الطرق للحؤول دون منحها الثقة.
ويكشف مسؤول قريب من مكتب العبادي، لـ"العربي الجديد"، أنّ كيري وصل أمس إلى بغداد لإيجاد حلٍ لانتشال الحكومة من بين مؤامرات الكتل السياسيّة، والدفع باتجاه تمريرها ولو جزئياً في البرلمان، موضحاً أنّ "كيري التقى العبادي وبحث معه الأزمة السياسيّة". ويكشف أن كيري أكد للعبادي دعم واشنطن له وللتشكيلة الجديدة، وأنها ستسعى لتقريب وجهات النظر مع قادة الكتل لتمرير هذه التشكيلة، مشيراً إلى أن الوزير الأميركي وعد العبادي بالضغط على قادة الكتل السياسيّة الكردية والسنيّة والشيعية، للقبول بالتصويت على التشكيلة في البرلمان.
ويوضح المسؤول أن كيري أكد أنّ واشنطن ستدعم العراق لتجاوز أزمته الاقتصادية وتسهيل الدعم الدولي للبلاد أيضاً في مجالات الاستثمارات، في حال تجاوز أزمته السياسية وأقر التشكيلة الجديدة، كاشفاً أن العبادي حصل على ضمانات من كيري لبقائه في منصب رئيس الحكومة، ودعم حكومته الجديدة وتمريرها، مرجّحاً "تمرير أسماء نحو 14 وزيراً خلال الجلسة المقبلة للبرلمان ومن ثم يقدّم العبادي وزيرين جديدين خلال الجلسة يُصوّت عليهما خلال جلسة أخرى".
في غضون ذلك تستمر بعض الكتل السياسية بمساعيها لإفشال مشروع العبادي، وتبنّي مشاريع جديدة يكون الدور فيها لقادة الكتل، كضمان للإبقاء على امتيازاتها، إذ أعلن رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عمّار الحكيم، "العمل على تقديم تشكيلة وزاريّة جديدة قادرة على إدارة البلاد خلال السنتين المقبلتين"، متجاهلاً التشكيلة التي قدّمها العبادي، فيما لوّح بـ"محاسبة من غامر بدماء الشهداء وخان الأمانة حساباً عسيراً". وقال الحكيم، في كلمة له أمام حشد من أنصاره أمس: "إنّكم (أنصاره) اليوم تتصدرون مشروع الإصلاح الكبير، لأنّكم أصحاب مشروع ورؤيا، فإنّكم وضعتم الحلول ورسمتم خارطة الطريق وأيّدتها كل القوى السياسيّة"، مشدّداً على "أننا سنعمل بقوة لتجاوز الحكومة أزمتها بأن نصل إلى تشكيلة وزاريّة تكون قادرة على قيادة العراق للسنتين المتبقيتين من عمر الحكومة".
إلى ذلك، دعا زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، البرلمان إلى التصويت على التشكيلة الحكوميّة خلال جلسة علنيّة تبث على الهواء مباشرة عبر قنوات التلفزة العراقيّة. وقال الصدر في بيان صحافي: "لست أنا من يطالب، بل الشعب أجمع يطالب الجهات المختصة بأن تكون جلسة البرلمان، التي يصوّت فيها على التشكيلة الوزارية التي طرحها العبادي، علنية وتُنقل مباشرة"، مبرراً ذلك بضرورة علم العراقيين بمن يصوت، ومن يرفض التصويت. وأشار زعيم "التيار الصدري" إلى أن أعضاء البرلمان هم صوت الشعب، و"عليهم ألا يحجبوا أي شيء عنه بأي شكل من الأشكال"، معتبراً حجب الحقائق "خيانة للشعب".
وتعليقاً على هذه التطورات، يرى الخبير السياسي محمد أنور، أنّ "كل الطرقات أغلقت بوجه العبادي من قبل الكتل السياسيّة، ولم يبق أمامه سوى الدعم الأميركي لحل الأزمة". ويقول أنور، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "وصول كيري جاء لإنقاذ العبادي وحكومته الجديدة من مؤامرات الكتل السياسية"، معتبراً أن "واشنطن لديها أوراق كثيرة تستطيع أن تساوم الكتل السياسيّة عليها، في حال أرادت تمرير الحكومة، ومنها جرائم المليشيات وإخضاعها للمحاكم الدوليّة وغيرها من الملفات التي تُعدّ ورقة تهديد للكتل السياسيّة". ويشير إلى أن "زيارة كيري الآن تؤكّد دعم واشنطن الكامل لتشكيلة العبادي، وأنّها ستضغط بقوة لتمريرها"، مرجحاً "نجاح الجهود الأميركيّة بفرض التشكيلة على الكتل وتمريرها في البرلمان".