بعد مقتل العشرات من المتطوعين في صفوفه في الأيام الأخيرة، اتّهم ناشطون وأهالي مخيم النيرب للاجئين الفلسطينيين في حلب شمال سورية، ما يسمى بـ"لواء القدس"، الموالي للنظام السوري، بتجنيد أبناء المخيم وزجّهم في معارك ضد مجموعات المعارضة المسلّحة، وإرسالهم بعيداً عن المخيمات الفلسطينية إلى جبهات القتال مع الجيش النظامي.
وقالت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، إنّ "المخيم شهد في الآونة الأخيرة حركة نشطة لمجموعة لواء القدس الموالية للنظام، حيث جرى عقد اجتماعات بقيادة مسؤول اللواء، المدعو محمد السعيد، في حين تمر دبابات لجيش النظام من المخيم باتجاه المطار القريب".
يأتي ذلك بعد إعلان اللواء مقتل أكثر من 50 من المنتسبين إليه الأسبوع الماضي في تفجير نفق جمعية الزهراء في حلب.
وقال الناشط الفلسطيني، المحامي أيمن فهمي أبو هاشم، إنّ اللواء يضم سوريين وفلسطينيين غالبيتهم من مدينة حلب، وقائده محمد السعيد مرتبط بالأمن الجوي. وقد شارك اللواء في العديد من المعارك في خطوط جبهات مدينة حلب وريفها. وفي الفترة الأخيرة حاول عناصر اللواء اقتحام مخيم حندرات الخاضع لسيطرة المغارضة، ولكنه فشل وقتل عدد منهم، ووقع آخرون في الأسر.
وأضاف أبو هاشم، وهو مسؤول ملف اللاجئين في الحكومة السورية المؤقتة، وينحدر من مخيم النيرب، أنّ أكثر من 60 من عناصر ما يسمى بـ"نخبة اللواء"، قتلوا في عملية تفجير بناء دار الأيتام في حي الزهراء، وهو ما ضاعف من نقمة الأهالي وتذمرهم، بسبب زج أبنائهم في معركة لم يحصدوا منها غير الموت والذل.
تمويل إيراني
وبين الناشط، أنّه "حتى الآن، فإنّ أكثر من 20 عنصرا من عناصر اللواء هربوا بعد حادثة التفجير، كي لا يلاقوا المصير نفسه"، مشيراً إلى أن "رواتب اللواء وتسليحه يتم من قبل الحرس الثوري الإيراني".
وقال أبو هاشم، إنّ "اللواء كان منذ تشكيله يعتمد على الشباب الفلسطينيين، ولكن غالبية عناصره اليوم من السوريين، وهم ينحدرون من أحياء متفرقة في حلب. ويقدر العدد الإجمالي لعناصر اللواء بنحو 1800 مقاتل".
وقال ناشطون من أبناء مخيم النيرب، إنّ "لواء القدس" يستغل تردي الأوضاع الاقتصادية وانعدام الموارد المالية للعائلات الفلسطينية وانتشار البطالة، ليغري الشباب برواتب مالية منتظمة، محذّرين من أن سلوك جيش النظام والمجموعات الموالية له من شأنها زج المخيم، الذي ما زال فيه نحو 15 ألف لاجئ فلسطيني، في الصراع الدائر بشكل مباشر.
وتشكل "لواء القدس"، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2013 دون إعلان رسمي، وهو يتكون من ثلاثة كتائب تتوزع عناصره في محيط مخيم النيرب، وقرب مطار النيرب العسكري والمدني، وكذلك في قرى العزيزة والشيخ لطفي وحيلان وغرب سجن حلب المركزي ومحيط مخيم حندرات، وفي محيط مبنى المخابرات الجوية وجامع الرسول الأعظم، وفي جبهة الراشدين غرب حلب.
ونصب عناصر هذا اللواء الحواجز في مخيم النيرب، واعتقل الشباب الفلسطينيين بالإضافة إلى افتتاح سجون في المخيم لاعتقال الشبان المناهضين للنظام، أو المعترضين على سلوك عناصر اللواء.
واللاجئون الفلسطينيون المنتمون إلى "لواء القدس"، ينحدرون من مخيمي النيرب وحندرات في حلب، ويسيطر النظام على الأول، بينما تسيطر المعارضة السورية على الثاني، وهو خال اليوم من سكانه. كما يضم مقاتلين من مدينة حلب وريفها الغربي والشمالي وكتيبة "الشبح الأسود" و"القمصان السود"، واتّخذ مقراً أساسياً له في مخيم النيرب، وتم افتتاح فرع له في مخيم الرمل باللاذقية، وقد حاول قائد اللواء التمدّد في المخيمات الفلسطينية بدمشق، إلا أن وجود مجموعات فلسطينية موالية للنظام هناك لم يساعد على ذلك.
وبحسب إحصائيات "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، فإن حوالي 37.30 في المائة من الضحايا الفلسطينيين خلال النصف الثاني من عام 2015، كانوا من العسكريين، حيث سقط (66) ضحية فلسطينية أثناء المعارك الدائرة بين النظام وقوات المعارضة المسلحة بنسبة (59) ضحية إلى جانب النظام و(8) ضحايا إلى جانب المعارضة.
ووثّقت المجموعة مقتل 160 من عناصر "جيش التحرير" منذ بدء الثورة السورية، في حين قدر فهمي أبو هاشم عدد ضحايا جيش التحرير الفلسطيني الذين قضوا منذ بدء الصراع بأكثر من 300 ضابط وصف ضابط ومجند، و"هناك من تم تصفيتهم على يد النظام، لأنهم أبدوا تبرمهم من القتال في معركة ليست معركتهم، عدا عمن انشقوا والتحقوا بكتائب الجيش الحر للدفاع عن أهلهم السوريين والفلسطينيين من بطش وإجرام النظام"، بحسب قوله.